أجرت صحيفة السياسة الكويتية لقاء هاما مع الرئيس علي ناصر محمد تطرق فيه إلى العديد من القضايا الهامة وبالذات مالها علاقة بالحوار. اعتبر الرئيس اليمنيالجنوبي الأسبق علي ناصر محمد أن مؤتمر الحوار الوطني لم يحقق شروط نجاحه, ورأى أن عدم اكتراث الشعب في جنوباليمن بوثيقة حلول القضية الجنوبية واستمرار مواجهته لآلة القتل والدمار بشكل يومي ينفي عنها صفة الحل النهائي للقضية الجنوبية, موضحا أن أسباب القضية الجنوبية لاتزال قائمة ومطردة ومتعاظمة. واشار إلى أن اللقاءات السابقة والمتواصلة للقيادة الجنوبية هي لتكثيف الجهود في إطار حوار جنوبي جنوبي والمساعي لإيجاد اصطفاف وطني يدعم القضية الجنوبية وحراكها السلمي بمختلف السبل المتاحة. ونفى ما ذكرته بعض وسائل الإعلام عن توقيعه على وثيقة بن عمر مؤكدا أنه عار عن الصحة جملة وتفصيلاً, فنحن لسنا معنيين بالتوقيع عليها لأننا لم نكن مشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الذي أقرها, كما أن لنا رؤية مسبقة بشأن مؤتمر الحوار الذي يجري في صنعاء منذ ثمانية أشهر وأكثر، وأن هذا المؤتمر الحواري لم يحقق شروط نجاحه التي أوضحناها وتفضلت مكونات أخرى بتوضيحاتها الخاصة في هذا الصدد وبالتالي لا يمكن وصف عدم دخولنا على خط الاشتباك القائم حول ما أسميته وثيقة الحل النهائي للقضية الجنوبية بأنه يعني قبولا ضمنياً بها, اعتقد أن الخلافات القائمة بشأن هذه الوثيقة بين مختلف المكونات في مؤتمر الحوار نفسه فضلاً عن عدم اكتراث الشعب في الجنوب بها واستمرار مواجهته لآلة القتل والدمار بشكل يومي ينفي عنها صفة الحل النهائي للقضية الجنوبية لأن لا نهاية لأي قضية من دون نهاية أسبابها وأسباب القضية الجنوبية لاتزال قائمة ومطردة ومتعاظمة. صيغة اليمن الجديد وفيما أوضح على ان من يقرر مصير الأقاليم هو الشعب الذي يختار ما هو أفضل له, فقد أعاد التأكيد على الرؤية الواضحة في المؤتمر الجنوبي الأول الذي عقد في نهاية العام 2011م في القاهرة ووضعت الأفضلية لنظام الفيدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي وبعد فترة انتقالية يستفتى شعب الجنوب, والمعضلة الحقيقية اليوم لا تكمن في عدد الأقاليم كما يجري تصوير الوضع في صنعاء بل في الاعتراف بأن ثمة شعبا هو المعني بالأمر وهو من يحق له وحده ومن دون وصاية تقرير مصيره. وحول تقييمه لمؤتمر الحوار أوضح أنه كان المأمول أن يكون مؤتمر الحوار باباً لإنهاء الأزمة القائمة في اليمن إلا أن المعطيات الراهنة لا تدعم ذلك بل تؤسس لأزمات أعمق وأشد وأخطر حيث لا يمكن أن تتفهم وجود مكونات تتحاور في "موفنبيك" وتتقاتل في صعدة والجوف وأرحب وخطاب إعلامي يتبناه الفرقاء يؤجج الصراعات والخلافات السياسية والأيديولوجية والجهوية بشكل مفزع وغير مسبوق. كما أن الاغتيالات السياسية والأمنية تتوالى وقد جرت العادة في اليمن أن تتحدث الاغتيالات عن فاجعة مقبلة في الطريق ونسأل الله أن لا تحدث, والأهم أن الشعب يعيش فقراً مدقعاً وتزداد أحواله المعيشية انتكاسة حتى على مستوى الخدمات الأساسية والضرورية كالكهرباء والمياه وغيرها وكان لزاماً أن يتمثل المتحاورون في " موفنبيك " حالة المواطن لينتقل الحوار من (الطيرمانة) إلى الطابق الأرضي, و(الطيرمانة) مقيل مرتفع في بيوت صنعاء يبدو بهياً ومطلاً على جمال صنعاء وحسنها لا على بؤسها وتعاسة الناس ولا تبدو في نهاية مؤتمر الحوار مؤشرات حقيقية على نهاية الأزمة في اليمن شمالاً وجنوباً على تنوعها بدليل ما حدث من مجازر في الضالع وحضرموت وعدن وبقية المحافظات الأخرى. واعتبر ناصر أن المخرجات دون المستوى الذي كان يطمح إليه الشعب شمالاً وجنوباً ولكن إذا لم تشبه مخرجات الحوار صلابة الأرض التي يُراد تطبيقها عليها وإذا لم تكن معبرة عن هموم الناس وقضاياهم وملامسة للحلول الحقيقية لهم فلا يمكن أن تتصور تطبيقها إلا في رؤوس من أخرجوها، والأوضاع التي يشهدها اليمن لا تشجع على تطبيق مايصعب تطبيقه لعدم محاكاته للواقع, إلا إذا كانت طريقة التطبيق تعني الفرض بالقوة فعندئذ سنكون أمام مشهد متكرر