عمد الحراك في عدد من المحافظات الجنوبية إلى إجهاض المشروع السلمي الذي كان انطلق به قبل عامين ليطبع نفسه بالعنف المسلح وهو ما يعني انقلابه على مواطني أبناء الجنوب . مطلع الأسبوع الحالي دعا ما يسمى ب"مجلس قيادة الثورة الجنوبية " إلى تنفيذ عصيان مدني في الست المحافظات الجنوبية ، وصباح الأحد الفائت - موعد تنفيذ العصيان المدني - كان الرعب والهلع يعم ساكني محافظة لحج إثر تحليق طائرة حربية في سمائهم بشكل منخفض وجدار الصوت مفتوح ، لقد توقعوا قصفاً جوياً على غرار ما حدث لمحافظة أبين وشبوة في وقت سابق. لقد بدت الحركة مشلولة صباح الأحد في محافظة الضالع في حين تواصل لليوم الثاني الإضراب الكلي عن العمل في مدن ومديريات الصبيحة والحبيلين وردفان وبعض مديريات يافع بمحافظة لحج، بينما سارت الأمور بشكل طبيعي في محافظة عدن ، أما أبين فقد قاطعت الدعوة للعصيان . وفيما أصيب 3 جنود برصاص مسلحين من الحراك بعد مواجهات دارت بينهما ،فإن اشتباكات بين أفراد الأمن ومسلحين في محافظة لحج حاولوا إغلاق المحلات والمطاعم بالقوة أسفرت عن إصابة خمسة من الطرفين . وبحسب المعلومات فإن الاشتباكات اندلعت بين الأمن وعناصر مسلحة بعد تجمع عدد كبير من أنصار الحراك في المديريات التي شملها الإضراب لمنع فتح المحلات، ليعقبها تدخل قوات الأمن لتفريق تجمعات المواطنين بالقوة. وقد ردد مواطنون تجمعوا في الحوطة بلحج هتافات معادية للسلطات اليمنية، وللتدخل العسكري. وأشارت المعلومات إلى أن الوضع ما زال متوتراً في الحوطة، بينما هدأ نسبياً في مناطق المحافظة الأخرى. وذلك على عكس حالة التوتر الشديدة في الضالع حيث الاشتباكات مستمرة مع تسجيل قصف مدفعي من احد مواقع الجيش باتجاه المدينة وهي المحافظة التي حاولت قوات الأمن حث أصحاب المحلات التجارية على فتح أبواب محلاتهم ولكن دون جدوى. وظلت المدارس والأسواق والمحلات التجارية في مديرية الحوطة والحبيلين مغلقة أبوابها خلال يومي السبت والأحد الماضيين بينما نجح مسلحون يعتقد أنهم من أتباع الحراك في إرغام أصحاب مطاعم في يافع على إغلاقها بالقوة صباح الاحد الماضي انصياعاً للدعوة التي أطلقها فصيل مجلس قيادة الثورة التابع للحراك الجنوبي بتنفيذ عصيان مدني في عموم المناطق والمحافظات الجنوبية تضامنا مع صحيفة الأيام الموقوفة وناشرها ونجله المعتقلين مع عدد من المتضامنين معهما. وكانت قوات الأمن أواخر الأسبوع الفائت ألقت القبض على هشام باشراحيل ناشر ورئيس تحرير صحيفة الأيام المغلقة منذ أيار/مايو الماضي بتهمة التحريض على الانفصال، وذلك بعد مواجهات بين حراس مبنى الصحيفة وقوات الأمن أسفرت عن مقتل شخصين من الطرفين. كما كان سبقها اعتقال أكثر من خمسين شخصا كانوا ينفذون اعتصاما في مبنى الصحيفة بينهم نجل باشراحيل. إضافة إلى اعتقال عشرات الأشخاص أثناء تشييع جثمان حارس الأيام سلام على أحمد اليافعي، عقب اعتصام احتجاجي نفذه المشيعون. الاثنين الماضي أما في عدنوأبين فقد بدت المدينتان وكأنهما غير مكترثتين بهذه الدعوة، فقد قال ناشط سياسي في أبين إن الحياة سارت بشكل طبيعي، وإن ما يشبه الرفض للمشاركة في العصيان المدني قد بدا واضحا من إجابات المواطنين نزولاً عند تحذير الشيخ طارق الفضلي رئيس حراك " حسم " من المشاركة والذي ذهب إلى عدم تأييد دعوة مجلس قيادة الثورة الجنوبية كردة فعل منه على رفض قيادات المجلس لدعوات سابقة له في هذا الجانب وهو ما يعني تصاعد الخلافات بين مكونات الحراك الجنوبي. وبحسب المعلومات فإن جميع مناطق أبين لم تستجب لدعوة العصيان المدني، بما في ذلك المناطق التي شهدت عصياناً مدنياً سابقاً دعا إليه الشيخ طارق الفضلي. وكان القيادي في مجلس قيادة الثورة الجنوبية ناصر الخبجي قال في تصريحات صحفية بشأن استجابة المواطنين في الجنوب لدعوتهم للعصيان : أكيد فمجلس الثورة السلمية هو الذي يحرك الجنوب". العصيان المدني الذي دعا له مجلس قيادة الثورة الجنوبية وجه لجميع المرافق العامة والخاصة والمحلات التجارية ووسائل النقل كافة باستثناء الطوارئ بالمستشفيات وحدد وقته من الساعة السادسة صباحا حتى ال12 ظهرا. ودعا البيان الصادر عن المجلس كل أبناء الجنوب للإسهام الفاعل في إنجاح الإضراب