دشنت منظمة تمكين و مركز المعلومات والتأهيل وحقوق الإنسان ندوة حول "العدالة الانتقالية وتحديات المرحلة المقبلة في اليمن"، والتي أقيمت في المنتدى السياسي بساحة التغيير 20 فبراير 2012، والتي تمحورت حول ثلاثة مواضيع رئيسية تمثلت في التعريف بالعدالة الانتقالية ومناهجها ومصادرها وآلياتها. وسلطت الندوة الضوء على مشروع قانون العدالة الانتقالية من حيث العيوب والمتطلبات، دور العدالة الانتقالية في تحقيق السلام الاجتماعي، كما هدفت إلى تسليط الضوء على تحديات ومتطلبات العدالة الانتقالية في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها اليمن من الناحية القانونية والمؤسسية والقضائية والتطبيقية وغير ذلك من الجوانب المرتبطة ذات العلاقة، وكيفية التعاطي مع هذه المسألة من منظور حقوق الإنسان، فضلاً عن دور منظمات المجتمع المدني في هذا الشأن ، وشهدت الندوة مناقشات عميقة وتفاعلية من قبل المشاركين الذين أوضحوا فيها أن قانون العدالة الانتقالية المعروض من وزارة الشئون القانونية، قانون قاصر ومختزل لدرجة أن احد المشاركين اعتبره أسوأ مشروع قانوني أمام التضحيات والدماء والانتهاكات التي ارتكبت في الماضي واعتبر المشروع أنه تكريس لقانون الحصانة وأنه سيشكل حماية لمرتكبي الانتهاكات الذين ما زالوا يمارسون عملهم في أجهزة السلطة وبنيتها، كما أكدوا على أهمية الاعتراف في العدالة الانتقالية من منتهكي حقوق الإنسان وتحديدهم. وفي مداخلاتهم أشار المشاركون لأهمية الانتباه حتى لا يمرر مشروع القانون أو إجراءاته أو استخدامه في إطار مصالح سياسية؛ كما أعتبر مشروع القانون هو مشروع قانون لإنشاء هيئة المصالحة وليس للعدالة الانتقالية. حتى أن تشكيل هيئة المصالحة الوطنية المذكورة في القانون غامضة وغير واضحة من حيث المعايير والأسس وشروط اختيار أعضاء الهيئة واقترحوا أن يكون هناك معايير محددة تشارك فيها الهيئات الأممية والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية المحلية. و أكد المشاركون على ضرورة تطبيق العدالة الانتقالية كبرنامج متكامل في مناخ ديمقراطي ومنظومة تشريعية وبنية قضائية ومؤسسية سليمة وفي نظام ديمقراطي مدني. وأن يتم النظر إلى التجارب الأخرى في العدالة الانتقالية والتي في الغالب فشلت نظراً لمراعاة خصوصية تلك البلدان عند تطبيق العدالة، وبالتالي لا ينبغي أن تراعى خصوصية اليمن في سمو التوافق السياسي على التضحيات أو بقانون الحصانة. كما أكد المشاركون من ممثلي منظمات المجتمع المدني والنشطاء على أهمية استمرار نشاط المنظمات حتى تتحقق العدالة الانتقالية بصورة كاملة؛ وبأنهم سوف يوجهون رسالة إلى المعنيين والمواطنين والمؤتمر التشاوري ومؤتمر الحوار الوطني حول متطلبات العدالة الانتقالية وتحديات المرحلة المتعلقة بهذا الشأن. وأعلن المشاركون استمرار ثورتهم بالنضال السلمي سواء من ساحات التغيير أو من خلال المؤسسات المدنية أو الهياكل المجتمعية أو الفضاء الالكتروني والإعلامي. الندوة التي تحدث فيها الباحث القانوني د.محمد مغرم و الباحث في علم الاجتماع د.عادل الشرجبي و الناشط الحقوقي ا.مراد الغارتي مدير منظمة تمكين، وقد افتتح الندوة ا.توفيق البذيجي مدير مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان. وشارك فيها مجموعة من الأكاديميين والإعلاميين وممثلي الأحزاب والتكتلات الشبابية وممثلين عن مجموعة من الوزارات الحكومية منها وزارة الشؤون القانونية، بالإضافة ناشطين حقوقيين وشباب وباحثين. وخرجت الندوة بمجموعة من التوصيات والمقترحات المتعلقة بالعدالة الانتقالية ومشروع القانون المعروض من وزارة الشؤون القانونية، منها ما ذكر أعلاه ومنها ما تم طرحه في مناقشات المشاركين بالندوة، ويمكن بيان أهم هذه التوصيات في الآتي: أن يتم إشراك منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية المعنية في الخطوات والإجراءات والعملية المتعلقة بالعدالة الانتقالية وعدم محاولة تضييق عملية صياغة العدالة الانتقالية في إطار محدود يُشكل توجيه لأفكار وتوجهات المواطنين. هذا و تهتم منظمة تمكين ومركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان بقضايا حقوق الإنسان الديمقراطية، لكونها تُشكل أساس الدولة المدنية الحديثة التي ينشدها الجميع؛ وحيث أن البلاد تَمر في المرحلة الانتقالية التي يرافقها صراع سياسي واجتماعي ودعوات مختلفة ومطالب متعددة شعبية وشبابية ومؤسسية، مما سيؤثر على مسار العملية الانتقالية بشكل عام والعدالة الانتقالية بشكل خاص؛ الأمر الذي يتطلب من المعنيين والمهتمين أن يلعبوا دوراً رئيسياً في تدعيم جهود التحول وفقاً للرؤى المجتمعية والعلمية وبما يتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة ومراعاة حقوق الإنسان في جميع الخطوات خلال المرحلة الانتقالية