لم تكن القضية التهامية وليدة اليوم أو حدثاً سياسياً عابراً برز على الساحة السياسية نتيجة لما شهدته بلادنا من أحداث وتطورات عديدة لعل أهمها تفجر الثورة الشعبية ضد النظام وإنما تعود خلفيات القضية التهامية إلى الماضي القريب وبالتحديد منذ قيام ما عرف بالمملكة المتوكلية اليمنية والتي أقامها الإمام يحيى بن حميد الدين عام 1918م بعد رحيل الأتراك من اليمن وطبعا اتسم نهج الأئمة بحكم أسري فردي ولم يسلم من نار جوره أحد، بيد أن التهاميين ذاقوا خلال عهد الأئمة والذي امتد زهاء 44 عاما ويلات العذاب وجحيم الإذلال والاستعباد غير أنهم لم يخضعوا لهذا النظام الكهنوتي فقد قاد التهاميون ثورتهم العارمة ضد الإمام يحيى فيما عرف بحرب الزرانيق وإن كانت هزيمتهم نتاج نهج الأئمة فرق تسد إلا أن تطلعاتهم نحو الحرية والمساواة والمواطنة المتساوية كانت عاملا مهما في مواصلة مقارعة الأئمة، ورغم مشاركتهم الفاعلة في ثورة 48م إلا أن فشلها لم يصب التهاميين بنكسة ويشهد التاريخ الذي لا يرحم أن التهاميين كانوا سباقين في مقارعة الأئمة ومطاردة فلولهم عقب نجاح ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 62م.. فقد كانت الحديدة كبوة الإمام أحمد والمصدر الأول لقوافل الحرس الوطني الذي تشكل بعد 3 أيام من قيام الثورة وما زال هناك أبطال صناديد شاركوا في ملاحم الدفاع عن الثورة والجمهورية ممن كان لهم شرف الدفاع عن الثورة والجمهورية، حيث انطلقت أفواج الحرس الوطني -وجلهم تهاميون- صوب جبهات الشرف والبطولة لمقارعة فلول الأئمة ومرتزقتهم في مناطق عديدة من حجة، ليس بدافع المكسب والمغنم أو السلطة والحياة وإنما سعيا نحو بناء دولة يمنية حديثة تعيد للوطن والشعب حريته وعزته وكرامته ولها أنشد شاعر الثورة اليمنية وأحد أبطالها الميامين إبراهيم صادق أنشودته البطولية (أنا يمني أنا يمني واسألوا التاريخ عني أنا يمني). صحيح أن الثورة اليمنية سبتمبر انتصرت بعد تضحيات جسام لكن المصالحة الوطنية عام 70م وإن كانت ساهمت في تحقيق الأمن والاستقرار وانهت مراحل الصراع السياسي والمناطقي على السلطة إلا أن التهاميين استثنوا من كعكة هذه المصالحة، ففي حين كان البعض جمهوريين في الصباح ملكيين في المساء كان التهاميون لسان حالهم تهاميون في المنفى منفيون في الوطن ومواصلة في سياسة التهميش للتهاميين اتخذ متسلقو ومتسلطو حكومة المصالحة الوطنية الأولى في ظل النظام الجمهوري ضد أبناء تهامة سياسة فرق تسد، فإضافة إلى معاناتهم من طفاح زاد من وضعهم الإنساني والاجتماعي العم دحباش ولأول مرة في تاريخ حياة التهاميين لاح أفق سمائهم الملبدة بالغيوم بشعاع أمل مثلما لاح أيضا على كافة أرجاء الوطن إنه عهد الرئيس الراحل الشهيد البطل إبراهيم محمد الحمدي والذي لن ينسى له اليمنيون عامة وأبناء تهامة خصوصا مواقفه الوطنية تجاههم وما زالت كلماته الوضاءة تتردد في آذاننا جميعا وباستشهاد رائد الدولة المدنية المنشودة الخالد في قلب كل يمني الشهيد إبراهيم محمد الحمدي خسر اليمنيون عامة والتهاميون خاصة أحد رواد دولة النظام والقانون ورائد المواطنة المتساوية. بيد أن التحالف العسكري القبلي والذي جاء منذ 17 يوليو 78م واستمر زهاء 33 عاما أعاد التهاميين إلى المربع الأول فانتهج سياسة التجويع والتركيع والتهميش والإقصاء لكن تحت يافطة العطاء مقابل الولاء فكانت تهامة الرائدة الأولى في زرع المستوطنات من خلال أوامر المنح والهبات لمعظم القبائل ومن حالفهم وحتى تكون هناك معادلة متساوية كانت الحديدة أشبه بكركوك في عهد صدام حسين كما كانت وما زالت أشبه بدارفور السودانية وإن كان صدام حسين أعطى من لا يملك لمن لا يستحق فإن التحالف العسقبلي عندنا سلك نفس السلوك فيما لا يزال الجنجويد يعبثون بالتهاميين، والأخطر من ذلك مواصلة مسلسل دحباش والذي لم تنته حلقاته بعد. تصوروا حتى في ظل السلطة المحلية عفوا أقصد السلطة المحلية والتي شعارها المشاركة الشعبية في البناء والتنمية لم تطبق في تهامة وبحسب استبيان لكاتب هذه السطور فإن موارد محافظة الحديدة تصل إلى 50% من موارد الدولة غير السيادية فيما لم تشيد حكومات الثورة والجمهورية والوحدة والقبيلة أي مرفق صحي خدمي، فيما يستحوذ على مفاصل السلطة المحلية ومكاتبها الخدمية والتنموية ما يزيد على 80% من خارج المحافظة فيما 