تنقضي ثلاث سنوات من احتجاز الزميل عبدالإله حيدر شائع في جهاز الأمن السياسي بأمر من أوباما، إذ يتزامن سجنه في شهر رمضان. وفي إصرار من الولاياتالمتحدةالأمريكية على بقائه في السجن، ليس كما يعتقده الكثير أنه كشف عن جريمة امريكا في قتل الإنسانية في المعجلة استطاع أن يوصل جانبا من صورة الوجه الكالح لها إلى أبناء الشعب الأمريكي نفسه. فالولاياتالمتحدةالأمريكية بكل المقاييس استطاعت أن تهزم خصومها الذين يحاولون الحد من توسعها الامبريالي في الدول العربية عن طريق لوبي الإعلام والوسائل الكبرى المؤثرة على الرأي العام الغربي، وجيشت معها الوسائل الإعلامية العربية الرسمية وحتى جزء من الإعلام الإسلامي المتمصلح سياسيا من القضاء على الجماعات ذو التوجه "الجهادي" والمناهض بالسلاح للمشروع الأمريكي في المنطقة، وكرست أمريكا مفهوم الإرهاب عن طريق الإعلام حتى فرضت عزله اجتماعية وسياسية على الجماعات الإرهابية. غير أن هذه العزلة حين يتم كسرها والكشف عن حقيقة الحرب الدائرة وما يرافقها من خطأ مقابل من أمريكا، يتضح امتعاضها الشديد من ردود الفعل الذي تلاقيه من المجتمع الدولي والأهم من الشعب الأمريكي. عبدالإله شائع مارس نقدا ضد سياسة أمريكا إعلاميا وعبر وسائل إعلام أمريكية، فلم يكن نقده وتحليله أقل ضراوة مما صنعته الطرود المفخخة من رعب في الأمن القومي الأمريكي، ذلك أن تصدير تنظيم القاعدة رعبها خارج الحدود، لتصل إلى أمريكا كان من السهل على أمريكا شحن الشعب الأمريكي إعلاميا ببشاعة هذا الفعل ومدى حجم الصورة الإرهابية التي تستهدف المواطنين، لكن في المقابل حين استطاع شائع توصيل انتهاكات أمريكا لحقوق الإنسان في اليمن باللغة الإنجليزية للرأي العام الأمريكي عبر وسائل إعلام أمريكية، كان أقل ما تفعله هو قرار بسجنه، بل لو كان لها القدرة على تصفيته لفعلت. ليست مجرد مبالغة، بل هو منطق أمريكا بشواهد ممارستها في التضليل الإعلامي على الشعب الأمريكي لاسيما فيما يتعلق بالحرب على تنظيم القاعدة، ذلك أن الحرب يرافقها هجمات تطال أبرياء ليس لهم أية علاقة بالإرهاب، أو القتل لمجرد الاشتباه والنية، فلم يحصل أن أعيت أمريكا وسائل الإعلام مثلما حدث في مارس 2003م حين اجتاحت دولة العراق ومعها قوات التحالف، فقد اتجه الشعب الأمريكي إلى وسيلة "الانترنت" التي لم يكن لها القدرة على اعتقال ملايين من الأيادي الناشطة التي نشرت انتهاكات حقوق الإنسان ضد الشعب العراقي على "يوتيوب"، فحدثت ثورة شعبية مناهضة من قبل الشعب الأمريكي ومعها منظمات حقوق الإنسان للسياسة الخارجية في عهد بوش الابن. وحين نشط أنور العولقي - أمريكي الجنسية من أصل يمني - على الدعوة ضد سياسة الولاياتالمتحدة باللغة الإنجليزية، استطاع أن يخلق خلايا ميتة لتتحول إلى صواريخ حاملة الموت لمصالح أمريكا في دارها، فقد أدرك أنور العولقي كيف يتم تقويض أمن أمريكا والتجييش ضدها من مكانه، والذي اختزل الطريق والزمن الذي خطط له زعيم القاعدة أسامة بن لادن في ضرب برجي التجارة في 11 سبتمبر. فاستخدام العولقي في فترة الثورة اليمنية خطابه التحريضي ضد أمريكا ومخاطبة الشعب بلغته؛ أثار رعبها مما دعا أغلب أعضاء الكونجرس الأمريكي بحذف خطاباته المنشورة على "يوتيوب"، فبرز العولقي أكثر خطرا من مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وأكثر رعبا في أمنها، مما عَجّلت بإرسال صواريخ الدرونز لقتله قبل قتل مؤسس الفكرة. أمريكا اليوم تمارس التعتيم الإعلامي على شعبها، وما زالت تفرض عزلة بينها وبين أعدائها في الوطن العربي، وتحاول تكميم الأفواه واعتقال الألسن التي تكشف عن أخطائها، ففي الوقت الذي تتصدر لنصح النظام السوري بإطلاق سراح الروائية السورية "طل الملوحي" التي اعتقلها النظام بسبب نقدها له في مدونتها مطلع 2011م، في ذات الأسبوع الذي حذر أوباما الحكومة اليمنية من الإفراج عن عبدالإله شائع، لتكفن كرامته وتدفن في جهاز الأمن السياسي اليمني منذ ثلاث سنوات دون مؤشرات فعلية للإفراج عنه حتى اللحظة.