بعد مايقارب الأسبوع من إعلانه الانسحاب من الاراضي السعودية يطرح عبدالملك الحوثي مبادرة وقف الحرب على السلطة من طرف واحد ايضاً ، وهي المرة الرابعة التي يعلن فيها عن قبوله شروط السلطة لإيقاف الحرب في صعدة وحرف سفيان التابعة لمحافظة عمران . غير أن اعلان المبادرة التي طرحت مطلع الأسبوع الجاري قوبلت في البداية بالتجاهل الرسمي ، بل إن المواجهات ظلت مستمرة حيث ذكرت وزارة الدفاع ان قوات الجيش قامت بقتل نحو 20 من الحوثيين في المعارك التي دارت على مدى ساعة كاملة يوم الاحد الفائت ، مشيرة إلى مصرع شخص يدعى أبو مالك وهو الشخصية المسئولة عن تدريب مقاتلي الجماعة. وأوضحت الوزارة ان القتال اندلع عقب قيام المتمردين بشن هجوم على قوات حكومية في جبل الصمع وضاحية دماج ومنطقة غراز وآل عقاب وبني معاذ. وجدد القائد الميداني للحوثيين عبد الملك الحوثي إعلان قبوله بالشروط الخمسة التي أعلنتها الحكومة عند اندلاع الحرب السادسة قبل ستة أشهر، فيما شككت السلطة بنواياه المبيته تجاه السلام، مشيرة الى إعلانه في أوقات سابقة عدة مبادرات لم تتعد الدعاية الإعلامية. وقال الحوثي في تسجيل صوتي له بث على الانترنت :" إن قبوله بالنقاط الخمس يأتي حرصاً على حقن الدماء وعلى الإسهام في تفادي الوضع المتدهور وحرصاً على وقف الإبادة التي يتعرض لها المدنيون في صعدة وعمران ". وأشار إلى أنهم يعلنون قبولهم بالنقاط الخمس بعد إيقاف الحرب، لكنه أعرب عن أمله في أن تتفهم كافة الأطراف هذه المبادرة وتؤثر مصلحة البلد فوق كل اعتبار، مؤكداً أن الكرة الآن في مرمى الطرف الآخر-النظام - الذي يقول إنه يحاربنا من أجل هذه البنود." وذكر الحوثي بالمبادرات التي أعلنها خلال الفترات الماضية لوقف الحرب بين حركته والجيش اليمني، مؤكداً أن السلطة نكثت بوعودها أكثر من مرة. وطالب الأخيرة بأن تكون قادرة على التحرر من الإرادات الإقليمية والدولية التي قال:" إنها تهدف إلى احتلال اليمن"، وقال:" كنا ندرك أن هناك مؤامرة دولية وإقليمية تسعى لإغراق النظام في حربه معنا وتسعى لتحويل بلدنا إلى ساحة تناقضات وتناحر وتحويله إلى بيئة خصبة للسقوط والتهاوي وأخيراً الاحتلال". وتطغى حالة من عدم الثقة بين السلطة والحوثيين عند كل إتفاق بوقف الحرب لتتحول الى هدنة وسرعان ما تستأنف المواجهات ، كما ان عدم كون الحرب نظامية بمعنى أن السلطة لم تخضها بالجيش فقط، إذ اشركت معها القبائل فإن ذلك يعطل أي اتفاقات لوقف الحرب . وفي أول رد فعل من الحزب الحاكم إزاء مبادرة الحوثي القبول بشروط السلطة قال رئيس دائرته الإعلامية طارق الشامي إن المبادرة التي أعلنها الحوثي ليست فيها أية جدية، إذ اختبرت السلطة ثلاث مبادرات سابقة لوقف الحرب، لكنها كانت عبارة عن جانب دعائي ومناورة لا أكثر. واضاف " إن إعلان الحوثيين وقف إطلاق النار ما زال مشروطاً بوقف الجيش عملياته العسكرية، وليس فيه أي جديد "، مشيراً إلى أن الحوثي يريد أن يوجه رسالة إلى الخارج، خاصة بعد مؤتمر لندن يؤكد أنه مع السلام وإيقاف العمليات العسكرية. وأشار الشامي إلى أن الحوثيين لم يفوا بأي التزامات سابقة، كحال الإعلان الثالث الذي تصادف مع حلول عيد الأضحى المبارك، لكنهم قصفوا صعدة بكل ما يمتلكونه من أسلحة. وأكد أن الدولة تريد جدية في إعلان وقف العمليات العسكرية، وألا