85% من موظفي هذه المؤسسات هم أيضا من غير أبناء تهامة، كما أن هناك مؤسسات لا يزيد موظفو تهامة فيها عن 10% بل إن هناك مؤسسات جل موظفيها من غير أبناء تهامة، كما أن مدراء المديريات والذين هم رؤساء مجالسها المحلية هم من غير أبناء تهامة فيما تركز التهاميون كعمال في صندوق النظافة أو المؤسسة المحلية للصرف الصحي أو الموانئ أجراء لا مسئولين أو مدراء. الغريب وما الغريب إلا الشيطان أننا تنفسنا الصعداء بإقرار انتخابات المحافظين وفضلنا الطبخ بسمن الجبلي لا بزيت القروية فكان أشهى وألذ طعما بالنسبة لنا وفعلا تذوق التهاميون طعم الحياة بسمن الجبلي بعد أن ضاقوا ذرعا بزيت القروية لكن ما كل ما يطلبه المرء يدركه تأتي المصالح بما لا يشتهي المرء. وتمسكا بالحضارة اليمنية الأصيلة أصبحت وجهة الجميع زبيد استجابة لدعوة الفنان محمد عبده وامسافر إلى زبيد وغدت هذه الأغنية لا تسمع حتى في المقاهي والمقايل وعادت حليمة لعادتها القديمة وفي الآونة الأخيرة صحا النائمون على بساط التحالف العسقبلي والذي تفككت أركانه وانكشفت عراه فانبرت أصوات ما حظيت سابقا لتحتظى حاليا تعمل جاهدة على لعب أدوار شبيهة بالأفلام الهندية.. ففي حين رفضت المائدة الشهية المعدة بسمن الجبلي تسعى حاليا للطبخ بزيت القروية وسمن البادية ليس كرها في الأول وولاء أو حبا للثاني وإنما سعيا لاستلام ثمن المواقف الأخيرة مع أحد أقطاب التحالف آنف الذكر ومع أن هؤلاء لم يستفيدوا من الماضي فما زالوا متمسكين بتجربة أبي رغال ومسلك حاطب بن أبي بلتعة ظنا منهم أن المواقف تباع في سوق النخاسة لكن نقول لهؤلاء كل شيء ممكن بيعه إلا الكرامة والأرض والعرض، واليوم وفي ظل حكومة الوفاق الوطني يتطلع التهاميون إلى تحقيق آمال وطموحات تتجدد بتجدد الحياة آملين من الجميع تبني قضيتهم والتي يزيد عمرها على 9 عقود مضت من حياتهم مطالبين بحياة كريمة ومواطنة متساوية شعارهم (أنا يمني أنا يمني واسألوا التاريخ عني أنا يمني) وأقول لجميع أبناء تهامة مشائخ ووجهاء ومفكرين وأدباء تذكروا قوله تعالى "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" صدق الله العظيم وأقول للطابخين بزيت القروية المثل التهامي كل ما أعجبك ودعنا نعيش كما يعيش الناس فجميعنا أبناء وطن واحد لا فرق بين تهامي وغيره إلا بالولاء والوفاء للوطن، فالولاء مبدأ شريف لا ينسجم بأي حال من الأحوال مع القبلية والمناطقية والقروية والفئوية. والله من وراء القصد. حكاية صاحب الدجاج يحكى أن بائع دجاج استقل سيارته متجها إلى المدينة ليبيع دجاجة في الطريق استوقفه رجل المرور وسأله عن أوراق السيارة فقدم السائق كل الأوراق بيد أن رجل المرور سأل السائق عن نوع الحمولة. أجابه دجاج. أبصر رجل المرور الدجاج وقال ما شاء الله الدجاج سمينات.. ما بتأكلهن؟ رد السائق مفتخرا: أأكلهن حب.. استغرب رجل المرور في حيلة هدفها الابتزاز هاه تأكلهن حب واحنا نقول الحب الذي نستورده للشعب أين يذهب وانتو تدوه للدجاج هيا على جنب ولم يبرح السائق مكانه إلا بدفع المعلوم. سار سائق السيارة بعد أن اشتط غضبا من الموقف بيد أن رجل مرور آخر استوقفه وبنفس الأسئلة قدم السائق الأوراق إلا أن رجل المرور سلك نفس مسلك من سبقه لكن حينما سأل السائق عما يأكل الدجاج رد السائق بغضب أأكلهن خراء فكانت هذه الكلمة ضالة المرور ورد على السائق: تأكلهن خراء واحنا نقول الشعب مريض ليش ومصدر مرضه الدجاج هيا على جنب استغرب السائق من هذا الموقف أيضا وتمتم أيواه أيواه أتيت راكب قطعنا راسك أتيت تمشي قطعنا راسك ولم يبرح مكانه حتى دفع المعلوم بيد أنه فكر في حيلة أخرى يتخلص بها من الابتزاز، سار بسيارته وتكرر نفس الموقف في نقطة مرور أخرى لكنه حينما سأله رجل المرور عما يأكل الدجاج رد بمكر ودهاء ما بلا أعطي كل واحدة مصروفها وهي تدبر حالها. حكاية الثعلب والأسد يحكى أن ذئبا وأسدا وثعلبا اصطادوا دابة فقال الأسد للذئب اقسمها فقال ثلث لي وثلث لك وثلث للثعلب فانقض الأسد على الذئب فقتله ثم طلب من الثعلب أن يقسم الفريسة فرد الثعلب عفوا سيدي ثلث فطورك وثلث لغذائك وثلث لعشائك ابتسم الأسد وسأل الثعلب من علمك هذا أيها الثعلب الماكر أحنى الثعلب رأسه ووجه نظراته إلى جثة الذئب وقال عفوا سيدي ملك الغابة وزعيم وحوشها لقد علمني ذلك هذا الغبي، نعم هذا الغبي.