في صورة مخيفة وباعثة على القلق من أن يلقي ذلك بآثار سلبية على أسعار السلع وتفاقم عدد الفقراء والجوعى في البلد تراجعت العملة الوطنية (الريال) إلى أدنى مستوى قيمة له أمام الدولار منذ ما يقارب نصف قرن، حيث وصل ارتفاع سعر الدولار الواحد إلى 218 ريالاً في حال الشراء و213 ريالاً للبيع. ويتوقع خبراء محليون تعدي صرف الدولار هذا العام إلى 220 ريالاً في ظل الظروف الاقتصادية الحرجة التي تحيط بالبلاد بالإضافة إلى سياسة الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية الحالية وعدم إيجاد بدائل أخرى لرفد العملة الوطنية بعد هبوط أسعار النفط عالميا. وكان البنك المركزي اليمني عرض بيع 200 مليون دولار أمريكي لتغطية احتياجات السوق المحلية لدى كافة البنوك التجارية وشركات الصرافة بعد استلامه طلبات منها بلغت 150 مليون دولار وأصدر البنك تعميما بأنه سيقوم بالبيع المستمر للعملات الأجنبية حتى يتم تغطية احتياجات السوق. وأرجع اقتصاديون هذا التدهور المفاجئ في العملة الوطنية إلى فشل السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي في إدارة النقود في البلاد إلى جانب أعمال السمسرة ساهمت في إحداث أزمة في سوق الصرف. إلى جانب كونه تعبيرا عن حالة الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد وما يواجهه من تحديات، داعين في ذات الوقت إلى إعادة النظر في السياسة النقدية وفرض رقابة صارمة على المتلاعبين بالعملة والمضاربين بها في السوق السوداء. وكان مسئول بارز في البنك المركزي اليمني قال إن المخاوف من انهيار اقتصادي لا مجال لها وأن البنك مستعد لبيع المزيد من الدولارات لدعم الريال. وقال إن الاحتياطات بالعملة الأجنبية تبلغ 7 مليارات دولار وأن البنك المركزي سيبيع المزيد من الدولارات إذا تطلب الأمر ذلك لتهدئة القلق المحيط بسعر الدولار. وأكد أن البنك باع أكثر من 400 مليون دولار لدعم الريال من ديسمبر الماضي وضخ 1.9 مليار دولار في 2009م. وأظهر وكيل محافظ البنك المركزي للعمليات المصرفية الخارجية إبراهيم النهاري في تصريح صحفي لوكالة رويترز تفاؤلا كبيرا في أن يسهم قطاع الغاز الجديد في البلاد في النمو بمعدل 8% على الرغم من الاضطرابات الامنية التي أسهمت في دفع الريال إلى أدنى مستوياته. وأضاف النهاري أن الصادرات من مشروع الغاز الطبيعي المسال قد أبقت على النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي ما بين 4.1 و4.2% في عام 2009م، مؤكدا أن الإيرادات سترتفع هذا العام مع صعود أسعار النفط والارتفاع التدريجي في صادرات الغاز الطبيعي المسال. إلى ذلك شهدت الأسواق اليمنية ارتفاعات مفاجئة في أسعار حديد التسليح في حين لم يسجل السوق العالمي أي زيادات في أسعاره وأعلنت العديد من الشركات والمصانع العالمية تخفيض أسعارها كشركات عز المصرية وسابك السعودية وغيرها من المصانع التركية والأوكرانية. وحذر اقتصاديون من هذه الارتفاعات وانجرار المواطنين إليها كونها ارتفاعات وهمية وليست حقيقية ولا علاقة لها بارتفاع سعر الدولار بالحديد. وعلى نفس الصعيد عبرت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك عن مخاوفها حيال ما أسمته الارتفاع الحاد في سعر الدولار الأمريكي مقابل العملة الوطنية الريال وانعكاسات ذلك على أسعار السلع وفي مقدمتها السلع الغذائية الأساسية على أساس أن أكثر من 90% من السلع الغذائية يتم استيرادها من السوق الدولية، وعبرت الجمعية في بلاغ صحفي صادر عنها -تلقت الصحيفة نسخة منه- عن خيبة أملها من بطء الإجراءات الحكومية المتخذة وضعفها في معالجة هذه المشكلة. ودعت الجمعية الحكومة إلى حماية العملة الوطنية من التدهور باعتبارها محددا هاما في الإبقاء على ما قالت عنها المنظومة الهشة للأمن الغذائي، كما دعت التجار والمستوردين إلى القيام بمسئوليتهم الأخلاقية تجاه الشريحة الواسعة من المستهلكين الفقراء والمساهمة بإيجابية في إفشال سياسة المضاربة بالعملة الوطنية.