مع كل ما يتبدى من فشل يولد من فشل آخر فيما له علاقة بالقضايا المختلف عليها في الحوار مازال القائمون عليه ماضين في تكرار يبدو أنه لايعلم الشطار. بتحديد موعد انتهائه وبعد أن كان من المفترض أن ينتهي ما يزيد عن الشهرين هاهو يتأجل هذه المرة أيضا مفسحا المجال لتأجيل آخر إذ وبعد أن كان محددا بعد غدا الحميس صار مقررا أن يتم الانتهاء منه مع أواخر هذا الشهر، ديسمبر، مع اقتراح آخر أن يتم في الأسبوع الأول من يناير دون أن يكلف من اتخذ القرار وزف البشرى من هيئة رئاسة الحوار نفسه بتبرير لماذا يجب أن ينتهي الحوار وعلى أية أسس. تتكرر اجتماعات الرئيس مع هيئة الرئاسة، ومع كل اجتماع تناقش ذات القضايا وذات الصعوبات وتسبقها ذات الديباجة المذكرة بالمبادرة الخليجية التي مثلت المخرج للأزمة اليمنية وتداعياتها ومن أن الحوار قطع المرحلة الأكبر ولم يتبق إلا القليل. وفي آخر لقاء تم الأحد الماضي للرئيس مع لجنة التوفيق وفريق لجنة القضية الجنوبية المصغر بدا واضحا كيف يتم إدارة الحوار بعشوائية ودون استراتيجية واضحة. وفيما كان طرح الرئيس هادي مسألة الأقاليم الستة باعتبارها أمرا واقعا تراجع في نفس اللقاء بعد أن أبدى الدكتور ياسين سعيد نعمان غضبه، تراجع الرئيس عن قراره تحت ضغط عدم وود بدائل. وقال الرئيس خلال ترؤسه للاجتماع الاستثنائي لهيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني الشامل والفريق المصغر للقضية الجنوبية وبحضور بنعمر "إنه تم قطع أشواط كبيرة ونحن اليوم في طور اللمسات الأخيرة والجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل". وأشار إلى أن الجماهير في اليمن على مختلف اتجاهاتها وانتماءاتها تتطلع بشغف كبير إلى المخرجات التي ستنبثق عن المؤتمر .. مؤكدا أن المؤتمر الوطني الشامل الذي بدأت أعماله في الثامن عشر من مارس الماضي قد حقق جميع الأهداف بمصفوفاتها المختلفة التي ستمثل عقدا اجتماعيا جديدا. وفيما شهد الاجتماع توترا حادا حين أكد الرئيس على مسألة خيار الأقاليم الستة وهو ما دعى أمين الحزب الاشتراكي إلى مغادرة الاجتماع قبل أن يتم اقناعه بالعودة مجددا فقد تراجع الرئيس عن فرض خياره بأن شكل لجنة مشكلة من كل من: محمد اليدومي، رئيس الهيئة العليا للإصلاح ود. ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ود. عبدالكريم الإرياني النائب الثاني لحزب المؤتمر الشعبي العام والقيادي الجنوبي خالد باراس وآخرين بغرض مراجعة مقترح المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر وآليته بشأن تحديد مسألة الأقاليم وعددها التي قدمها السبت وكان من المفترض أن تقدم رأيها قبل يوم أمس الاثنين إلا أنها لم تقدمه بحسب ماكان متفقا. يشار إلى أن مقترح بن عمر الذي كان اطع عليه رئيس الجمهورية قبلا وأبدى ملاحظاته عليه يعد فضفاضا وغير محدد حيث سعى إلى ترحيل القضايا المختلف عليها إلى مابعد إغلاق ملف الحوار. وفيما يخص القضية الجنوبية هدف مقترح بنعمر للتوفيق بين مختلف الخيارات المطروحة،حيث حاول ما يستطيع إيراد جمل لها علاقة بدغدغة مشاعر الجنوبيين ولكن