إننا في الوقت الذي ندين ونجرم فيه كل أعمال التخريب التي تقوم بها قوى متنفذة تسعى للنيل من إنسان وأرض مدينة عدن، التي تتعرض لكم هائل من الانتهاك والإلغاء والتهميش المتعمد، ولمسلسل نهب مستمر وممنهج تشهده منذ سنوات من قبل النظام المستبد والفاسد بإمعانه المتعمد بإلحاق الضرر الذي بلغ ذروته على تاريخها، نصرخ بأعلى صوت أن ما يحدث لعدن هو محاولة لكتابة تاريخ جديد لها، وطمس لهويتها ومحو لشخصيتها، واستباحة لحرمة مدينة تعايش فيها الإنسان مع جبالها وبحارها وسمائها لصنع ارض لا تشبه غيرها في العالم، إن مثل هكذا أعمال تشويه للملامح الجغرافية والتاريخية لا تعانيه ولا تعيشه أي مدينة أخرى . وقال البيان الصادر عن ناشطي وحقوقيي وإعلاميي محافظة عدن السبت الماضي ان دافعهم الأساسي لإعلان عدن تحتضر مدينة منهوبة والمطالبة بإعلانها محمية طبيعية وتاريخية. وجاء في البيان هناك من ينتهز فرصة الانفلات الأمني الحالي، تحت غطاء الدولة الغائبة والحكومة المتواطئة، بركنهم القانون جانبًا واستخدامهم لغة السلطة والقوة بالاستيلاء والبسط على الأراضي البيضاء، مبررين ذلك بصرفها عبر محاضر بيع وبحجة تبنيهم مشاريع تنموية واقتصادية وهمية للنهوض باقتصاد البلاد، تقوم بها شركات لا وجود لها دون وجه حق أو صك قانوني أو إتباع مشرع، ليشيدوها على معالم عتيقة وآثار قديمة ومتنفسات طبيعية تحكي تاريخ شعب أصيل وعريق في مدينة ، كانت ولا تزال قبلة كل كائنات الأرض بحرية وبرية، يبيعونها ويؤجرونها لمن سيعيث فيها ومنها الفساد والدمار حسب المصالح والفوائد المستقبلية المرجوة، لم يقدهم تفكيرهم إلى مدى الضرر الذي سيتسببون به للمدينة وساكنيها، كان جل همهم استغلال الوضع، بجعلهم الأراضي في عدن حكراً على بعض الناهبين والمرتزقة، وليس للعامة عليها أي حق يذكر. هنا ومن منطلق الشعور بالمسؤولية التي تقع على عاتقنا كأبناء بارين ومحبين لعدن، لن نتأخر عن التضحية لأجلها، ونطالب الجهات المعنية من مجالس محلية وسلطات قضائية وقانونية وأجهزة أمنية في عدن بإصدار قرارات وتوجيه أوامر تقضي بإيقاف أعمال الحفريات الجارية أسفل درب الجوهري، وفي المتنفس الطبيعي الواقع بين مديريتي خورمكسر وصيرة وأعمال البناء حول ساعة "ليتل بن"، وإعادة صيانة بنائها وقرص ساعتها لتعود للعمل من جديد، وإيقاف هدم المدارس والكنائس والمساجد القديمة التي تعود أعمارها إلى مئات السنين بحجة بنائها من جديد، لتظهر واجهات تلك المساجد كواجهات كنائس كاتدرائية، مما أضاع صورتها المعمارية والتاريخية وتطورها العلمي والاجتماعي، وإخلاء مقر إتحاد نقابات العمال من الجماعات المسلحة، بعد أن تعرض مسرحه للتدمير الواسع النطاق وبنائه للسرقة والتخريب. وحتى لا يتكرر مسلسل الاعتداءات بحق المعالم والآثار والمتنفسات الطبيعية والسياحية في عدن، نشدد على ترك الاستهتار وأسباب الاختلاف جانبًا لسد هوة الفرقة والتحلي بالصبر. كما طالب الناشطون الإعلام الرسمي بتسليط الضوء والاهتمام أكثر على تاريخ عدن المتجذر, بتقديم صورة أوضح عنه، وتعريف الشارع العدني بأهميته وما تعرض له من نهب وسلب، وما تمثله مثل هكذا أعمال غير مسئولة من أضرار بالغة في المدينة، الأمر الذي أدى إلى زيادة اختناقها، بردم البحر وتحويل السواحل إلى إقطاعيات خاصة للمتنفذين. وعلى الرغم من كل تلك المحاولات اليائسة من قبل بعض الفاسدين والمرتزقة لتزوير حقيقة تاريخ مدينة عدن الجلي والذي لا يخفى على أحد، حتى يلبوا حاجات بائسة في أنفسهم الحاقدة، نؤمن بأن عدن كانت وما زالت صامدة أمام كل أشكال النهب والعبث عبر تاريخ أبنائها الطويل في مواجهة الناهبين والعابثين، ثابتة كجبل شمسان وصامدة كقلعة صيرة. واشار البيان الى مثل هذه الأعمال الشائنة لا يسع ناشطي عدن وكل الغيورين من أبناء هذه المدينة إلا أن يدعو إلى التصدي لها ومقاومتها وتصعيد مظاهر الاحتجاج عليها بكافة الوسائل السلمية والمدنية الممكنة، كما نوجه رسائل ونداءات عاجلة إلى جميع منظمات المجتمع المدني المهتمة – محلية وإقليمية ودولية – ومؤسسات وهيئات الحكومة المعنية بالآثار والمعالم التاريخية والمتنفسات بالعمل السريع والجاد على إيقاف هذه الانتهاكات فوراً، كونها تمثل اعتداءً على التراث الإنساني، لاستعادة الشعب حقه المشروع على أرضه، التي هي ملكه وهو سيدها الحقيقي.