تحقيق / محمد غالب غزوان إن التعليم العالي يعاني من نفس الوضع البائس الذي يعيشه التعليم العام والتعليم الفني وهذا البؤس جاء بسبب أن رقعة منظومة القيم السلبية قد تمكنت من إحكام قبضتها على كافة المؤسسات التعليمية بعد أن رسخت مداميك الفقر والبطالة التي تحولت طريقا معبدا لها في الظلام ليحكم أخطبوط الفساد أذرعه على مفاصل المؤسسات وحياة المجتمع وتمكن هذا الفساد من استهداف التعليم كونه من يرفد المنظومات التي يتشكل منها الأداء في الدولة والمجتمع بمخرجاته وبانهيار التعليم تنهار منظومة القيم الأخلاقية وبالتالي يشمل الانهيار المجتمع ومنظوماته لأن الأمية المجتمعية تتمكن من فرض قانونها فتحيد الكوادر المؤهلة وتتقدم الصفوف كودر الجهل والتخلف وتزرع أشجار خبيثة من الأحقاد والكراهية فيرهب الناس الأمنيون ويتحفز الفوضويون والجهلة للوصول إلى مستويات الإدارة العليا فينهار البنيان ويفرض الشتات وتسقط الدولة ومن كان يظن نفسه الرابح يصبح نصيبه الخسران لان الأمور سوف تتكشف وتسقط أقفال صندوق الأسرار فهل الحكومة تدرك إلى أي مدى قد تم تدمير التعليم في بلادنا؟ سؤال يجيب عليه الحال الذي يعيشه التعليم العالي والوضع الذي تعاني منه هيئة التدريس ووضع البحث العلمي وطريقة التعامل مع اللوائح والقوانين وطريقة الإدارة مع المشاريع والاستراتيجيات والمليارات التي تصرف ونوعية المخرجات والوضع النفسي والمعنوي للطلاب والكادر من هيئة التدريس على حد سواء.. فإلى الحلقة الأولى في وزارة التعليم العالي وتوابعها عزيزي القارئ. مدن علمية في حوانيت .. حين تتلاشى فضيلة الحياة المهنية والمجتمعية في المؤسسات والهيئات التابعة لوزارة التعليم العالي يصبح الأمر خطيراً جدا لأن الاستهداف بات شاملا ومدمراً كليا وأصبح الوطن أرضا وإنساناً يقتاد نحو الهاوية المهلكة. الإسهاب المدمر وصل عدد الجامعات اليمنية الحكومية إلى ثلاثة عشر جامعة، منها خمس جامعات تحت الإنشاء وثلاثة وثلاثون جامعة أهلية وخاصة أغلبها تتكدس في أمانة العاصمة وهناك أكثر من عدد عشرين طلبة تنتظر منحها تراخيص لإنشاء جامعات أهلية أخرى، كل هذه الجامعات الأهلية تحولت إلى عبء يضاف إلى بؤس حال التعليم وفوق هذا شكلت إرباكاً لخطط وبرامج التنمية، حيث ان تلك الجامعات الخاصة حين قامت صحيفة الوسط بعملية تمشيط لنوعية تلك الجامعات الخاصة وكذلك الحكومية منها تماثلت كلياتها وتكررت أقسامها مما ضربت بعرض الحائط المطلب التنموي والطموح اليمني علاوة على أن تلك الجامعات منحت تراخيصها بصورة مخالفة تماما لمعايير الاعتماد وعدالة التوزيع الجغرافي لتتحول إلى عبء ثقيل وكريه والمصيبة الكبرى تكمن في عدم قدرة تلك الجامعات الخاصة بالذات على توليد المعرفة وتطويرها في ظل الوضع الذي تعيشه، حيث شاهدنا أن تلك الجامعات يستدل إليها بلوحات ضخمة ومسميات ذات ثقل مهيب وهي عبارة عن مجموعة من الغرف في شقة مستأجرة وقليل من الأجهزة المتمثلة في الكمبيوتر ومجرد ولوج الشخص إليه لا يشعر ولا يحس بهيبة المقام كصرح تعليمي جامعي وإنما يخيل له أنه في عيادة قلع الأسنان. تشابك التآمر على التعليم مخرجات التعليم العام هي مدخلات التعليم العالي الذي يعتبر المحطة الأخيرة لطالب العلم الذي يقذف به بعدها إلى سوق العمل وقد مثلت مخرجات التعليم العام ضغطا شديدا، حيث وصلت أعداد الخريجين خلال العام 2006-2007م (133283) طالب وطالبة أغلبهم يحملون معدلات عالية فاقت القدرة الاستيعابية لمؤسسة التعليم العالي ولكن الخطر الأكبر كان أن غالبية