أفقت مبكرا قبل يومين حتى أشاهد شروق الشمس، وفي ذلك الصباح الباكر الجميل وجدت على حائط صفحتي في الفيسبوك أهم وأشمل وأكبر معادلة رياضية فيزيائية لوصف المادة وتفاعلاتها (تسمى: "لاجرانجيان" النموذج القياسي للجسيمات الأولية والتفاعلات المتبادلة الرئيسية)، وكنت قد اشتقت لهذه المعادلة كثيرا، فلم أرها منذ وقت ليس بالقصير إذ كان آخر لقاء بيننا قبل سنوات عندما حاولت تدريس جزء منها لتلاميذ السنة الرابعة فيزياء ولم يسمح لي بحجة أنها صعبة وفوق مستوى التلاميذ. ذكرتني هذه المعادلة كيف أنني تنازلت عنها، بل كيف أصبحت اليوم أدافع عن معادلات أقل شأنا فيزيائيا منها وأكثر بساطة قد أضحت هي أيضا في خطر لأن المزورين الأكاديميين وجهلاء التعليم الجامعي يسقطونها من المنهج واحدة تلو الأخرى خاصة في كليات التربية إلى درجة أنه من الممكن القول بأن أغلب خريجي الفيزياء من كليات التربية اليوم لا يعرفون من الفيزياء إلا قدرا ما برح في تناقص، فالجهل الفيزيائي في بعض كليات الجامعات تزداد سطوته، ويكاد أن يكون له الغلبة. بعد أن فرغت من الاستمتاع بشروق شمس الخالق عز وجل بكمالها وجمالها، وجدتني أعود إلى عالم البشر بظلامهم وجهلهم الذي علينا جميعا أن نقاومه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وفي هذا الإطار كتبت يومها عن هذا على حائطي وتوجهت إلى مكتبي في الجامعة كمقاوم فيزيائي من جديد، وتذكرت حينها مقطعاً للعظيم محمود درويش كنت أردده بعد خروجي من السجن السياسي في منتصف الثمانينيات: كفر قاسم إنني عدت من الموت لأحيا، لأغني فدعيني أستعر صوتي من جرح توهّج وأعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج إنني مندوب جرح لا يساوم علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي وأمشي.. ثم أمشي.. وأقاوم! د. مصطفى يحيى بهران أستاذ ميكانيكا الكم والفيزياء النووية [email protected]