" ربما يحتاج أبناء العدين في قادم الأيام إلى دموع المناضل محمد سالم باسندوة رئيس حكومة الوفاق الوطني فيما لو استمرت الاستجابة الرسمية لمطالبهم البسيطة هي الحلقة المفقودة بين مطالب عدة وقد استنزفت الشكوى دموعهم " يقول احد شباب العدين ذلك فيما كان عرقه لم يجف بعد عودته من المشاركة في مسيرة شهدتها العدين الأربعاء الماضي ، ويزيد " ربما نجد في دموع باسندوة ما يحصنا من ظلم المشايخ وقتلهم " ،في إشارة منه إلى مشهد بكاء المناضل باسندوة في جلسة "الحصانة " للرئيس صالح وكبار معاونيه التي شهدها مجلس النواب الشهر الماضي. يقتطع صوته فجأة ثم يعود متسائلاً بصوت خافت " تقل باسندوة سيرضى يبكي لأجلنا في العدين وقد خرجنا ننشد حياة كريمة وآمنة ؟ "يسأل بينما تشرق ابتسامة خفيفة من وجهه المتصبب عرقاً وأملا. فحتى كتابة هذا التقرير ليلة أمس الأول لم يسجل أبناء مديرية "غصن الزيتون" ( العدين ) أي استجابة رسمية فعلية قد تذكر لشكوى خرجوا يجلجلون بها ضد مشايخ سلبوا حقوقهم وصادروا حرياتهم وقهروا آدميتهم وقتلوا بعضهم ،إلا من وعود "مسكنات" لم ينقطع معها الأمل يتداول على إطلاقها مسؤولون بررة وآخرون فجرة ، فيما هي بنظر مراقبون مطالب تجاوزها الزمن ،لكن أبناء العدين مصممون على الكفاح من اجلها في معركة قد لا تبدو متكافئة في رأي كثيرين إلا أن في إصرار الشباب الجديد وإرادتهم الصلبة شيء من ملامح انتصار قريب وفجر صبي. وضد ما يقولون عنه " ثالوث الظلم والقهر والاستبداد " المخيم على المديرية عقوداً من الزمن يواصل أبناء عاصمة اللواء الأخضر انتفاضتهم السلمية التي بدؤها مطلع الشهر الماضي بحماس لم يتضاءل ووحدة لم توهن ، شعارهم الذي لا يفترون عن ترديده صباح مساء كما لو انه مأثور "سنظل نحفر في الجدار إمّا فتحنا ثغرة للنور أو متنا على ظهر الجدار" . وأخر لا يغفلون عنه " والذي ما يصفي حسابه مع ظالمه او يصدق بان المسامح كريم مات من غير ثمن ". الجمعة الفائتة أحيا أبناء العدين جمعتهم الرابعة بحضور جماهيري متزايد عن سابقه احتشد مع الصباح الباكر من معظم عزل وقرى العدين إلى ساحة " نصرة المظلوم " بمركز المديرية للتأكيد على استمرار انتفاضتهم الشعبية والمطالبة بالقبض على مشايخ متورطين في جرائم انتهاكات بحق مواطنين بسطاء وأبرياء من أبناء العدين وصلت حد قتل وإصابة عدداً منهم والإفلات من العدالة. وفي الجمعة التي استعرض فيها الخطيب سير بعض فراعنة التاريخ والمصير " المخزي " الذي انتهوا إليه بدءً من فرعون موسى إلى فراعنة العصر حيا شيخ العلم قاسم القيسي خطيب الجمعة الحضور وانتفاضتهم معتبراً أن الانتفاضة في العدين اوجب من أي انتفاضة أخرى في إشارة منه أوضحها تباعاً إلى واقع العدين المتخم بمظالم و ماسي تجاوزها الزمن ولازالت تمارس بصورة نشطة وجهورة من قبل أفراد يمنحون أنفسهم امتيازات خارجة عن الدين والأعراف و القوانين . وحث القيسي الحاضرين على الاستمرار و التلاحم والصبر لافتاً أن الغايات والمطالب لا تنال بالتمني ولا توهب وإنما بالانتزاع والمغالبة . وقاد المصلون عقب الانتهاء من صلاة الجمعة مسيرة غاضبة جالت الشارع العام بمركز المديرية وهتفت فيها الحناجر بشعارات طالبت بمحاكمة عادلة وعاجلة لكافة الجناة المتورطين في قضايا الدم والحقوق ، ونددت في ذات الوقت بسلطة المشايخ الساحقة للآدمية والسالبة للحقوق والقاهرة للهامات ، ودعت إلى إنهاء ظلمهم وبطشهم على المديرية ، كما رفع المشاركون لافتات تضمنت عبارات طالبت بمحاكمة عادلة وعاجلة ممن سفكوا الدماء وقتلوا الأبرياء إلى جانب رفع صور عدد من الضحايا. وكانت العدين شهدت الأربعاء الماضي مسيرة احتجاجية حاشدة هي الأولى من نوعها منذ انطلاق أحداث انتفاضة " نصرة المظلوم " الشعبية السلمية شارك فيها الآلاف من أبناء المديرية لتأكيد تمسكهم بمطالبهم المشار إليها آنفا ، ورداً على ما يصفونه " استفزازات " الشيخ صادق الباشا اثر دخوله المديرية الاثنين قبل الماضي واخرين لحقونه برتل من السيارات