حتى يحقق "للشعب الجنوبي هدفه المنشود في الاستقلال". وفي تعليقه على هذا التحرك قال صلاح الشنفرة نائب رئيس مجلس الحراك إن الدعوة للعصيان المدني في المحافظات الست الجنوبية تأتي نوعا من أنواع النضال السلمي. وبحسب المعلومات فإن محافظي المحافظات الجنوبية توعدوا من يشارك بالعصيان بخصم مبلغ عشرة آلاف ريال من رواتبه, غير أن هذه الإجراءات لم تعد تحدد الاستجابة للعصيان من عدمها، خاصة أن أجهزة السلطات المحلية لاتحمي المواطنين وأصحاب المحلات الذين يرفضون المشاركة في العصيان من اعتداءات فارضيه. وشهدت محافظة لحج أواخر الأسبوع الماضي تظاهرة لأنصار الحراك احتجاجا على ما وصفوه خطف ناشطين سياسيين. وجاب المتظاهرون شوارع مديرية ردفان التابعة لمحافظة لحج, مرددين هتافات منددة باعتقال ناشطين سياسيين ومهاجمة صحيفة "الأيام". كما رفع المتظاهرون لافتات تدعو للانفصال ، وحملوا أعلام جمهورية اليمن الديمقراطية السابقة. وأتت تلك الاحتجاجات بعد يومين من مطالبة البيض الأممالمتحدة بتنظيم استفتاء على تقرير المصير للجنوب, وتشكيل لجنة للتحقيق في الأوضاع هناك. كما اتهم في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية من وصفهم بقوات الاحتلال من الشمال بالقيام بمثل أفعال قوات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية. واتهمت السلطة من قالت إنهم عناصر ملثمة مسلحة تابعة للشنفرة وشلال على شائع بتنفيذ عمليات إرهاب وهجمات متفرقة واعتداءات على محال تجارية بمدينة الضالع لمنع أصحابها من مزاولة أعمالهم باستخدام السلاح وإطلاق النار على كل صاحب محل يحاول أن يفتح محله وإجباره تحت قوة السلاح على الإغلاق . و نقل موقع "سبتمبر نت" الاخباري التابع لوزارة الدفاع عن شهود عيان قيام عناصر مسلحة بإطلاق نار على نقطة الوداد والأزارق وإدارة أمن مديرية الضالع وعلى الدوريات الأمنية مستخدمين أنواعاً عديدة من الأسلحة. وذكر الموقع ان المرافق الحكومية التزمت بالدوام بما فيها المحاكم والنيابات في عاصمة المحافظة والمديريات الأخرى وأن نسبة الحضور لطلاب المدارس بلغت أكثر من 90% ومنع بعض اولياء الامور أبناءهم من الذهاب للمدارس تخوفا من عنف جماعة الحراك، منتقدين غياب الامن .حيث أطلقت عناصر مايسمى الحراك النار جوار بعض المدارس لإثارة الرعب لدى التلاميذ واكدت السلطة انه لم يتأثر بهذه الأعمال سوى بعض أصحاب المحلات التجارية فيما أسواق القات وناقلات الأجرة والدراجات النارية استمرت في عملها الطبيعي . مشيرة الى ان "مسلحي الحراك القاعدي انتشروا في شوارع مدينة الحوطة والحبيلين واعتدوا على المواطنين والمارة وارغموهم على العودة الى البيوت ". وقالت السلطة إن الحراك الانفصالي فشل عندما لم تعره الجماهير في كافة المحافظات الجنوبية أي اهتمام حول دعوته لعصيان مدني صباح الأحد الماضي، حيث فشل فشلا ذريعا في كافة المحافظات الجنوبية عدا مديريتين ليس اكثر هي مدينة الضالع ومدينة الحبيلين وقد مارس الحراك اسلوب التخويف واطلاق النار للخروج ولو بقدر يسير من ماء الوجه . من جهة أخرى اتهم رئيس الجمهورية الإعلام بتضخيم حجم التحركات الاحتجاجية في الجنوب. وقال في مقابلة مع قناة ابوظبي نقلتها وكالة الأنباء اليمنية"سبأ" إن "القنوات الفضائية تضخم الأمور، بعضها يأتي من الأرشيف بأشياء غير حقيقية. هم يتجمعون عشرات أو مئات، ما يسمى بالحراك". وقال إن ناشطي الحراك "يصلهم الدعم من بعض المغتربين في دول مجلس التعاون الخليجي ... والأنظمة في دول مجلس التعاون الخليجي بريئة من هذه التبرعات وهناك تواصل بيننا وبين الأجهزة الأمنية في دول المجلس لتعقب مثل هذه التبرعات". وأشار أيضا إلى "تبرعات تأتي كذلك من مغتربين في الولاياتالمتحدة وفي لندن". واعتبر الرئيس إن "ما يسمى بالحراك مجموعة فقدت مصالحها بعد الوحدة المباركة وفقدت مصالحها أيضا بعد حرب صيف 1994". وخلص إلى قول إن "الوحدة ثابتة وراسخة ومستفتى عليها ولا قلق على الوحدة ولكن هم (الحراك) ما من شك يشكلون إعاقة للاستثمار والمشاريع الخدمية ... هناك رجال مخلصون من أبناء شعبنا في المحافظات الجنوبية يحافظون على الوحدة كما يحافظون على حدقات أعينهم وهم حريصون على الوحدة أكثر من غيرهم".