بالرغم من مضي ما يقارب الشهر على توقيع المبادرة الخليجية التي انبثق عنها تشكيل حكومة وفاق وطني ولجنة عسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار ورفع المظاهر المسلحة من الشوارع ، فإن ذلك لم يؤد إلى تهدئة على الأرض كما كان متوقعا، إذ مازالت الاتهامات متواصلة بين المؤتمر الإصلاح وأولاد الأحمر بمقابل استمرار التظاهرات المطالبة بمحاكمة الرئيس وهو ما يعتبر مؤشرا على احتمال عودة الانتشار المسلح وتفجر الأوضاع في أي وقت . مساء الجمعة الفائتة اندلعت اشتباكات في حي الحصبة بين أنصار الشيخ الأحمر والقوات الحكومية، وذلك قبل ساعات من مباشرة اللجنة الأمنية والعسكرية عملها في رفع المتاريس وإنهاء كافة المظاهر المسلحة من أمانة العاصمة.وتبادل الطرفان الاتهامات بالسعي لإفشال تنفيذ المبادرة الخليجية .. ففي حين قال مكتب الأحمر إنهم ملتزمون بالهدنة ، ولم يردوا على مصدر إطلاق النار،اتهم مصدر أمني مسئول من أسماهم عصابات الأحمر بمحاولة إفشال جهود لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار، والقيام بقصف مقر مجلس الشورى وشركة يمن موبايل ومنشآت عامة أخرى وعدد من منازل المواطنين المجاورة في حيي الحصبة وصوفان بمدافع هاون و " بي 10 " وقذائف " آر بي جي " وأسلحة رشاشة وخفيفة. وبدأت لجنة الشؤون العسكرية مطلع الأسبوع الجاري رفع المظاهر المسلحة وإخراج المسلحين من صنعاء ، وفقا لاتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وذلك بعد أن ظلت صنعاء لبضعة اشهر منشطرة إلى قسمين. وقال الناطق باسم اللجنة العسكرية اللواء علي سعيد عبيد، إن عدداً من أعضاء اللجنة التقوا الأطراف المسلحين في صنعاء بهدف البدء بتنفيذ الخطة، ولمسوا وجود مخاوف لدى بعض المشايخ، لكنهم تمكنوا من إقناعهم بأن لا مبرر لها في ظل وجود دولة شرعية وحكومة توافقية، وان الدولة والأجهزة الأمنية ستتولى حفظ الأمن، وان من مهمات الدولة توفير الأمن والاستقرار وليس المسلحين». وقلل اللواء عبيد من أهمية العراقيل التي قد تواجهها الخطة، وفيما لم يستبعد مواجهة مثل هذا الأمر فقد أشار إلى ان اللجنة يمكن ان تمدد برنامجها الزمني في حال وجود عقبات.وذكر أن الأولوية أعطيت للمناطق الساخنة التي شهدت اشتباكات دامية مثل الزبيري وجولة كنتاكي وشارع هائل والدائري وعصر والحصبة وصوفان وشارعي الستين والخمسين. ولفت إلى أن أعضاء اللجنة سيتوزعون في مناطق التوتر للإشراف على إخلاء المسلحين وإزالة المتاريس، مشيراً إلى نتائج ايجابية حققتها اللجنة في تعز حيث تواصل عملها بشكل فاعل وتتابع البلاغات عن أماكن تمركز المسلحين. وفي تعز اتهم الأمن مليشيات الإصلاح بقتل ضابطين وجنديين وثلاثة مواطنين في أعمال قتل متقرقة هذا الأسبوع، لكن عضو لجنة التهدئة المحلية بمحافظة تعز والنائب البرلماني عن حزب الإصلاح عبدالكريم شيبان، اتهم قوات الجيش والأمن الموالية ل علي عبدالله صالح، في مدينة تعز بعدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار من قبل رئيس وأعضاء اللجنة العسكرية التي شكلت بموجب المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وقال ان القيادات العسكرية في المدينة لم تع المتغيرات الجديدة على الساحة، مؤكدا انسحاب المليشيات القبلية من داخل المدينة. وقال : "لا تزال هذه القوات تسيطر على مقار حكومية وتاريخية"، إضافة إلى انتشار