الممتلئة بالمسلحين ، ولجوئه إلى تسليح مجموعة من طبقة المهمشين " الاخدام " ونشرهم حول مكان إقامته وعلى امتداد طريق وادي عنه الشهير المؤدي إلى مقره ، إلى جانب استحداث نقطة مسلحة للتفتيش في الطريق عند منطقة عرصمة القريبة من داره وفقاً لمصادر محلية متطابقة. و بحسب الشاب محمد احمد عبده مرشد الزهيري احد القائمين على تنظيم وتنسيق انتفاضة " نصرة المظلوم " فان موجة استياء وسخط عارمة عمت معظم أهالي العدين عبر عنها الكثير منهم بالتوافد إلى ساحة التي ازدحمت بالمحتجين يومها على غير العادة والنقاشات الجادة التي جرت بين الحضور في الساحة حول التعامل معها على حد تعبيره. واعتبر الزهيري ما اسماها " التمظهرات المسلحة " أنها تأتي في سياق مسلسل ترهيب ينفذه المرتعبون من انتفاضة المقهورين وضحايا التسلط المشيخي بغرض إرغامهم على التخلي عن مطالبهم التي وصفها ب " العادلة والمشروعة ". وجاءت عودة الشيخ الباشا إلى المديرية بعد غياب عنها منذ ما قبل اندلاع انتفاضة " نصرة المظلوم " إلى جانب عدد من الذين تعارف الأهالي على تسميتهم "وكلاء الشيخ " الذين كانوا هم الآخرون غائبون عنها. واعتبر مواطنون تلك التصرفات أنها نسخة من ماضي أعادت للأذهان مظاهر من أيام ما قبل أحداث الحملة العسكرية لإزالة السجون الخاصة لمشايخ العدين أثناء ما كان عبدالقادر هلال يشغل منصب محافظ إب على حسب تعبيرهم. وجاء تنظيم المسيرة بعد يومين من تنظيم مسيرة مماثلة نفذها أبناء العدين إلى مبنى محافظة إب ورئاسة النيابة بالمحافظة لذات المطالب . وشارك في المسيرة شباب من قرية دار عمير التابعة لعزلة قصع معقل الشيخ صادق باشا في خطوة اعتبرها الشاب نجيب غالب هزاع الهناهي احد منسقي المسيرة أنها " لافتة عكست الوعي المتقدم لدى الأهالي والرغبة لديهم في التحرر من القبضة المميتة للهوية والحياة " ،كما رافق المسيرة جنود من امن المديرية كانوا يستقلون طقم عسكري لحماية المسيرة بعد أن كانت تنسيقات محلية مع إدارة امن المديرية جرت مسبقاً . وفي صعيد متصل تعرضت سيارة المواطن عبدالملك شرف احمد حزام احد الناشطين في انتفاضة " نصرة المظلوم " لحادثة إحراق أثناء ما كانت واقفة بجوار منزل جده في قرية وادي عدان حمر التابعة ادارياً لعزلة بلاد المليكي مديرية العدين . وأكد عبدالملك الذي يشغل موقع الأمين الشرعي لعزلة بني الزهير ومدير مدرسة الوحدة الحادثة ، موضحا في حديث للصحيفة انه تلقى اتصالاً من بيت جده مع ساعات الفجر يخبره ان سيارته - نوع (شاص) - تحترق فيما كان هو حينها في منزله الواقع في قرية حسكات بني الزهير الذي يبعد بمسافة مئات الأمتار عن مكان الحادث . وأضاف انه سارع مع بعض من الاهالي الى مكان الحادث ، الا انه وصل ليجد سيارته قد التهمتها النيران وغطى أجزاء منها سواد معتم على الرغم من محاولات مضنية بذلها مواطنون كانوا قريبون من الحادث لإطفاء الحريق. وفيما رفض توجيه الاتهام لشخص بعينه او جهة محددة ارجع عبدالملك أسباب الحادث الى مشاركته في انتفاضة العدين، مشيرا ان سيارته كانت تعمل على نقل المواطنين الى ساحة "نصرة المظلوم" للمشاركة في كافة فعاليات الانتفاضة المختلفة ،الى جانب انها كانت تخدم اهالي عزلته في قضاء حوائجهم. وتأتي أحداث انتفاضة العدين على اثر حادثة قتل المواطنين احمد محمد غالب (جعوش) واكبر أولاده عيسى برصاص نجل الشيخ على حسين عبدالرب (الجمالي) سبت 7 يناير الماضي في واقعة لا زالت تداعياتها تتواصل وسط سخط واستياء شعبي ورسمي واسعين،في حين سبقها بشهور حودث قتل أخرى ذهب ضحيتها مواطنين آخرين من العدين ، والجناة في كل تلك الحوادث لازالوا جميعاً طلقاء كونهم اما مشايخ او تابعين لهم. ويجدر بالذكر أن وعود وتعهدات عديدة وأوامر خطية حصل عليها المحتجون وفي مقدمتهم أولياء الدم بإيصال الجناة إلى العدالة إلا أن شيء من ذلك لم ينفذ حتى كتابة هذا. وقد حاولنا الاتصال بمسؤولين في امن المحافظة وقيادة السلطة المحلية إلا أن تلفوناتهم وجدناها إما مغلقة أو لا ترد.