تلك المعدلات والنسب المرتفعة كان أصحابها يمثلون كمخرج ضعيف لا يتناسب مع نسبة المعدل الذي حصل عليه ذلك المخرج لانه لم يناله بجدارة علمية وكفاءة نوعية وإنما بوسائل غير مشروعة، كالغش مثلا أو أساليب أخرى من التحايل تفشت بشكل فظيع في أوساط مخرجات التعليم العام وقد أكد العديد من دكاترة الجامعة أن هناك العديد من الطلاب الذي يحملون معدلات عالية مستواهم الحقيقي المعاش يتبرأ بوضوح من تلك النسبة التي يدعيها أو حصل عليها الطالب والمؤسف أن مثل هؤلاء حصلوا على مقاعد دراسية في مؤسسات التعليم العالي ومنح داخلية وخارجية وما تلبث وأن تنكشف سوأة تلك المخرجات علمياً والتي حرم منها مستحقوها فيتم إما فصلهم من تلك الكليات وخاصة إذا كانت في الخارج أو يتم تحويلهم إلى تخصصات أدنى لا يحتاجها سوق العمل ليتحولوا إلى صخرة كبرى في طريق التنمية. أزمة التكافؤ إن التأثيرات السلبية في مفاهيم المعادلة الوطنية وتكافؤ فرص التعليم العالي بين شباب الوطن الواحد والتي تنهجها قيادات تم تركيز أغلبها من الذين يحملون عللاً اجتماعية سببت اختلالاً كبيراً في تلك المعادلة التي يجب تخضع لعملية التمحيص من خلال اشتراط امتحان القبول للمتقدمين للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي باختلاف تخصصاتها والمنح الدراسية الخارجية والداخلية كافة وإخضاع المتقدمين لامتحانات تحريرية ومقابلات شخصية من قبل لجان متخصصة أمينة ونزيهة وقادرة على غربلة جودة ونوعية المدخل الذي سيتم إلحاقه في المجال الدراسي المتقدم له وحتى يهتاب الطالب الذي سيتقدم لامتحانات الثانوية العامة من الصرح التعليمي الذي سينتقل إليه بأنه سيلفظه وسيعريه من نسبة المعدل المغشوش الذي توصل إليه وهنا سيتم توفير ملايين الريالات التي تصرف مقابل تعليم ذي أساس هش وكذلك ستجنب أسرهم الخسائر ثم تصطدم بضحالة قدراتهم وعدم قبولهم في سوق العمل في ظل عصر التسارع المعرفي والتقني المهول. وقد أكد العديد من الأجلاء في هيئة التدريس الجامعي على أن مفهوم تكافؤ فرص التعليم العالي يتمثل بالتنافس بين أبناء الوطن الواحد ليفوز من هو أحق بها وأجدر وهو ما بات أمراً ضرورياً في ظل الانحدار المخيف الذي تعاني منه مسيرة التعليم العالي وأن إعادة الثقة والاعتبار لذلك المفهوم يعتبر خطوة جبارة من أجل انتشال الوطن اليمني برمته من كافة المعوقات التي تحولت إلى مخاطر مفجعة. كلية التربية لا أحد يستطيع أن ينكر الارتباط الوثيق بين كلية التربية ومسيرة التعليم برمتها، لأن كليات التربية هي من تخرج المعلمين الذين يصنعون الأجيال ويرتقون بهم ولذا فقد أكدت العديد من هيئات التدريس على ضرورة رفع نسبة القبول لدى كليات التربية والتشديد في امتحانات القبول بصفتها صانعة معلمي الغد ولذا لا بد من إحداث نوع من الغربلة الحقيقية وضرورة التنسيق بين وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم والخدمة المدنية وكافة الجهات ذات العلاقة في مجال تخصصات المعلمين التي تحتاجها. ومن جانب آخر فقد أشارت التقارير إلى أن عدد واحد وثمانين ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانين معلماً ومعلمة يحملون مؤهلات ثانوية عامة وبعضهم ما دون الثانوية العامة وبعضهم يتبوأون مناصب متقدمة كمدراء مدارس ومدراء مكاتب تربية في بعض المحافظات ومدراء مراكز تعليمية في كثير من المديريات. فإذا كان هذا حال قادة الإدارة الصفية المدرسية بهذا الحال فإن عملية إعادة النظر في طريقة وإدارة كليات التربية أصبح ضروريا