يتم خرق أي إعلان لوقف الحرب على أن يجري تشكيل لجنة مشتركة يكونون مشتركين فيها، يتم الاتفاق حولها، وتضع إطاراً لتطبيق الحوثيين لوقف العمليات العسكرية، وأبرزها نزولهم من الجبال وإنهاء تواجدهم في نقاط التفتيش وإزالة الألغام وتسليم الأسلحة التي يمتلكونها للدولة. وقال الشامي: إن الحوثي أغفل شرطا رئيسا للسلطات اليمنية ينص على الالتزام بعدم الاعتداء على السعودية وكانت الحكومة اليمنية قد اشترطت على المتمردين 6 شروط لإيقاف الحرب، خمسة منها تتعلق باليمن، والسادس يشترط وقف العدوان على الأراضي السعودية، والشروط الستة هي: - الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام والنزول من المرتفعات وإنهاء التمترس في المواقع وجوانب الطرق. - الانسحاب من المديريات وعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية. - إعادة المنهوبات من المعدات المدنية والعسكرية. - إطلاق المحتجزين لديها من المدنيين والعسكريين. - الالتزام بالدستور والنظام والقانون. - الالتزام بعدم الاعتداء على أراضي المملكة العربية السعودية. اما الرد الرسمي على اعلان الحوثي فجاء متأخراً وبأسم مجلس الدفاع الوطني الذي قال إنه إذا التزم الحوثي بالبدء في تنفيذ النقاط الست التي سبق للحكومة أن أعلنتها، فان الحكومة لا ترى مانعا من إيقاف العلميات العسكرية وفق آليات محددة وواضحة وبما يضمن عدم تكرار المواجهات وإحلال السلام وعودة النازحين إلى قراهم وإعادة اعمار ما خلفته فتنة التمرد والتخريب في محافظة صعدة".وشدد المجلس على أن تنفيذ النقاط الست شرط أساس لوقف العمليات العسكرية ومنها الالتزام بعدم الاعتداء على أراضي المملكة العربية السعودية وتسليم المخطوفين لديه من اليمنيين والسعوديين دون تسويف. ويلاحظ من مبادرة الحوثي استثناؤه الشرط السادس الخاص بالسعودية ، حيث قد أعلن الأسبوع الماضي انسحابه منها وعلى مايبدو فإن الحوثي يريد أن يبقى الملف مع السعودية في يده لوحده دون تدخل السلطات اليمنية . وفيما اعتبرت السعودية مبادرة الحوثي تجاهها اعترافاً بالهزيمة وحددت عدداً من الشروط لوقف حربها ضد مقاتليه ، فقد اعتبرت السلطات اليمنية المبادرة مجرد محاولة جديدة للمراوغة والكذب والخداع وأبرز الشروط التي طرحتها السعودية على الحوثيين تتمثل في انسحاب اتباعهم المسلحين والقناصة من الشريط الحدودي مع المملكة وتسليم جنود سعوديين اسرى وتمركز القوات اليمنية في كافة المناطق الحدودية وقال مساعد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلطان "إذا ما انسحبوا وسلموا الأسرى الذين لديهم سوف نوقف عملياتنا بالفعل وسيكون هذا الأمر شأناً داخلياً يمنياً " مؤكداً ان بلاده لن تتحاور مع أية اطراف في اليمن عدا الحكومة اليمنية. الحوثي في التسجيل الذي استمر أكثر من 8 دقائق تحدث عن ما قال إنه ترحيبه وموافقاته السابقة على الشروط الخمسة التي اعلنتها الحكومة، مشدداً على أن الحرب التي تخوضها السلطة ضد جماعته "لم تحقق أي نتيجة سياسية" ولم تحقق السلطة ما وصفه ب"هدفها المشئوم" في القضاء على شريحة واسعة من أبناء الشعب اليمني، مضيفاً أن ما حققه الجيش هو "الكثير من الدمار والخراب، وسفك دماء المئات من الأبرياء، إضافة إلى إضعاف البلد وتركه ساحة مفتوحة لكل من هب ودب من ذوي الأطماع والمآرب الشيطانية، إقليميا ودولياً". وقال الحوثي إن الجيش اليمني لم يخض حرباً واحدة في مواجهة أجنبي، زاعماً أن ذلك "ليس في ثقافته أو أن يدافع عن البلد وعن سيادته". حد قوله. منوهاً إلى إدراكهم أن هناك "مؤامرات دولية وإقليمية تسعى لتحويل بلادنا إلى ساحة تناقضات وتناحر، وتحويله إلى بيئة خصبة للسقوط والتهاوي، وأخيراً الاحتلال". موضحاً أن السلطة استغلت هذا السعي لتصفية حسابات داخلية. وأضاف "إن كل ضحايا هذا الجيش ..