في الوقت الذي فشلت قرارات وتوجيهات اللجنة العسكرية العليا من إخلاء جنود الفرقة الأولى مدرع لساحة جامعة صنعاء، نجحت حملة "انا نازل" التي دعا لها طلاب جامعة صنعاء للنزول إليها للاحتجاج ضد عسكرة جامعة صنعاء السبت، في إجبار انتزاع اتفاق نهائي يقضي بخروج قوات الفرقة وسحب كل اسلحتها وافرادها في فترة زمنية أقصاها أسبوع، وجاء إعلان الاتفاق بعد وصول المسيرة التي شارك فيها الآلاف من الطلاب والطالبات والناشطين السياسيين والحقوقيين والكتاب والصحفيين والقضاة والاكاديميين رغم معارضة رئيس اتحاد الطلاب رضوان المسعودي دخول ماقال بأنهم أناس من غير طلاب الجامعة، واتهم منظمي حملة "أنا نازل" بمحاولة سرقة جهود الاتحاد فيما يتعلق بإخلاء الجامعة من العسكر، وفي الوقت الذي كان يتوقع الكثير من المراقبين وقوع اشتباكات بين المشاركين بمظاهرة "أنا نازل" وتيارات حزبية أخرى أبدت معارضتها بشدة للحملة، واتهمت منظميها بالعمل على خلق فتنة وتحويل ساحة الجامعة إلى ساحة صراع سياسي، وهو مادفع التيار اليساري الى الحرص على المشاركة في المظاهرة التي مرت بسلام داخل الجامعة، ولم تتعرض لأي أذى رغم حدوث مناوشات بين بعض الشباب وبين جنود الفرقة الذين تواجدوا بكثافة منذ الصباح الباكر. بدوره أعلن رئيس جامعة صنعاء الدكتور الشرجبي بأنه توصل لاتفاق مع اللواء علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية قضى بسحب عناصر الجيش من جامعة صنعاء، وإحلال حرس المنشآت التابعين لوزارة الداخلية مكانهم، بحسب طلب رئاسة الجامعة فإنه سيتم تسليم حراسة منشآت الجامعة لإدارة حراسة المنشآت بوزارة الداخلية خلال أسبوع. وعقب ذلك تحرك المئات من المشاركين في مسيرة "أنا نازل" إلى مبنى رئاسة الوزراء، وهناك تعرضت للقمع المسلح واطلاق رصاص حي من قبل جنود منشقين عن الفرقة الأولى مدرع يتبعون لواء محمد خليل، وهو ما أثار استياء واسع النطاق، حيث بعث المحامي خالد الآنسي بثلاث رسائل.. الاولى: لحكومة الوفاق اشار فيها إلى أن قمع المسيرات الطلابية السلمية واطلاق النار عليها جريمة قبل ان تكون حماقة ويجب التحقيق فيها وإحالة من قاموا بإطلاق النار للنيابة العامة. الثانية: لمن يحاولون توظيف حملة "أنا نازل" سياسيا وطائفيا.. الشباب اليوم أكثر إدراكاً لما يريدون، ومن أراد أن يعلن عن نفسه أو يدشن ثورته المضادة فليعلن عن نفسه ويدشن ثورته المضادة بعيداً عن حملة "أنا نازل" ومطالبها العادلة.. الثالثة: سوف نستمر في حملة "أنا نازل" حتى خروج آخر عسكري من الجامعة سواء دخلها ببدلة عسكرية أو يافطة أكاديمية أو إدارية.. وأوضح الآنسي: ان القوات التي اعتدت على المشاركين في المسيرة هي ما يعرف بقوات اللواء الرابع، والتي يعرف الجميع أنها إحدى الألوية التي انشقت عن الفرقة أولى مدرع خلال الثورة، وكانت تتبع الرئيس السابق، وصارت حاليا تتبع الرئيس عبدربه هادي. من جانبها حذرت اللجنة التحضيرية لانتخابات اتحاد الطلاب "القائم بأعمال اتحاد طلاب اليمن" من تحويل ساحة جامعة صنعاء الى ساحة صراع لتصفية الحسابات السياسية والمذهبية. واستنكرت اللجنة التحضيرية الاعتداء الذي حدث على تظاهرة طلابية ومجموعة من النشطاء المدنيين أثناء احتجاجهم أمام رئاسة الوزراء على عسكرة