وكذلك إعادة النظر في طريقة التعامل مع مخرجات هذه الكليات من حيث سرعة توظيفهم وفق تخصصاتهم والتخلص من المعلمين أصحاب المؤهلات المتدنية لأن كليات التربية تعتبر محور الارتكاز الذي تدور حوله المنظومة التعليمية وهي منطلق إصلاح وانتشال التعليم مما هو فيه. استراتيجيات لابتلاع القروض والمساعدات .. دكاترة ذوو ثقافة عسكرية انحرفت بهم عن المسار الأكاديمي لقد عودتنا الحكومة عبر وزرائها على التهريج والبلبلة وعرض الاستراتيجيات من أجل الاقتراض وتلقي المساعدات من الدول المانحة التي أصبح عامة الشعب يدركون أن الوطن لا يستفيد منها شيئا وإنما يتم التحايل عليها ونهبها.. وإليكم هرجلة الحكومة واستراتيجيتها ومشاريعها: 1- استراتيجية للتعليم الأساسي. 2- استراتيجية للتعليم الثانوي. 3- استراتيجية للتعليم الفني والمهني. 4- استراتيجية لمحو الأمية وتعليم الكبار. 5- استراتيجية للتعليم العالي. أضف إلى ذلك عزيز القارئ المشاريع التالية: 1- مشروع تطوير التعليم العالي. 2- مشروع تطوير التعليم الفني والمهني. 3- مشروع تطوير التعليم الثانوي. وهناك مشاريع أخرى وإدارات ومسميات متعددة لا يتم الترويج لها كثيرا حتى لا يتم التركيز على المبالغ التي تم اقتراضها وكذلك المساعدات التي تتدفق باسمها، فمثلا مشروع تطوير التعليم الفني تم الاقتراض باسمه مبلغ خمسة عشر مليون دولار، تم تخصيص جزء من المبلغ لصالح صندوق التعليم الفني الذي يضارب بمبلغ يزيد عن ثلاثة مليارات ريال في أذون الخزانة في البنك المركزي لصالح الكبار، كذلك مشروع تطوير التعليم العالي الذي أكدت مصادر أنه تم رصد مبلغ له يقدر بعشرين مليون دولار وقد قام باستئجار عقار في شارع بغداد بالقرب من مقر صندوق التعليم الفني الذي يضارب بالقروض في البنك المركزي ثم ترك المشروع ذلك المقر وانتقل إلى الوزارة وترك اللوحة الخاصة به والتي كانت تحمل اسمه فوق مبنى العقار الذي أخلاه وتم استئجاره من قبل إدارة التغذية المدرسية، كلا المشروعين لم يقدما حتى الآن أي تطوير للتعليم باستثناء تطوير مستوى القائمين عليهما من المسئولين. أما عن استراتيجية التعليم العالي المقدرة في عام 2006م من قبل المجلس الأعلى للجامعات والمجلس الأعلى لتخطيط التعليم كما أقرها مجلس الوزراء في شهر يوليو عام 2006م وتم عقد ورش عمل (SWOT) في مؤسسات التعليم العالي وقيل إن البنك الدولي قدم دعما بمبلغ عشرة ملايين دولار والتي تخطت كثيراً من محاورها بعد تعثرها لمدة أربعة أعوام جراء بعض المستجدات في المسيرة التعليمية على مستوى العالم، وعباقرة الاستراتيجية جالسون القرفصاء "يقرطون الزلط" ومنتظرون للوحي ينزل عليهم ويوحي لهم كيف يقومون بتنفيذ الاستراتيجية لأنهم لا ينطقون ولا يعملون عن الهوى وعن المرجعيات العلمية وإنما وحي يوحى لهم من حكومة (واق الواق). رئيس جامعة وطالب قصة الطالب وائل القباطي مع جامعة عدن تعكس حقيقة التصرفات الغريبة التي ينتهجها دكاترة أكاديميون في طريقة تعاملهم مع الطلاب الدارسين وتلك التصرفات قريبة جدا من أسلوب تصرفات قادة المعسكرات بل ربما تكون أكثر بشاعة فإلى قصة الطالب وائل. عسكرة الطالب وائل قسم صحافة في كلية الإعلام أقدم على ممارسة حقه المكفول له في الدستور وأيضا المواثيق الدولية التي وقعت عليها بلادنا في حق نقل المعلومة والتعامل معها وكذلك حاول الطالب وائل أن يطبق ويمارس مهنة المستقبل التي يتلقى علومها وفنونها بكلية الآداب قسم الصحافة المهنة في جامعة عدن وقام بنشر تقرير صحفي يتحدث عن فساد