استطلاع/ رشيد الحداد حالة التضاد بين أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء تتصاعد من فينة إلى أخرى فتارة تتجاوز حدود الصراع الإيراد إلى الفوضى الصراعية التي تفقد كل عناصر الاخلاق، فباسم الصراع الإيرادي والحيوي يتغذى عتاولة الفساد الإداري والمالي والنهابة وباسمه تنتهك الحقوق وتستنزف جيوب المواطنين بمبررات وهمية، فآلاف المواطنين أصبحوا عرضة لابتزاز المكاتب التنفيذية التي صنعت من الفوضى تجارة ومن غياب القانون الحاكم لخلاف محافظة صنعاء مع أمانة العاصمة حول الحدود الجغرافية ومحددات الاختصاصات والصلاحيات المخولة بقانون السلطة المحلية مبررا لتجاهل مظاهر العبث المقنع بازدواج نطاق الوحدتين الإداريتين، فأمانة العاصمة كوحدة إدارية وسلطة تنفيذية كانت ولا زالت عاصمة بلا حدود ومحافظة صنعاء لا زالت محافظة بلا عاصمة، فالوحدتان معا في نزاع يحتدم تارة ويتراجع أخرى وما يزيد الأمر غرابة أن تقتحم مدارس بقوة السلاح وأن تصدر السلطات أوامر اعتقال اتباع السلطة الاخرى حال اختراقهم مجالها الحيوي.. إلى التفاصيل: لم يضع صناع القرار الخطط المستقبلية لتفادي ما هو كائن من صراع إداري بين أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، فالقانون رقم 13 لسنة 1983م بشأن إنشاء أمانة العاصمة فيما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية إبان التشطير لم يأخذ كافة الاعتبارات ولم يستعد للمستقبل العمراني والإداري لأمانة العاصمة التي فرضت على محافظة صنعاء كما يشير بعض المسئولين كوحدة إدارية كانت يوم إنشائها تفتقر للبنية التحتية والكادر الإداري ثم انتقلت إليها عشرات الأصول التابعة لمحافظة صنعاء، فقبل 83م كانت المكاتب التنفيذية لمحافظة صنعاء هي صاحبة الحل والعقد، كما كانت قيادة محافظة صنعاء هي المسئول الأول عن كل مجريات الحياة في كل شوارع وأحياء صنعاء، وعقب صدور القانون القاضي بإنشاء أمانة العاصمة حدثت خلافات بين المكاتب التنفيذية الجديدة والسابقة لتنتهي بعد ذلك، حيث التزمت القيادات الإدارية بالعمل في الحدود المرسومة قانونيا إلا أن تسارع العمران وتغير الأزمنة أعاد المشكلة من حيث انتهت، حيث تم تداولها في أروقة الوزارات وصولا إلى مجلس النواب وكذلك رئاسة الجمهورية التي أصدرت القرار الجمهوري رقم 3 لسنة 2001م بشأن التقسيم الإداري لأمانة العاصمة وإجراء تعديلات على التقسيم الإداري لبعض مديريات محافظات الجمهورية وجاء ذلك القرار بعد اقتراح وزير الإدارة المحلية وموافقة مجلس الوزراء والذي قرر تقسيم أمانة العاصمة إلى تسع مناطق إدارية وجاءت نقاط الخلاف الإداري الحالي في كل من البند الرابع الخاص بمنطقة السبعين وكذلك في البند العاشر الخاص بحدود وجغرافية مديرية بني الحارث ولم يتم الإشارة إلى حدود إدارية معينة للعديد من المديريات الواقعة في حدود التماس مع محافظة صنعاء فحسب البند الرابع للمادة الأولى من القرار والتي حددت النطاق الإداري لمديرية السبعين حاليا التي يحدها شمالا الخط الدائري الجنوبي "الأصبحي ويحدها من الشرق شارع 45 ويحدها غربا شارع أبو الحسن الهمداني حتى الأكمة الواقعة نهاية الحدود الجنوبية الغربية لأمانة العاصمة دون أي ذكر مناطق أخرى كبيت بوس ودار سلم والسواد وحزيز ومناطق أخرى أصبحت منذ سنوات مثار خلاف بين السلطتين المحليتين لأمانة العاصمة ومحافظة صنعاء أما البند العاشر من المادة الاولى من القرار رقم 3 لسنة 2001م فقد قضى بفك ارتباط