دون أن تعطيهم حلولا واضحة بحسب ما يطالبون به وسعى عوضا عن ذلك إلى الإيحاء بكون ماهو مطروح في مبادرته يعد مساندة لمظلوميتهم، وجاء في المقترح أشياء مبهمة مثل ما قال إنه سيعقد اتفاق بين المكوّنات السياسية والاجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار إلا أن هذه الوثيقة تلتزم بحلّ القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار دولة موحّدة على أساس اتحادي وديموقراطي جديد وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، وذلك عبر وضع هيكل وعقد اجتماعي جديديْن يرسيان وحدة الدولة الاتحادية الجديدة وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها. معتبرا أن الدولة الاتحادية الجديدة ستمثل قطيعة كاملة مع تاريخ الصراعات والاضطهاد وإساءة استخدام السلطة والتحكّم في الثروة. وإذ نقدّر مساهمات وتضحيات الحراك الجنوبي السلمي ونضال اليمنيين من أجل التغيير، نتطلّع إلى بناء الدولة الاتحادية الجديدة مع اعتراف كامل بالأخطاء المؤلمة والمظالم التي ارتكبت في الجنوب. لذلك، يتعيّن على الحكومة اليمنية معالجة هذه المظالم، بما فيها التطبيق الكامل للنقاط العشرين والإحدى عشر، خلال فترة الانتقال إلى الدولة اليمنية الاتحادية. ويأتي هذا الاقتراح في ظل عدم تمكن الدولة حتى اليوم من تنفيذ النقاط الذي أجمعت عليها اللجنة الفنية وبعد ذلك صوت عليها أعضاء لجنة الحوار بأغلبية ساحقة. اقتراح بن عمر ليس أكثر من مغالطات عديمة المعنى يسعى من خلاله إلى إنهاء مؤتمر الحوار ليدخل اليمن في قضايا معقدة وحمالة أوجه يمكن أن تؤدي إلى تفجير الأوضاع، فمثلا مما جاء فيه: يُصاغ دستور جديد يقضي أن الإرادة الشعبية والمساواة والتزام أعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان أساس سلطة وشرعية الدولة الاتحادية على جميع المستويات، وفق ما تقتضيه الديموقراطية التمثيلية والتشاركية والتداولية لضمان التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة. 2. الشعب في اليمن حرّ في تقرير مكانته السياسية وحرّ في السعي السلمي إلى تحقيق نموّه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي عبر مؤسسات الحكم على كلّ مستوى، وفق ما ينص عليه العهد الدولي. 3. تُناط بكلّ مستوى من مستويات الحكم، السلطات والمهام والمسؤوليات بشكل حصري أو تشاركي، لخدمة المواطنينٍ بالطريقة الأفضل والأقرب. لدى كل مستوى من مستويات الحكم سلطات وموارد كافية لأداء مهامه بفاعلية، ويتحمّل حصة عادلة من المسؤوليات المشتركة. 4. يحدّد الدستور في الدولة الاتحادية توزيع السلطات والمسؤوليات بوضوح. ولا تتدخل السلطة المركزية في صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإدارية لمستويات الحكم الأخرى في نطاق مسؤولياتها الحصرية، إلا في ظروف استثنائية ينصّ عليها الدستور والقانون، بهدف ضمان الأمن الجماعي والمعايير المشتركة الرئيسة أو لحماية سلطة إقليمية من تدخل سلطة أخرى. ما سبق أهم ما جاء في الاقتراحات المقدمة من بن عمر والبقية ليست أقل تسويفية وديماغوجية من سابقاتها