كتب/محمد صالح الحاضري أبدى الفرنسيون تحسسا من قول كارل ماركس أن الثورة الفرنسية قامت بأيديولوجية ألمانية، فلوحظ تأكيدهم على الفلسفة الفرنسية بل وتأثيرها على الفلسفة الألمانية، فتحدثوا مثلا عن شغف هيجل بفكر جان جاك روسو (كان عمر هيجل في 1789م "19"عاما). إن ما عبرت عنه الفلسفة الألمانية من انتماء إلى الحقيقة هو نفس ما عبرت عنه الفلسفة الفرنسية،إذ يؤصل الفرنسيون مشروعهم إلى ديكارت. كما أن كتاب مونتسكيو "الحق روح القوانين" ظهر قبل فلسفة الحق الهيجلية بعقود، لقد كان جان جاك روسو فيلسوف فطرة، بنى عليها فلسفة تربية وكان فولتير كذلك فيلسوف حقيقة (فطرة)، فشكلت انتقادات ديكارت وروسو ومنتسكيو وفولتير للفكر التاريخي أساس ما صدرت عنهم من دعوة للعودة إلى الوعي الفطري، شبيهة من زاوية الفكر النفسي بدعوة سيجموند فرويد (نمساوي) إلى التحرر من أثقال التاريخ. إن تموضع الحقيقة في صورة الثورة الفرنسية (كثورة سياسية) كان إيذانا بمرحلة الدولة وفق أصولها الفطرية متلازماً ذلك مع تجريد الوعي الفطري من الأشكال التاريخية ونقله إلى مستوى الظاهرة العامة. * هامش: الحقيقة أزلية واكتشافها ناتج عن التطور الشخصي والمستقل في إطارها، فهي نفسها تطورت على شكل مراحل الوعي قديما وحديثا فتمثلت حداثتها في ديكارت وروسو ومنتسكيو وفولتير كما في سبينوزا (هولندي) وكانط (ألماني) إلخ.. لكن هيجل كأكثر تطورا هو من عرض النشاط الموضوعي للحقيقة في صورة التاريخ العام فحسم بذلك فلسفة الوجود.