مديرية بني الحارث ومركزها مدينة الروضة من محافظة صنعاء وألحقها بأمانة العاصمة رغم أن السلطات التنفيذية لمحافظة صنعاء كانت تتخذ من مدينة الروضة مقرا إداريا لها، كما حددت الحدود الإدارية الشمالية لأمانة العاصمة عند جبل الرون وكذلك طريق وادي ظهر كنهاية الحدود الإدارية الغربية لأمانة العاصمة بحدود منطقة السبعين، وفيما حل القرار الجمهوري إشكالية الازدواج الوظيفي والجغرافي في مديرية بني الحارث لا زال الصراع محتدما بين ثلاث وحدات إدارية هي السبعين ومديرية سنحان وبني بهلول وهمدان ومعين والثورة، كما أفادت معلومات عن تفاعل نفس الصراع بين آزال وبني مطر. فك الارتباط والعاصمة الكبرى تتمتع الوحدات الإدارية بالشخصية الاعتبارية حسب الفقرة (ب) من المادة 5 من قانون السلطة المحلية إلا أن الملاحظ لما وراء الصراع الإيرادي قبل الجغرافي والإداري بين أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء يجد الوحدتين معا تقعان على طرفي نقيض من الاستقلالية عن بعضهما، فمظاهر التداخل السكاني والعمراني وذوبان الحدود المكانية أمام أمواج التطور العمراني والحضري التي تلاطمت بنطاق الأمانة الجغرافي التي كانت ولا زالت عاصمة بلا حدود كما عصفت باستقلالية المحافظة التي لا عاصمة محددة لها حتى اليوم، رغم أنها وصفت بأم المحافظات إضافة إلى احتضانها منذ ثمانينات القرن الماضي أمانة العاصمة إلا أنها فقدت التوازن وأصبحت بلا بنية تحتية وتواجه أكثر من صراع حول النطاق الجغرافي بينها وبين محافظة المحويت وبينها وبين محافظة عمران، فأكثر من مشكلة إدارية لا زالت رهينة تدخل السلطة المركزية المخولة قانونا بفصل القضايا الإدارية ذات الطابع المحلي بموجب المادة 7 من قانون السلطة المحلية الساري والتي خولت وزير الإدارة المحلية اقتراح إعادة التقسيم الإداري من حيث الاستحداث أو التركيب أو الارتباط بعد موافقة مجلس الوزراء وإقرار رئيس الجمهورية، ورغم ارتفاع وتيرة الخلافات الإدارية بين المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية في الأمانة والمحافظة في أكثر من اتجاه على حدود التماس مع مديريات بني حشيش، بني الحارث، همدان، بني مطر، سنحان باعتبارها مديريات متاخمة للأمانة، وعلى مدى التسع السنوات الماضية من عمر المجالس المحلية شكلت الخلافات حول الإيرادات المحلية المقرة بقانون السلطة المحلية كمصدر دخل أساسي المرتبة الأولى "عائدات وغرامات ورسوم خدمات الأشغال العامة، عائدات الضرائب بأنواعها المختلفة، عائدات الواجبات" ثم تحتل خلافات المجال الجغرافي والحيوي المرتبة الثانية، تفاعل الخلافات في أكثر من اتجاه دفع رئيس لجنة الخدمات في أمانة العاصمة أواخر مارس الماضي إلى اتهام السلطة المركزية بتجاهل الخلافات كما تم تداول أكثر من مقترح للحد من المشكلة، من تلك المقترحات أن تدمج أمانة العاصمة بمحافظة صنعاء في وحدة إدارية واحدة تسمى العاصمة الكبرى بالإضافة إلى تداول مقترح آخر يدعو إلى تقسيم محافظة صنعاء إلى محافظتين شرقية وغربية تلك المقترحات تم مناقشتها ولم يبت فيها حتى الآن. الأغبري: لا تصاريح ولا خدمات في الوقت الذي تستدعي المصلحة العامة وضع حد للتداخل والازدواجية الإدارية بين الوحدتين الإداريتين أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، هناك طابور ثالث يتغذى على هامش الازدواجية ويفرض نفسه بقوة الفوضى، التي عاثت فسادا بحق الحاضر والمستقبل، فباسم الخلافات تم التلاعب