الجامعة في عدن وكان يظن أنه سيلقى تشجيعاً واهتماماً من قبل الجامعة ولكن عكس المتوقع فوجئ بإنزال أقسى عقوبة توجه لأي طالب وتعتبر أشد من عقوبة الإعدام ألا وهي إيقافه عن مواصلة التعليم بقرار مزاجي من رئيس الجامعة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور ولم تفلح توسلاته ومذكرات الوساطة من جهات عليا واحتجاجات الطلاب حيث رفض رئيس الجامعة كل ذلك وأصر على حرمان الطالب الذي خضع في العام السابق لتطبيق القرار لعل الدكتور الفاضل يلين في العام الذي يليه ولكنه واصل حرمان الطالب في العام الثاني. المأساة هذا العام كان موعد تخرج الدفعة التي كان يجب على وائل أن يكون خريجا فيها.. حضر وائل حفل التخرج ليبارك لزملائه وأثناء ما كان يقوم بالتصوير انفجرت عيناه بالدموع.. كيف لا وقد قضى بن حبتور على مستقبله بدون أي ذنب. إن قضية وائل تكشف بوضوح كيف تحول الأكاديميون إلى عسكر والمجلس الأعلى للجامعات الذي يفترض به التدخل عقيم وكذلك الوزارة. إن قضية وائل وصمة عار على كافة من لهم علاقة بالتعليم العالي .. لأنه إذا لم يتدخلوا فمن الذي سينصر وائل ويعيد حقه ويعوضه؟ إن الأمل كبير في كافة أعضاء هيئة التدريس الجامعي الذين يجب عليهم أن تكون لهم كلمة حق من أجل طالب يعول عليهم كثيرا، كوننا نثق في فضيلة الحياة المهنية والمجتمعية التي يتمتع بها الكثير في هيئة التعليم العالي نأمل تجاوبهم لمناصرة وائل. أسرار حريق وزارة الليل نشب حريق داخل مبنى وزارة التعليم العالي يوم الاثنين المنصرم وفي تمام الساعة الثانية ظهرا التهم أوراق ووثائق الشئون المالية وقسم الحسابات في ظل غياب مسئولي المكاتب المالية الذين قيل إنهم يداومون عادة في المساء صحيفة الوسط في صباح نفس اليوم كانت متواجدة في مبنى الوزارة ولم تتمكن من اللقاء بأي من مسئولي الوزرة بسبب عدم تواجد الوزير ونائب الوزير ووكيل البعثات ومدير البعثات وباقي مدراء العموم لأن أغلبهم يداومون ليلا في وزارة "سرى الليل" وقد سبق وأن نشب حريق سابق في عام 2007م في قسم إدارة البعثات التهم الوثائق المزورة والسليمة.. فما حقيقة العلاقة بين حريق 2010م وحريق 2007م. -الأكاديميون نخبة كل أمة وروادها.. "بتدجينهم وعسكرتهم ينتصر الظلام" الجامعة مطلب سياسي ومطلب مجتمعي ومطلب نوراني ومطلب إنساني من أجل الإنسانية والأجلاء الأكاديميون من هيئة التدريس هم النخبة الطليعية القادرة على إعادة تشكيل الوعي الجمعي والقادرين على التأثير في القرار السياسي وخاصة في بلد مثل اليمن فيه نسبة تعداد الشباب 58% من عدد السكان.. فإلى الأحوال التي تعيشها هذه النخبة. بندقية القنص حين أخذت صحيفة الوسط في تحقيقها هذا تبحث في أغوار معاناة هيئة التدريس الجامعي وظروفها ومعاناتها كانت الحصيلة مؤلمة وتدمي القلب وتزعج كل ذي لب وعقل. هناك العديد من الدكاترة العاملين في الجامعة أصبحوا يعانون من اضطرابات نفسية جراء اصطدامهم بالوضع المعاش وانتصاب العصا البوليسية في وجوههم وتهميشهم وتأخير مستحقاتهم في البحوث العلمية وعدم الاهتمام وتقديم الدعم لتطوير إفرازات أفكارهم وعبقريتهم في خلق الجديد مما يؤدي إلى خنق طموحاتهم وانحباس أفكارهم في رؤوسهم التي تكاد تنفجر جراء ما تحبس فقد أكدت العديد من المصادر لصحيفة الوسط أثناء تقصيها لأحوال هيئة التدريس الجامعي أن هناك الكثير من الأساتذة الاجلاء مبدعون برغم افتقارهم للبيئة المناسبة للإنتاج لا يجدون من يكتشفهم أو يبرز إبداعهم، لأن القيادات الجامعية تتخوف من نبوغ المبدعين وظهورهم في الساحة حتى لا يزيحوهم من كراسيهم أو أن عندهم توجيهات بغمر هؤلاء المبدعين لأن أفكارهم لا تتناسب مع السياسة المتبعة داخل الوطن وتساءلت تلك المصادر متى سيتم الارتقاء بممارسة الفكر على أساس أن الوطن يتسع للجميع وبحاجة للجميع؟ القهر يقال والله أعلم أن من يملك العلم يملك السلطة والقوة وهذه العبارة واقعية في كل الدول والأمم الحية وها هي الكثير من الدول التي ملكت العلم تمكنت من امتلاك السلطة والقوة والسطوة مثل أمريكا على مستوى العالم وإسرائيل في المنطقة العربية. أما في صنعاءاليمن وباقي المحافظات فالأمر مختلف، حيث نجد دكتوراً أفنى عمره في الدراسة والبحوث يسكن في شقة بالإيجار بينما شقيقه الأصغر الذي تعسكر وحصل على منصب عسكري بسيط تمكن من امتلاك العمارة والسيارة والعقارات الأخرى. ودكتور آخر يجد زميل طفولته في الابتدائية الذي عزف عن التعليم واتجه إلى التهريب قد تمكن من أن يصبح شيخا ورقي إلى منصب وكيل وزارة أو محافظة والدكتور لم يتم تمكينه من رئاسة قسم بل يفاجأ بعوز وحاجة أسرة زميله الدكتور الذي توفاه الله ولم يخلف لأسرته غير أبحاثه وأفكاره وراتباً مستقطعاً لا يشبع الأسرة أسبوعاً واحداً ودكتور آخر أقعده المرض فلم يجد من يعينه بحق العلاج ومن ينقذه من إهانات المؤجر.. كم يكون الأمر مؤلماً حين تعجز جامعة علمية من توفير مبلغ زهيد جدا لإنقاذ حياة أحد أعضاء هيئة التدريس كمساعدة علاجية، فهل هذا الوضع سيخلق أي طموح لهذه النخبة من أجل تطوير نفسها وأبحاثها؟ هكذا تساءل الكثير ممن التقت بهم الصحيفة بطريقة غير مباشرة. ليس صعبا إن اتخاذ قرار تأمين الحياة الأكاديمية والإدارية داخل الحرم الجامعي ليس فقط للمتطالبات الطبيعية والمنطقية من مسكن وصحة وفكر ومهنة ومواصلات وغيرها أثناء الخدمة بل بعد الخدمة وأثناء إحالته للتقاعد ودعمه لإنشاء مشروعه الخاص ليعيش حياة كريمة هو وأفراد أسرته ويواصل عطاءه الفكري من الأبحاث التي لم يكن متفرغاً لها أثناء الخدمة ليس أمرا صعبا هذا ما أكده العديد من الأكاديميين من خلال إسهام الدولة في تهيئة المناخ فقط في حراك استثماري ممنهج ومستدام لصالح الجامعات ومنتسبيها وإنشاء صندوق خاص بهيئة التدريس الجامعي وتحريكه بمشاريع استثمارية تعليمية وتجارية وتبني أبحاث علمية ومبان تجارية ودراسات استشارية وتنشئ مراكز تقوم بتبني الخبرات التي تضمها الجامعة النوعية والكفؤة والقادرة على إعداد الدراسات في كافة المجالات وتفعيل الاتفاقيات الثنائية بين الجامعات اليمنية والجامعات الشقيقة والصديقة في المجالات العلمية والأكاديمية التي لم يستفد منها حتى الآن وأكدت تلك المصادر أنه لا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال مقرطة العملية التعليمية وانتخاب رؤساء الجامعات والعمداء وتحرير النقابة من قيود العبودية لتتجه إلى تفعيل اللقاءات الدورية والحوارية لتلاقح الأفكار وإثرائها وتبني وجهات النظر المثمرة وتفعيلها والتعارف بين أعضاء هيئات التدريس حتى تكون نقابتهم ذات قوة وخصوصية واحترام وتقدير وأن توفر الحماية الكاملة لأعضائها من العصا الغليظة التي تنطلق من تحت الطاولة لتهديد الأعضاء بطريقة غير مباشرة مثل ما تعرض له الدكتور الظاهري والدكتور عون في مطعم الخطيب عبر الشجار المصطنع الذي طعن فيه الزبائن وسلم المتشاجرون. دائرة الفساد الجامعي ورش العمل التي تقام بمسميات مختلفة وبدعم من البنك الدولي أو المنظمات المانحة المتنوعة لها لوبيها الخاص الذي يقوم بلهف المخصصات تحت