هم شعبه وأبناء بلده، وللأسف معظمهم من الأطفال والنساء، ولدينا الأدلة الدامغة على ذلك". ووصف الحال التي وصلت إليها السلطة ب"مستوى إهدار سيادة البلد"، مشيراً إلى أن السلطة باركت تدخل من أسماها "قوىً إقليمية إجرامية" باستباحة دماء المدنيين. أحزاب اللقاء المشترك رحبت بإعلان عبد الملك الحوثي قبوله بالنقاط الخمس التي اشترطتها الحكومة لإيقاف الحرب في صعدة. وقالت في بلاغ صحفي إن الوقت قد حان لأن تعلن الحكومة من جانبها إيقاف العمليات العسكرية، فلم يعد هناك أي مبرر لاستمرار الحرب التي خلفت أوضاعا مأساوية ستظل البلد تعاني منها لسنوات قادمة. واستغل المشترك المبادرة للتعريض بالسلطة من حيث إخراج القضية عن الإطار الوطني . وجدد التأكيد على مواقفه السابقة " في المطالبة بإيقاف الحرب وحل مشاكل صعدة والمناطق التي شملها الحرب في الإطار الوطني وبعيدا عن الأساليب التي اتبعتها السلطة في إيقاف الحروب الخمسة السابقة وإعلانها، معتبراً أن" التجاوب من قبل كل الأطراف مع أي مبادرة لإيقاف الحرب واعتماد آلية وطنية تجاه ذلك يمثل خطوة متقدمة، ليس فقط لإيقاف استنزاف مقدرات الوطن فحسب، بل يمثل خطوة لتحصين القرار الوطني في إحلال سلام دائم وقطع الطريق أمام الانفراد بقرارات إعلان الحرب وإيقافها". ومن جهته قال أمين عام المجلس المحلي بمحافظة صعدة محمد العماد إن إعلان عبد الملك الحوثي لقبوله بشروط الحكومة الخمسة مراوغة جديدة لأجل ترتيب صفوفه ، وكسب الوقت للملمة شتاتهم بعد تعرضهم لضربات موجعة من قبل القوات المسلحة. وأضاف العماد ل(نيوزيمن): إن الحوثي قد خدع السلطة ل 3 مرات قائلا" لقد أتعبنا وخدعنا وقتل أطفالنا ونساءنا ودمر المزارع وغيرها" ، مؤكدا أن أبناء القوات المسلحة سيواصلون تطهير صعدة من عناصر التمرد و حماية أمن واستقرار المنطقة. وبالرغم من تأكيد المصادر الحوثية وقف المواجهات في معظم مناطق صعدة فإن الإعلام الرسمي يتحدث عن تحقيق الجيش تقدماً غير عادي. وبحسب موقع وزارة الدفاع على شبكة الانترنت فإن " أبطال القوات المسلحة والأمن في محور الملاحيظ شلوا حركة العناصر الإرهابية باتجاه مفرق ذويب والحصامة وقرب المسفوح و تباب غافرة والقوا القبض على عدد منهم. اضافة الى تدمير أوكارهم بما فيها من أسلحة وعتاد وعناصر إرهابية في تباب غافرة ويذكر الموقع أن الوحدات العسكرية والأمنية في محور صعدة دمرت مواقع الحوثيين في جبل كوزان وبني معاذ وخلف الجبل الأبيض وحققت إصابات كبيرة وموجعة في صفوف العناصر الإرهابية , ولقي ثلاثة من تلك العناصر مصرعهم أثناء محاولتهم التسلل إلى مزارع قرب آل عقاب . وأن الجيش في محور سفيان يواصل تضييق الخناق على ما تبقى من جيوب العناصر الإرهابية وأنه على وشك الانتهاء من تطهير الأجزاء المتبقية من مدينة سفيان من المتسللين إليها.