بمشروع الحزام الأخضر للعاصمة الذي كلف الدولة ملايين الدولارات وبنفس المبرر توغلت أيادي الفساد المالي بعائدات ضرائب القات ومانحيها في نطاق الخلاف وبنفس الحجة غابت ملامح التخطيط والتنظيم في ضواحي العاصمة وحلت ملامح فوضى العشوائيات، التي عرضت المواطن العادي للابتزاز المزدوج، فعدد من المواطنين الذين التقيناهم في منطقة بيت عذران أحد أحياء عصر الجديدة عبروا عن استيائهم من الممارسات الانتهازية والاستنزافية التي يقوم بها محسوبون على مكتب أشغال محافظة صنعاء من مهندسين وإدرايين ومفتشين (بلدية) حيث أفاد المواطن/ محمد منصور الأغبري عن بيع المهندسين التابعين للأشغال الوهم لأصحاب الأراضي قيد الإنشاء، حيث يطلبون مبالغ مالية كبيرة مقابل قطع تصاريح البناء من الإدارة مستخدمين الترهيب والترغيب حتى يذعن صاحب العمل لمطالبهم ويسلم مبلغاً مالياً كنوع من المراضاة ودرء مفاسد الأشغال الذين يعودون مرة أخرى لنفس الغرض ويجبرون صاحب العمل على دفع مبلغ مالي آخر لصالح الترخيص الوهمي، وأضاف الأغبري: رغم كل ذلك يعاود الأشغال المطاردة ويعتقل عشرات العمال إذا لم يتم استخدام حق الفيتو بدفع مبالغ مالية تتراوح بين ال5 آلاف ريال يتم حبس العمال حتى إشعار آخر ونظرا لتفشي الفوضى تعمل البلدية صباحا ومساء في المناطق التي تشهد حركة بناء، بأكثر من مبرر، مخالفات بناء أو قطع تصاريح بناء وبالأخير يتبين بعد استنزاف كل الأموال أن مناطق البناء غير مسموح فيها قطع تصاريح بناء كونها غير مخططة وحول الخدمات الاخرى أشار الأغبري إلى عدم وجود شيء اسمه رسمي لا مياه ولا كهرباء، منوها إلى أن الكهرباء يتم إيصالها من قبل مواطنين سبق لهم أن أوصلوا الخدمة التي لا زالت دون عدادات، متسائلا عن تقاعس الجهات المعنية عن دورها في تقديم الخدمات الأساسية وحول خدمات الأمن أفاد بأن الأمن يتبع في تلك المنطقة أمانة العاصمة من جانبه أكد أحد المواطنين أن أشغال محافظة صنعاء يقدر مساحة الأرضية بالمتر ومن ثم يفرض رسوماً بدون تصريح رسمي. أبو صالح: يستثمرون الخطأ البقاء للأقوى في البناء والأراضي.. بتلك العبارات عبر أحد العمال الذي فر بجلده من قلاب البلدية يوم عيد العمال العالمي السبت الماضي، فالعامل/ حمود عبدالله يحيى 50 عاما يعمل في مجال البناء معلم في سواد حزيز، وصف سلبيات ازدواج الاختصاصات ب(العنترية) أما الشيخ/ علي أحمد أبو صالح الذي التقيناه في صافية طامش التابعة لمحافظة صنعاء والواقعة على حدود منطقة الحثيلي التي تتبع الأمانة فقد أكد تحول الازدواج إلى تجارة مشتركة يستثمرها مهندسون يتبعون المكاتب التنفيذية في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء وكل مهندس يبتز المواطن ويسلم الدور في اليوم الثاني لآخر ودواليك مشيرا إلى أن ما يحدث لأصحاب المباني قيد الإنشاء من ابتزاز يتم عبر الآلية الفاعلة (انفعني انفعك) حيث يدعي مهندسو أمانة العاصمة أن مكان البناء يقع في اختصاص الأمانة حتى وإن كان صاحب العمل يمتلك تصريح بناء من المحافظة والعكس، وأضاف أبو صالح أن البلدية والمهندسين وغيرهم يتعاملون بعنف مع ا لعمال وأصحاب العمل وحالما عرضت عليهم رخص البناء يرفضونها كون الهدف الابتزاز والنهب، مشيرا إلى أن غياب التخطيط وإحلال الفوضى أتاح لبعض النافذين البناء وسط الشوارع وحول عشرات المواطنين إلى ضحايا كما يحدث في شارع 24 الذي توقف في النصف بسبب البناء العشوائي من جانب واستخدام القوة لتدمير المنازل التي بنيت قبل