المئات من جنودها في ساحة "الشهداء" وسط المدينة، مشيرا إلى أن القيادة العسكرية والأمنية للمدنية "لم تع المتغيرات الجديدة التي طرأت على الساحة اليمنية بتشكيل حكومة وفاق وطني"، مؤكدا بأن المليشيات القبلية انسحبت من داخل المدينة. وأكد أن اللجنة طلبت مرارا وتكرارا إقالة مدير أمن محافظة تعز عبدالله قيران، وقائد قوات الحرس الجمهوري بالمدينة العميد العوبلي، باعتبار أنهما "سبب التوتر الحاصل" في تعز. وتبادل إعلام المؤتمر والإصلاح الاتهامات بإعادة التمركز في مباني وشوارع خلفية للمنسحب منها وفيما قال موقع الصحوه نت إن قوات الحرس الجمهوري أخلت بعض المواقع من جولة عمران,لكنها تمركزت بمدرعاتها داخل المعهد المهني المجاور وأعادت نشر أفرادها في المنطقة بلباس مدني وبزي للشرطة العسكرية. قالت مواقع موالية للمؤتمر إن الفرقة الأولى مدرع أعادت النقطة في جولة مذبح بعد أن كانت أخلتها وطردت أطقم الشرطة العسكرية المكلفة من اللجنة العسكرية. وقالت ذات المواقع إن قوات الفرقة المتواجدة جوار الجامعة القديمة رفضت إزالة المترس هناك مشترطة إنزال من أسمتهم القناصة من أسطح العمارات كما رفضت الانسحاب من شارعي هائل و16. بالمقابل قال الجيش المؤيد للثورة إنه بدأ بتنفيذ أوامر اللجنة العسكرية بإزالة المتارس والنقاط العسكرية من شوارع العاصمة صنعاء.وأضاف في بيان" سنعمل بأوامر اللجنة العسكرية المكلفة بهذه المهمة وسنزيل كل النقاط التابعة لنا ولايمكن لنا أن نعرقل أي عمل يضر بمصلحة المواطن ومصلحة الوطن والمواطن فوق كل شيء، وسنعمل جاهدين جنباً إلى جنب مع هذه اللجنة لإزالة كافة الاحتقانات العسكرية من عموم محافظات الجمهورية , وصولاً إلى إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن. وبلهجة تحذيرية حادة دعت قيادة الفرقة الأولى مدرع" الجميع إلى التنبه لمغبة الالتفاف على سير المبادرة وآليتها التنفيذية أو الانتقاء في بنودها, أو التدخل في الصلاحيات الرئاسية الكاملة المخولة ل عبد ربه منصور هادي القائم بأعمال رئاسة الجمهورية , ومحاولات إفشال حكومة الوفاق الوطني بالالتفاف على برنامجها أو التدخل في شئونها , أو الالتفاف على الاستحقاق الانتخابي الرئاسي التوافقي , أو إفشال جهود اللجنة العسكرية بالتدخل في شئونها وعرقلة سير عملها. على الصعيد السياسي تشهد الأوساط السياسية والقانونية جدلا واسع النطاق حول موضوع منح الرئيس علي عبدالله صالح ومعاونيه في السلطة، حصانة من الملاحقة القضائية بموجب أحد بنود المبادرة الخليجية ، وهو الموضوع الذي من المتوقع أن تتم مناقشته وإقراره خلال الأسبوع المقبل. ووفقا للمبادرة الخليجية التي وقعتها الأطراف السياسية المعنية بالأزمة في العاصمة السعودية الرياض يوم 23 نوفمبر الماضي، فإن الآلية التنفيذية لها تقضي بأن تقدم حكومة الوفاق الوطني مشروع قانون إلى مجلس النواب يمنح الحصانة القانونية والقضائية ل صالح ومن عملوا معه خلال فترة حكمه، على أن يقره مجلس النواب بمن فيه من الأعضاء الممثلين للمعارضة والذين استأنفوا حضورهم جلسات البرلمان ابتداء من يوم أمس الثلاثاء بعد انقطاع طويل. ومن المتوقع أن القانون الذي ستعده وزارة الشؤون القانونية وستقدمه حكومة الوفاق الوطني إلى مجلس النواب ، يشمل أبناء الرئيس صالح وجميع أركان نظامه بمن فيهم مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان في محافظة تعز وأمانة العاصمة ومحافظات أخرى، شهدت أعمال عنف من قبل السلطات ضد المتظاهرين. وتشير مصادر قانونية إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لا يمكنها أن تنظر في ملفات قضايا تتعلق باتهامات للمسؤولين اليمنيين على اعتبار أن اليمن ليس عضوا في نظام تأسيس المحكمة، وبالتالي فالمحكمة ليست جهة اختصاص بالنظر في مثل هذه القضايا. غير أن مصادر قضائية أخرى تؤكد أن ما وصفته ب"الجرائم ضد الإنسانية" و"جرائم قتل المتظاهرين سلميا" المرتكبة من قبل النظام لا يمكن أن تسقط، ولا يجوز الاتفاق على منح مرتكبيها حصانة قضائية، كما أنها تتعلق أيضا بحقوق أولياء الدم (أهالي القتلى). وعلى الصعيد الشعبي، يواصل المعارضون للنظام ولصالح ومعاونيه تنظيم تظاهراتهم الاحتجاجية ورفضهم لمنح حصانة قضائية لهم، ونظمت عقب صلاة الجمعة الفائتة عدة فعاليات ومسيرات ومهرجانات خطابية تحت شعار "المحاكمة مطلبنا" وهو المطلب الذي يعلنه المحتجون منذ توقيع المبادرة الخليجية في الرياض. وغي هذا الإطار دشن عدد من شباب الثورة المستقلين في محافظة تعز الحملة الشعبية لإيقاف منح الحصانة للرئيس علي عبدالله صالح ومعاونيه وفق ما نصت عليه المبادرة الخليجية التي تزيحه من السلطة. ودعا بيان صادر عن الحملة كل «الشرفاء من أبناء الشعب وكافة المنظمات الحقوقية الإسهام الفاعل وتذليل كل الصعوبات التي قد تواجه الحملة».وناشد البيان أعضاء مجلس النواب عدم التصويت لأي تشريع قد يصدر ويترتب عليه «تعطيل شرع الله وإهدار فادح لحقوق عامة وخاصة». وتعهد البيان «بالوفاء للدماء الزكية التي سفكت وهى تناضل من اجل ترسيخ مبادئ الثورة الشبابية الشعبية واستعادة وهج ثورتي سبتمبر وأكتوبر ومبادئهما السامية»، مؤكداً السعي لمقاضاة كل من تسبب في سفك تلك الدماء «حتى تتحقق العدالة ونرى الأيدي الغادرة وراء القضبان» حسب تعبيره. وطالب مئات الآلاف من اليمنيين أمس الأول, في مسيرتين بالعاصمة صنعاء وإب, مجلس الأمن الدولي بإحالة ملف جرائم صالح التي ارتكبها بحق المتظاهرين إلى محكمة الجنايات الدولية . ويتوقع أن تشهد الأيام القادمة تصعيدا من قبل شباب الثورة,خاصة بعد إزالة الحواجز والكتل الإسمنتية التي قطعت أوصال الشوارع والحارات والعاصمة قبل ذلك إلى نصفين ,بحيث يخرجون في مسيرات ينظمونها إلى أماكن أخرى لم يصلوها من قبل. يأتي هذا التصعيد للشباب مع تحديد اليوم الأربعاء موعدا لجلسة مناقشة ملف اليمن في مجلس الأمن الدولي وذلك للفت انتباه المجتمع الدولي لما ارتكبه النظام من انتهاكات بحق الشعب. ويعمل المشترك على إظهار استمراره كمظلة لمطالب الشباب في الساحات رغم تناقضه في ذلك مع كونه الطرف الرئيس في التسوية ،كما انه مستمر في التصعيد الإعلامي ومن ذلك أن قال موقع الصحوة نت أن عصابة علي صالح العائلية قامت بتهريب سيارات مدرعة ضد الرصاص عبر ميناء الحديدة إلى ميناء دبي الإماراتي أواخر الأسبوع الماضي.