مظلة تلك المسميات والمؤسف أن لا أحد يردع هذا اللوبي وحتى البنك الدولي والمنظمات على ما يبدو تستحسن تصرفات هذا اللوبي الذي يبتلع الدعم بدون أن يفيد المشروع المستهدف بأي شيء. ثلاثي اللهف الوثيقة رقم (1) والتي تحتضن شعار كل من الشيخ وزارة التعليم العالي والشيخ البنك الدولي والشيخ جامعة الحديدة تتحدث عن تنظيم مركز أنظمة وتقنية المعلومات في جامعة الحديدة ورشة للتعليم الإلكتروني من أجل تحسين جودة التعليم الإلكتروني. الوثيقة رقم (2) هي محضر اجتماع لأعضاء قسم المحاسبة في جامعة الحديدة وغرض الاجتماع إبلاغ الجهات المعنية في رئاسة جامعة الحديدة ووزارة التعليم العالي والبنك الدولي أن قسم المحاسبة لا يعلم بوجود برنامج للتعليم الإلكتروني وورشة العمل وموعد انعقادها ولم يبلغ القسم رسميا وتم حشر اسم رئيس القسم ضمن اللجنة المنظمة للورشة بدون علمه عن الورشة شيئاً، ورغم أن قسم المحاسبة هو المعني والمستهدف في هذه الورشة. مغالطون يا ترى لمن تم عقد ورشة العمل ومن صرف المبالغ ولهفها والورشة حسنت تعليم من ؟! على ما يبدو تم حشر اسم رئيس القسم الدكتور عبدالرحيم العليمي حتى يعرف أن حقه مضمون "لكنه مدبر فضحهم" والباقي لهفه حملة المباخر والقات الشماخي وشلة النفاق التي تتسيد الموقف. أين أنت يا وزارة باصرة ويا دكاترة الوزارة قليلا من الخجل مما تعبث به الدببة.. ولدائرة الفساد الجامعي حلقات أخرى مدعومة بالوثائق ترقبوا صدور صحيفتنا. د/ الدعيس ل"الوسط" : أين هي استراتيجية التعليم ومن الجهة المعنية بالتنفيذ؟ الدكتور/ محمد ناجي الدعيس أستاذ الإدارة التربوية المساعد في كلية التربية جامعة صنعاء أرحب كتب عن اختلالات التعليم في حلقات متعددة في صحيفة 26 سبتمبر أوضح العديد من المخاطر التي تحيط بالتعليم برمته وكافة تخصصاته ونالت تلك الكتابات استحسان الكثير من المهتمين والباحثين والدكاترة ولكن بقيت في الأخير مجرد كتابات في صحف ولم يتم تبنيها وأخذها بعين الاعتبار ربما بسبب أن الكبار لا يستحسنون إصلاح أي شيء ونظرا لأهمية ما تم تناوله في تلك المقالات التي كانت عبارة عن دراسة وبحث شامل عن اختلالات التعليم كان لنا معه هذا الحوار. *في بداية العام 2009م كتبت سلسلة من المقالات تحت عنوان "تجاهل الاختلالات في مؤشرات التعليم" في صحيفة 26 سبتمبر، وفي المقال رقم (11) تساءلت: لماذا لم تضطلع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بمهامها في وضع استراتيجيات مثمرة وقابلة للتنفيذ في تفريد وتنويع الجامعات اليمنية بحيث لا تتكرر أقسامها وتخصصاتها بنمطية سبعينيات القرن الماضي؟ فماذا تقصد من ذلك؟ -أشكرك أخ/ محمد على ديناميتك التي لا تعرف اليأس في زمن التحدي الأكبر لمهنة المتاعب وهي مهنة الصحافة، كما أشكر أسرة صحيفة الوسط كافة، وقد أحييت في الأمل بعد مضي ما يقارب السنة والنصف على نشر تلك السلسلة من المقالات، لانه قد كان بدأ يتسلل إلي اليقين بأني أكتب لمن لا يقرأ وإن قرأ لا يفهم وإن فهم لا يعمل.. أما الإجابة على سؤالك ماذا أقصد فكما تعلم بأن نظم اليوم الاجتماعية تتسم بالتعقيد، ولعل النظام التربوي والتعليمي من أكثرها تعقيدا لكونه نظاما مؤنسنا إلى حد بعيد، ويتعامل مع مدخلات بشرية فيها من الشمولية والتعددية والتنوع ما يفوق أي نظام اجتماعي آخر، ولكونه نظاما له دلالاته في بناء الإنسان لرفد بقية النظم الأخرى، فإذا ساء بناؤه ساءت بقية النظم، وكمطلب مفروض للقرن الجديد شئنا أم أبينا بأن يتصف مسئولو التعليم بالتميز والحصافة والوعي المؤمن والقادر على السير بمنظمته -وزارته- وبالعاملين فيها والمستفيدين إلى مدارج النماء والعطاء والتنوع، بمعنى آخر أن ينتقل بإدارته من إدارة تسيير الإشكالات اليومية إلى إدارة التطوير فمعظم قادة العالم الذين يتسمون بالوعي حينما يسألون عن أولوياتهم يكون ردهم منصبا على التعليم ثم التعليم ثم التعليم. فأين قادة تعليمنا؟ ولكن الملاحظ أن واقع التعليم اليمني يزداد قتامة نظرا لما ذكر آنفا وغياب الرؤى والرسالة بسبب انعدام العمل المؤسسي فتأتي الاستراتيجيات مجزأة ولا تتجاوز حدودها حدود صفحاتها المكتوبة، فلا رقابة ولا تنفيذ في ظل انعدام الضبط، الامر الذي زاد من تفاقم الاختلالات التعليمية ومخرجاتها وزادت الجامعات الأهلية والخاصة والكليات إلى 32 منشأة وجميعها يفتقر إلى معايير الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة.. كما أن عدد الجامعات الحكومية وصل إلى 15 جامعة وجميع الجامعات الحكومية والخاصة يسير بنمطية قاتلة في إنشاء الأقسام والكليات وهو ما زاد من البطالة والفقر في سوق العمل، فمخرجات الجامعات في واد وحاجة السوق في واد آخر.. فإذا كانت الجامعة مطلب سياسي فلماذا لم تسهم وزارة التعليم العالي بوضع خطة مدروسة للتوفيق بين المطلب الأساسي ومطلب السوق وحاجاته؟ من المفروض أن تكون الجامعة مجتمعية أي تقوم بخدمة المجتمع لا عبئا عليه.. الهيئة اليمنية متنوعة في مصادر ثرواتها ولكننا لم نجد جامعة للأحياء البحرية على سبيل المثال فقط.. لذلك نجد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اختزلت مهامها إلى مستوى الإدارة العامة للبعثات، فكما تلاحظ أن قطاع البحث العلمي مفقود في هيكل الوزارة، وقد أطلق الوزير د. صالح باصرة في إحدى مقابلاته مع صحيفة 26 سبتمبر أنها وزارة المنح ويكفي من هذا الاعتراف للقيادي الأول في الوزارة أنها عاجزة عن أن تقوم بدورها الرقابي حتى على الجامعات أكانت أهلية أم حكومية. هل ما يتقاضاه عضو هيئة التدريس لا يفي بمتطلباته وأن الدولة لا تحيطهم بالرعاية التي يجب أن تكون؟ -بالطبع لا يفي بمتطلباته سواء المهنية أو المجتمعية وبرغم أن عضو هيئة التدريس المعار بنفس درجة عضو هيئة التدريس يتقاضى ضعفي مرتب اليمني وبسعر ثابت وهو الدولار.. ولو أردنا الإنصاف في تلك الخصوصية وبحيادية ينظر إلى سعر الصرف بعد الوحدة حيث كان الدولار = 4.5 ريال وتضاعف إلى أن وصل سعر الدولار الواحد إلى 223 ريالاً.. ألا يكون من الإنصاف زيادة المرتب بنفس نسبة زيادة سعر الدولار؟ ولكن دعنا من هذه الخصوصية التي يمكن حلها عندما يشخص العمل الجامعي كمنظومة علمية وإدارية متكاملة يحتم على جميع شركاء مكونات المنظومة تحمل مسئولياتهم كاملة أمام نجاح العمل الجامعي أو فشله، وذلك يتحقق بنقل قانون الجامعات اليمنية رقم (18) لسنة 1995م ولائحته التنفيذية إلى حيز التنفيذ والذي مر على صدوره خمسة عشر عاما.. حينها تستطيع القول بأننا بدأنا الخطوة الأولى في المسار الصحيح.. الأمر الذي كان يؤمل من الحكومة أن توليه جل اهتمامها، خصوصا وأن 14 حقيبة وزارية استأثر بها أكاديميون بضمنها حقائب التعليم الثلاث انطلاقا من مصلحة الوطن وتنفيذا للبرنامج الانتخابي لفخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي حاز به على الأغلبية في انتخابات عام 2006م.. أم أن الحكومة تنتظر مباشرة الأخ الرئيس تنفيذ البرنامج؟! *د. ناصر محمد ناصر انتقد تصرفات هيئة التدريس في مقالة بصحيفة الوسط هل تؤيد الدكتور ناصر فيما طرح؟ -ما كتبه الدكتور قرأته وأنا أحترم وجهة نظره وإن كانت خاطئة، ويفترض به هو أيضا أن يحترم رأي الأغلبية، ويجب عدم تشويه الحقائق عندما تعجز عن تقديم الحلول، فالديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والرأي الآخر لم نمارسها إلا بعد إعادة تحقيق الوحدة المباركة، فيجب عدم تشويه تلك المفاهيم بممارسات لامسئولة، وقد رد الدكتور قيس عليه في نفس المكان وبنفس الصحيفة. *ما سبب انعدام البحث العلمي؟ -في الوطن العربي لم يخط الخطوة الأولى بعد برغم وجود الإمكانيات المادية لبعض الدول، فما بالك بنا ونحن نرفض تنفيذ القانون رقم (18) 1995م الذي أحد محاوره الارتقاء بالبحث العلمي، كما أن مساهمة القطاع الخاص معدومة في استثمار البحث العلمي، إما قد يكون هدفه تجارياً أو عدم ثقة بقادة مؤسسات التعليم العالي لأنها هي الأولى لم تبلغ بعد الرشد الاستثماري في مجال البحث العلمي إما عن جهل وهو ما أرجحه أو تجاهل أو العبودية الإدارية خذ ما شئت من ذلك. *هل ترون أن الجامعات الخاصة بوضعها القائم قادرة على توليد المعرفة وتطويرها؟ وما أوجه القصور فيها؟ -بوصفها القائم لم ولن تستطيع توليد المعرفة لأن الاستثمار في مجال التعليم العالي لا زال طريقه طويلاً ولا بد من التخلص أولا من الجهل المجتمعي الذي يمثل نسبة كبيرة حتى بين بعض المثقفين وذوي الألقاب العلمية، لا بد من التخلص من المعادلة المغلوطة (رابح/ خاسر)، لتكون المعادلة السليمة والصحيحة لشركاء التعليم جميعا (رابح/ رابح)، وتلك تمثل اهم أوجه القصور لأنها تمثل في واقع الأمر تغييراً في الخرائط الذهنية لرجالات التعليم حتى يتحرروا من مسلماتهم وعقائدهم القديمة التي أثرت سلبا على التنمية الوطنية وأبعادها. *يقال إن الكليات ترغم المعيدين على التوقيع مسبقا وعدم المطالبة بأجرهم؟ لماذا أنتم ساكتون عن مثل هذه التصرفات؟ ألا يكون هذا مهينا لكم؟ -أول مرة أسمع مثل ذلك، وليس عندي فكرة، وإن وجد لا يعد مهيناً بالنسبة لي طالما وأن هناك قانون، فالكل ملزم به ويجب احترام العمل الإداري وتسلسله.. وهناك جهة مسئولة عن مثل هكذا تصرفات ولست أنا. *يقال إن بندقية القنص السياسي تحيد الكثير من الدكاترة من المناصب التي يجب أن يكونوا فيها وتضع آخرين أقل خبرة.. إلى أي مدى تعاملت معكم هذه البندقية؟ -أنا لا أحبذ هذا المصطلح، فكفانا استخداما للبنادق وما آلت إليه.. عموما أنت تقصد من تم تعيينهم رؤساء جامعات أو نواباً كجامعة البيضاء أو الحديدة أو عمداء كليات وهو مخالف للقانون آنف الذكر وهو إحدى الركائز الرئيسة في خلق حقد أكاديمي ومجتمعي وأعده مقصودا لإنهاك التعليم فوق ما طاله من سوء.. أنا لم أسع إلى تلك البندقية فكيف ستأتي إلي؟ ولست ممن يدور في ذلك الخلد، فحياتي المهنية هي في الكلية حيث أجد القناعة التامة. *باعتبارك أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء هل بالإمكان القول بأن استراتيجية التعليم العالي فشلت؟ -أنت لا تقول وإنما الواقع هو من يقول فأين هي الاستراتيجية؟ ومن الجهة المعنية بالتنفيذ؟ منذ إقرار الاستراتيجية من مجلس الوزراء في يوليو 2006م لم تلامس الواقع حتى اللحظة بل زاد سوءا بوجود 32 جامعة خاصة في شقق سكنية!! بل وقد أصبحت تلك الاستراتيجية كعجوز شارف ظهرها على الانحناء لما طرأ من مستجدات تخطت محاورها.. فهل هذا يعد نجاحا؟ ولكن كما ذكرتكم سلسلة مقالات عن التعليم بعد عام ونصف سوف يقيض الله من يبعث الحياة في استراتيجية جديدة تنسجم والمتغيرات الماثلة.. وشكرا.