سنوات وسط الشارع دون تعويض مما دفع بأصحابها إلى مواجهة الدولة بالنار. الجغرافيا صراع واستقطاب تصاعد حدة الخلافات وتراجعها بين السلطتين يحكمها الفعل، فكلما تراجعت وتيرة الاختراق التي تنفذها المكاتب التنفيذية التابعة لأمانة العاصمة تراجعت الخلافات وترتفع بعودتها، إلا أن اختراق المجال الحيوي من قبل وحدة إدارية على أخرى ليست الآلية الخلافية الوحيدة، فأكثر من آلية تم تفعيلها كآلية الإقناع والإشباع معا حيث اعتمدت أمانة العاصمة على عقال الحارات لمساندتها وإقناع المواطنين بجدوى الانتماء إليها في أكثر من اتجاه وأشبعت رغباتهم بتسهيل مهمة فتح مدارس ابتدائية ودعمهم بالكتب والكراسي ودفع إيجار تلك المدارس واعتماد مخرجاتها كما ربطت حق أبناء تلك الأحياء بالحصول على مدرسة نموذجية تلبي طموحاتهم أو مستشفى يداوي مرضاهم ومن أجل الحفاظ على مستوى مناسب من التأييد يتم وضع مخططات لإنشاء تلك البنى في إطار المناطق الخلافية بين المحافظة والأمانة، أكان في بني الحارث وبني مطر أو سنحان باستثناء همدان التي أبت الذوبان في إطار أمانة العاصمة بعد تدخل القبيلة حسب المعلومات المؤكدة للحد من زحف أمانة العاصمة على أراضيها الذي توقف منذ عهد الكحلاني، أما في مديرية بني مطر التي امتدت إلى بيت بوس معقل محافظة صنعاء الحالي فلا زالت حالة الكر والفر في تفاعل مستمر مما حدا بأشغال محافظة صنعاء إصدار أوامر اعتقال أي تواجد لعناصر بلدية العاصمة أو صحة البيئة حال تجاوزهم المجال الحيوي لمحافظة صنعاء أما الحالة الصراعية الدائرة في نطاق مديرية سنحان فقد أفضت إلى اقتحام عدد من المدارس بالقوة وتحويلها إلى محافظة صنعاء.. مصادر محلية أكدت أن مدرسة القادري ومدرسة الشهيد الجعدي تم إنشاؤهما من قبل أمانة العاصمة، مشيرا إلى أن مدرسة القادري تم بناؤها بجهود شعبية ومن ثم أعادت بناءها أمانة العاصمة حتى افتتحت ليتم اقتحامها من قبل المحافظة وأشار المصدر أن التوسع العمراني بدأ يزحف من دار سلم حتى القيضي حاليا وارتفع عدد الشوارع ضعف ما كان سابقا ولم تحرك محافظة صنعاء ساكنا ولم تقدم أي مشروع خدمي باستثناء مدرسة إلى مدرستين. مخرجو سنحان تعقيبا على ما نشرته الصحيفة في استطلاع سابق بعنوان سنحان الجديد، والذي كشف جزءا من المعاناة الإنسانية التي يدفعها المواطنون في نطاق مديرية سنحان اعتبر عدد من المواطنين من الذين تواصلوا معنا أن محافظة صنعاء وريث شرعي للإيرادات فقط، مشيرين في نفس الوقت إلى أن موطنهم الانتخابي هو الدائرة التاسعة التي تتبع مديرية السبعين كما أن عقال حاراتهم يتبعون في وثائق العقود وغيرها أمانة العاصمة كما أن السلطات الإدارية التي تتواجد بحكم الأمر الواقع هي أمانة العاصمة، أحد المواطنين الذي كشف عن مفهوم عنصري يتداول في المناطق الواقعة في نطاق مديرية سنحان مفاد ذلك المفهوم "مخرجو" أي أن أصحاب الاحياء الجديدة من شارع الخمسين حتى شارع المائة والذين يتجاوز أعدادهم عشرات الآلاف غير محسوبين على سنحان بل مجرد (مخرجين) كما يطلق عليهم من قبل السكان الأصليين الذين لم يتقبلوا الآخر على مدى 20 إلى 25 عاما من تواجدهم في المنطقة، نكتفي بهذا القدر لكي لا نتهم بإثارة العنصرية أو الإساءة إلى وحدة الصف الاجتماعي رغم أن معاناة أهالي تلك الأحياء لا حدود لها والتي منها أنهم يواجهون محاولات تهميش من قبل دولة القبيلة التي ترى نفسها دوما الغالبة، ويبقى الرهان على دولة المدينة في تحقيق العدالة والمساواة.