مشيرا إلى أن هذا يأتي في إطار تهريب مسئولين في العهد البائد وخاصة المطلوبين للعدالة بتهريب أموال وعملات صعبة وممتلكات ثمينة خاصة بهم إلى خارج البلاد هربا من المساءلة الشعبية. وعلى الصعيد الدولي المعني بمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية تبذل جهود أممية حثيثة نحو جعل المبادرة الخليجية غطاء لتسوية سياسية واسعة تشمل معالجة القضية الجنوبية وقضية صعدة. مطلع الأسبوع الجاري قام عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بزيارة إلى عدن والالتقاء بقيادات في الحراك وممثلي السلطة والمعارضة هناك وذلك عقب زيارة قام بها المبعوث الاممي جمال بن عمر إلى عدن وصعدة وتعز . وتحدث رئيس بعثة الإتحاد الأوروبي في صنعاء عن أن اليمن اليوم يعيش مرحلة جديدة، مشيرا للمبادرة الخليجية و صدور القرار الأممي 2014، داعيا لأن تكون هناك عملية سياسية شاملة تشارك فيها كل المكونات السياسية بما فيها الأطراف التي لم توقع على المبادرة الخليجية.و قال السفير ميكيليه سيرفونه دورسو الذي كان عصر السبت الفائت يتحدث في لقائه بالجنوبيين أنه يجب أن تحل القضية الجنوبية ضمن الحوار الوطني. وقال لقد قمنا بمقابلة كل القوى السياسية وينبغي ان تدلي كل المجموعات السياسية برأيها في القضية الجنوبية، و نتوقع تغييرات هامة في الفترة القادمة التي ستشهد الانتخابات الرئاسية مؤكدا أن المبادرة الموقع عليها من طرفين(المؤتمر والمشترك) تفتح المجال أمام الجميع للمشاركة، و أشار إلى أن المبادرة نصت على مرحلتين تنتهي الأولى في 21 فبراير وتنتهي الثانية في الانتخابات البرلمانية القادمة، وتتضمن إصلاحات سياسية وحواراً وطنياً يشمل الحراك الجنوبي، و ينبغي أن نتطرق للمظالم التي حدثت في الجنوب. وقال الدبلوماسي الأوروبي إنهم لاحظوا أن المجموعات الجنوبية تطرح حلولا مختلفة للقضية الجنوبية، كما أن البعض منهم لم يأخذ بالإمكانات التي تتيحها المبادرة الخليجية وهو ما جعلنا نشرح لهم المبادرة.و ذكر إن الشباب ليسوا طرفا في المبادرة ولكن لهم أثر في نقل السلطة ويمثلون أهم التحديات في العملية السياسية و قد نصت المبادرة على لجنة تواصل للانخراط في الحوار الوطني. ولدى سؤال السفراء عن موقفهم من مطالبات الحراك الجنوبي بالانفصال قال السفير البريطاني إن هناك آراء مختلفة في حل القضية الجنوبية و قد أرسلنا ثلاث رسائل رئيسية للمكونات الأساسية تتضمن: أولا: الإتحاد الأوروبي يقترح مشاركة الجميع في حوار وطني، ثانيا: إجراء حوار بين الجنوبيين كي يستفيدوا من المرحلة الجديدة، ثالثا: توحيد صفوف الجنوبيين للوصول للحلول الواقعية للجنوبيين بعيدا عن الخصومات القديمة. و استدرك قائلا: من حق الحراك الجنوبي أن يمتنع عن المشاركة في الحوار الوطني لكني أؤكد أنه خطأ استراتيجي، وقال إن المجتمع الدولي يتعامل مع اليمن من خلال القرار الأممي 2014. في إشارة منه إلى ان القرارات السابقة صارت في حكم الملغي. وكانت قوى وفصائل في الحراك الجنوبي المطالب بفك الارتباط، قد قللت من أهمية هذا اللقاء.وقال الأمين العام للحراك الجنوبي قاسم عسكر جبران إن اللقاء مع البعثة لم يأت من قبل الحراك بهدف الحوار، وإنما "لتوجيه رسالة واضحة إلى الأطراف الدولية بأهدافه المتعلقة بتحرير واستعادة الدولة المستقلة لشعب الجنوب". وأضاف جبران في تصريح صحفي "قدمنا للبعثة ملفات متكاملة عما تم نهبه فوق الأرض وباطنها وحول الأضرار والتدمير والسلب والنهب الذي حصل في الجنوب خلال فترة الحرب عام 94 وما بعد الحرب". وأشار إلى أن الحراك أكد بوضوح للوفد الأممي أنه ليس جزءا من العملية الجارية في صنعاء أو من المبادرة الخليجية أو من مهمة المبعوث الأممي، وأنه حالة مستقلة تماماً عن العملية السياسية التي تجري الآن في صنعاء ويطالب بهويته الجنوبية واستعادة أرضه.