23 عامًا منذ إعلان قيام الوحدة السياسية التي لم تكتمل أركانها بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الشعبية، و19عامًا منذ إعلان الدولة الجنوبية الوليدة من قبل الرئيس علي سالم البيض، التي لم تجد من يعترف بها، ولهذه المناسبة ارجو أن نقف معًا بهدوء أمام جزء من تاريخنا الذي يفوح بالصراع إن أردنا المستقبل الآمن. في البداية ارفع هذه البرقية أحيي فيها الجماهير الثائرة التي احتفلت في عدن للتعبير عن رفضها لمشروع الضم والالحاق للجنوب بالشمال الناتج عن حرب 94م، ونقول لهم ما قاله المولى تعالى:(فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين)..الآية..فلكم التحية والاحترام، كما اوجه التهنئة لشباب ثورة التغيير في الشمال، الثورة التي ارادت إعادة الاعتبار للوحدة والجمهورية لكنها انحرفت عن مسارها بمبادرة الخليج، ونقول لهم: أردتم شيئا وأراد الرافضون للتغيير شيئا آخر، والله يفعل ما يريد، فلا تحزنوا؛ لأن ثوار وشباب الجنوب ماضون في ثورتهم السلمية وبإذن الله يكون فيها الخير للجميع والخير فيما اختاره الله للعباد، ونختم برقيتنا بالعزاء للذين دمروا الوحدة وقضوا على فرحة ابناء الجنوب وأبناء الشمال التي ارتسمت يوم 22/مايو/1990م وحولوا الوحدة وذكراها الى آلام وأحزان وانقسام، فنشكوهم لله الجبار، وعظم الله اجر الجميع. ثانيا: إن ظروفنا من الآلام والمعاناة التي نحن فيها منذ عقود لا يمكن ان نتجاوزها إلا بالاستعانة بالله الكريم والصبر والتمسك بالنضال السلمي ونزع الاحقاد من صدورنا والتسامح والتصالح وحسن الظن بالآخرين وثقافة السلام والمحبة والإحساس بالآخر والمظلومين وتبني الشرفاء والمخلصين والصادقين والتنازل لبعضنا وإسناد القيادة لمن يستحقها والابتعاد عن التخوين للآخر ومراجعة الاخطاء وعدم تكرارها او تنصيب من اخطأوا وفشلوا في مسئولياتهم وخذلوا شعبهم وقادوه الى الذل والحروب والجوع وأن نعفو عما مضى ونحسن العمل فيما بقي من أعمارنا فإن ادركنا أسباب المعاناة الجماعية والفشل سوف ندرك بإذن الله النجاح قريبا وعاجلا، ما لم فسنظل في صراع لا مخرج منه. ثالثا: ان الذين يتهمون الجنوبيين بالانفصال نقول لهم: لقد كان اول انفصال عن الدولة الاسلامية الموحدة في عام 204ه، قد حصل من زبيد تهامة تأسيس الدولة الزيادية ثم في صنعاء تأسيس الدولة اليعفرية شبام كوكبان عام214ه، ثم في صعدة عام284ه تأسيس الدولة الزيدية للإمام الهادي، فمن هم الانفصاليون نحن في الجنوب أم من يتهمونا بالانفصال من ابناء الشمال، وإننا نتساءل عن حكم من أعلنوا الانفصال عن الخلافه الاسلامية والدولة الموحدة في القرن الثالث الهجري، كما اشرنا سلفا، هل كانوا على حق أم باطل؟، اما الجنوبيون اليوم فهم لا يطالبون بالانفصال بل يقولون ان مشروع الوحدة قد فشل والحل العودة الى ما كان عليه الوضع قبل 90م، وهذا ليس انفصالا بل عودة الى الامر الواقع رغم اننا ما كنا نتمناه حينما جئنا الى الوحدة. رابعا: ان الوحدة كانت املا لكنها تحولت الى كابوس مزعج على ابناء الجنوب منذ ان تم نهب الجنوب وخيراته واإبعاد ابنائه عن حقوقهم وإهانة كرامتهم وتدمير مؤسساتهم ولو سمع من كانوا في السلطة النصائح وعملوا على حقن الدماء وبناء دولة العدل والمساواة والشراكة وتركوا للجنوبيين حكم انفسهم وإدارة شؤونهم وخيراتهم ورفعوا ايديهم عن ظلم الجنوبيين ما كنا قد وصلنا الى أي خلاف، ومع هذا نحمد الله ان المظلومين في الجنوب قد تمسكوا بالنضال السلمي لإدراكهم بأن الدماء التي تسفك كلها مسلمة وأن الوحدة مشروع قد فشل بصيغته القائمة، وأن أي حل ينبغي ان يأخذ بعين الاعتبار موافقة شعب الجنوب عليه ويحفظ مصالح ابناء الشمال، فالجنوبيون قادرون على بناء دولتهم ما دام اخواننا في الشمال قد فشلوا في بناء دولة منذ ما قبل الوحدة عام 1990م، وإذا يرى اخواننا في الشمال ان لديهم حلا مرضيا يحقق مصالح الجنوبيين فليقوموا بإعلانه ومناقشته مع ابناء الجنوب فإن حصل على الموافقة ففيه الخير فنحن لا نبحث عن علم ورئيس ونشيد بل عن وطن تم نهبه وكرامة تم سلبها وحقوق تم مصادرتها ودولة تم تدميرها، سيظل الجنوبيون دعاة وحدة، ولكن ليست هذه الوحدة القائمة لأنها انتهت ومن الافضل ان نعود الى دولتين ليعود الحب والاخاء بين ابنائها افضل من الكراهية والصراع في دولة واحدة، لكن نترك الامور حتى تتضح جهود المجتمع الدولي والعربي لحل قضية الجنوب. خامسا: اشاطر بعض الجنوبيين الذين كتبوا قبل ايام عن دولة الجنوب المعلنة في 21/مايو/1994م، وقولهم أنها ليست دولة الجنوب السابقة لأنها اعلنت باسم جديد ودستور جديد وعلم جديد، وبالتالي لا ينطبق عليها مصطلح فك الارتباط لأنها دولة وليدة لم يعترف بها احد حينها، ولهذا أعتقد ان العودة الى 2007م هو الحل لأنه كان العام الذي اعلنت فيه قضية الجنوب للعلن، وما قبل ذلك فهو جزء من التاريخ، والحراك السلمي بقياداته المناضلة قادرون على قيادة سفينة الجنوب الى شاطئ الامان. والله من وراء القصد..