وهو ما لن يكتب لاقتراح مثل هذا النجاح بقدر ما سيزيد الأمور تعقيدا. يشار إلى أن رؤية المؤتمر وحزب الرشاد تؤكد على ضرورة تنفيذ الاستحقاقات بتراتبها المنصوص عليه في المبادرة الخليجية وآليتها، ولا تلغى أي مؤسسة إلا بحلول مؤسسة شرعية بدلا عنها، كنتيجة للانتخابات العامة التي يقررها الدستور الجديد "لا يوجد مجلس تشريعي سوى البرلمان القائم". إلى ذلك وفي اتجاه آخر كشف نائب رئيس الجمهورية الأسبق، علي سالم البيض، عن شكل الجنوب الجديد الذي ينشده الجنوبيون بعد فك ارتباط الجنوب عن الشمال، بأنه سيكون وطناً يتسع لجميع أبنائه ولن يكون مشابهاً لشكل الدولة التي كانت قائمة قبل الوحدة اليمنية في العام 1990م أو ما سبقها قبل العام 1967م، حد تعبيره. وكان رفع فريق عمل بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل في جلسته برئاسة رئيس الفريق الدكتور محمد علي مارم، قضيتي مصدر التشريع وهوية الدولة إلى الرئيس اليمني- رئيس مؤتمر الحوار لعدم حصول القضيتين على النسبة المطلوبة لإقرارهما. وكان الفريق رفع مقترح لجنة التوفيق فيما يخص نظام الحكم إلى رئيس الجمهورية - رئيس مؤتمر الحوار لعدم حصوله على النصاب في إطار الفريق. وكانت لجنة التوفيق وجهت رسالة إلى فريق بناء الدولة تتضمن المعالجات المقترحة للقرارات المرفوعة إليها من فريق بناء الدولة والمتعلقة بقضايا نظام الحكم ومصدر التشريع وهوية الدولة، والتي لم يصل الفريق خلال مناقشاته لها إلى توافق حول صياغتها. وقد ناقشت لجنة التوفيق القضايا الثلاث وتوافقت حولها وأعادتها للفريق، لكن التصويت عليها لم يحقق النصاب المحدد لإقرارها فأحيلت وفقا للائحة الداخلية إلى رئيس الجمهورية - رئيس مؤتمر الحوار للبت فيها. وحصل المقترح على 66% بعد امتناع ممثلي حزب المؤتمر وأربعة من ممثلي الإصلاح وقائمة الرئيس وتحفظ الحراك عن التصويت. وكان أتهم الشيخ علي أبو حليقه لجنة التوفيق بالتدخل في مواضيع ليست من اختصاصها، وقال: لقد نصبت لجنة التوفيق نفسها بديلاً عن فرق العمل، وأصبحت تمارس الهيمنة على مخرجات الحوار بسحبها الكثير من اختصاصات الفرق، وهو ما أثر بشكل سلبي على سير أعمال مؤتمر الحوار.. معتبراً أن ذلك من الاخطاء التي وقع بها مؤتمر الحوار الوطني الذي لم ينص على تنصيب اللجنة جهة راعية للمؤتمر وفقاً لنظامه الداخلي. إلى ذلك نفى أحمد الكحلاني- عضو مكون المؤتمر الشعبي العام في اللجنة المصغرة للقضية الجنوبية.. عضو مؤتمر الحوار الوطني، دقة ما نشر عن طلب الأطراف اليمنية، من المبعوث الأممي جمال بنعمر، لآلية لمعالجة مسألة عدد الأقاليم وحدودها في الدولة الاتحادية الجديدة المتوافق عليها. وأوضح الكحلاني أن النقاش في اللجنة المصغرة تركز خلال الفترة الماضية حول موضوع الأقاليم، وأن كل مكون ضل متمسك برؤيته.. فمنهم من تمسك بالست أقاليم ومنهم الأربعة ومنهم الاثنين، مضيفاً: أنه وبعد أن فشل أي مكون في اقناع أي مكون آخر بوجهه نظره طلبنا من الفريق الفني المساعد ورقة عمل لتقريب الآراء بين المكونات في إطار ما يمكن الوصول إليه من حلول ومعالجات.