جامعة صنعاء، مطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في ذلك. وشددت اللجنة على البيان الذي صدر عنها في 7 أكتوبر الماضي بضرورة إخلاء الجامعة من التواجد الامني والعسكري، في مقدمة ذلك ضباط وأفراد جهاز الأمن السياسي وقوات الفرقة الاولى مدرع كمتطلبات ضرورية لإجراء انتخاب الاتحاد في أجواء حرة ونزيهة، والتي ستنطلق إجراءاتها في مطلع يناير القادم من العام 2013م. من جانبة جدد الدكتور/ محمد الظاهري رفضه المطلق لعسكرة جامعاتنا وأمننتها"، وقال الظاهري: (مهما قيل عن دوافع حملة (أنا نازل)، فإنني ما زلت على موقفي الرافض لانتهاك الحرم الجامعي, أيا كان مصدره وشخوصه، ولذا فإنني أرفض عسكرة جامعاتنا اليمنية وأمننتها، ولو كان مصدرها الفرقة الأولى مدرع ، كما أنني أدين بشدة أي فعل غير قانوني وغير وطني وغير إنساني, يتعرض له شبابنا وطلبتنا ، ولولا أنني مازلت أتلقى علاجي خارج الوطن جراء رصاصات قناصة مليشيات علي صالح ؛ لشاركت طلبتنا مسيراتهم الرافضة لعسكرة دور العلم, والمنددة بانتهاكها. وفي إشارة لطلب الجيش انتشار تموضعهم قال الظاهري: يا هؤلاء أعيدوا انتشاركم وتموضعكم على حدودنا وأراضينا المستباحة, ودافعوا عن سيادة الوطن المنتهكة!، واحموا ابراج الكهرباء من التخريب وأنابيب النفط من التفجير أو عودوا لثكناتكم يرحمكم الله . حالة الاضطرابات تسود جامعات (ذماروإبوعمران وتعز) ايضاً، حيث تشهد تلك الجامعات اضطرابات طلابية او من قبل الموظفين منذ عدة أشهر. ففي جامعة ذمار أصيب العشرات من الطلاب صباح السبت في تفريق قوات الأمن لمظاهرة احتجاجية بحرم الجامعة الجديد، تطالب بإصلاح الوضع التعليمي وتحرير الجامعة من الفاسدين والمخربين، وقالت مصادر طلابية إن قوات الأمن وحراسة رئيس جامعة ذمار اعتدت بالهراوات والرصاص الحي على طلاب محتجين من كلية الهندسة، كما تعرض الطلاب للضرب بالهراوات أمام رئاسة الجامعة، واتهم الطلاب الدكتور أحمد الحضراني رئيس الجامعة بعسكرتها وتسليمها وتوجيه البلاطجة للاعتداء عليهم بإشراف مباشر منه. وقال الطلاب في بيانهم: إن الوضع التعليمي في الجامعة اصبح مأسوياً جداً، وإن عملية اعتداء ممنهج على الطلاب من قبل مسلحين وحراسة الجامعة بهدف ثني الطلاب عن مطالبهم الحقوقية والمشروعة.. وردد الطلاب شعارات ضد رئيس الجامعة ونائبه عميد كلية الطب ووزير التعليم العالي، مطالبين الرئيس هادي بإنقاذ الجامعة من إجرام المفسدين وتخريبهم.. يذكر أن اعتداءات متكررة يتعرض لها طلاب جامعة ذمار من قبل مليشيات رئيس الجامعة ونافذين كان آخرها اعتداء نائبة عميد كلية الطب على طالبة -مستوى ثانٍ (طب بشري) بسبب تأييد الأخيرة للثورة. وفي سياق متصل أغلق موظفو كلية الهندسة في جامعة إب أبوابها أمام الطلاب والدكاترة، احتجاجاً على عدم صرف حقوق مالية، وهو ما تسبب بمصادمات بين موظفين غاضبين وطلاب، كما لا تزال كلية التربية ومبنى جامعة عمران مغلقتين حتى أمس، من قبل موظفين محتجين على عدم صرف مستحقاتهم . ويدور صراع خفي بين الأحزاب السياسية داخل الجامعات اليمنية منذ اندلاع ثورة المؤسسات للاستحواذ على إدارة تلك الجامعات، وهو ما حول الجامعات اليمنية من منبر علمي الى ساحة صراع سياسي بين شركاء الوفاق الوطني.