لكل السياسات التي طبقت من قبل وأوصلتنا إلى هذه الحالة المأساوية, هذه الأساليب التي تصادر إرادة الشعب لا يمكن الحديث معها عن ضمانات دولية لأن الضمانات المحلية والوطنية الفاقدة لشرعيتها والمنتهية صلاحيتها لا يمكن إلا أن تضمن بقاءها ككروت في حروب متنقلة لا كأرقام في أرض مستقرة, ونأمل أن تعيد مختلف المكونات والقوى حساباتها على أسس وثيقة الصلة بحاجات الناس ومتطلبات المرحلة لا بحاجاتهم هم ومتطلبات الانتماءات الحزبية والدينية والجهوية. ونأمل أن لا تكون مخرجات المؤتمر ووثائقه مصير وثيقة العهد والاتفاق العام 1994م. وحول انسحاب محمد علي احمد أكد على أن انسحابه من الحوار كان له أثره على المؤتمر ومجرياته, ولكن الأوضح أن القائمين على مؤتمر الحوار كان لديهم الاستعداد بالمضي بالمؤتمر قدماً بغياب مكونات أساسية لديها الاستعداد بالتضحية بأشخاص أو مكونات شاركت في الحوار لبعض الوقت, من هنا فإن عملية ربط انسحاب أحد من الحوار مهما علا شأنه بمصير مخرجات الحوار عملية لا يعتد بها وفق ما يلاحظه المتابعون للمشهد, وأما مسألة الحسبة على الرئيس هادي فقد كان الأخ محمد علي محسوباً عليه أيضاً وفق المتداول سياسياً وإعلامياً. وكنت أتمنى أن تبذل الجهات المعنية في رأس النظام جهوداً للتوفيق بين أطراف الفريق الجنوبي بدلاً من شق هذا الفريق لصالح طرف على طرف آخر. وحول مطالبة الجنوب بالانفصال أوضح أن الرفض الشعبي للوحدة يتزايد مع اتساع رقعة المزايدة بموضوع الوحدة سياسياً وانعكاسات ذلك ميدانياً, وكان شعار "الوحدة أو الموت" الذي رفع في حرب 1994 وتستمر بعض القوى في رفعه حتى اليوم، العنوان الأبرز لتلك المزايدة التي أورثتنا انفصالا معاشاً في نفوس المواطنين وكراهية مجتمعية تؤسس لمستقبل مجهول وهو أكثر ما يؤرقني وأكثر ما حذرت منه في وقت مبكر, وأما عن تطبيق مخرجات الحوار على الجنوب فهي عملية صعبة وتنفيذها أصعب ليس لأنها ستواجه الدعوة إلى الانفصال المتزايدة بل ستكمن الصعوبة في كون المخرجات منفصلة عن الواقع وحاجات الشعب ومتطلباته. الحوار أو.. الحرب وفي ماله علاقة بثورة الشباب قال إنها ككل الثورات تنشد التغيير الكامل والشامل ولكن آفاقها الواسعة اصطدمت بإرادة القوى السياسية التي لم يكن بوسعها أن تجاري سعة أفق الشباب بل جرى الالتفاف عليها كما حصل في جميع ثورات الربيع العربي, وشكلت التسوية السياسية عبر المبادرة الخليجية الخيار المدعوم إقليميا ودولياً لتسوية المشهد وتجنب منزلقات أخطر ولاتزال دون تحقيق هذا الهدف معوقات كبيرة يمكن تجاوزها إذا ما قاربت التسوية بين تطلعات الفرقاء وتطلعات الشباب في آن معاً. وبخصوص تبعية قوى للخارج قال إن اليمن بشماله وجنوبه في حالة انكشاف تام تتيح لكل التدخلات الخارجية أن تتحرك ولا يمكن الجزم بطبيعة هذه التدخلات سواء أكانت إيرانية أم غير إيرانية, وإذا ما توافرت الدولة المسؤولة والقادرة سيكون بوسعها أن تضبط إيقاع التدخلات بل تستطيع أن تجيرها لمصلحة البلد فهناك سفارات لكل البلدان التي تُتهم بالتدخلات ويمكن التعاطي معها ديبلوماسياً. وحول تواجد لقاعدة قال الرئيس السبق لدولة الجنوب إن هناك مخططا ممنهجا مكتمل الأركان يقف وراء تواجد تنظيم "القاعدة" والمتطرفين في الجنوب أو في بعض محافظاته, وعندما أقول مخططاً فهذا يعني أن السبب سياسي بالمقام الأول وليس عقائدياً أو ايديولوجياً لأن الإرهاب من المستحيل أن يجد له أرضية مناسبة في الجنوب الذي اتسم طوال تاريخه بالاعتدال والتسامح والتعايش وكانت عاصمته عدن مسرحا لاستقبال مختلف الأعراق بشتى أديانهم ومذاهبهم وأصولهم, ولم يشهد الجنوب تاريخياً أي حركة تستحق الذكر باتجاه صنع بؤر إرهابية أو حتى متشددة وهي مسألة مستحدثة ودخيلة على الجنوب والجنوبيين ومرتبطة بعوامل عدة منها الفضاء المفتوح الذي يوفره الجنوب لكل وافديه والذي استفادت منه بعض القوى الداعمة للإرهاب والتطرف خصوصاً بعد حرب 1994م لتأمين مصالح المحتلين والمستفيدين من ثروات الجنوب, من خلال تعويم خلايا إرهابية نائمة يتم إيقاظها كلما احتيج إليها وقد تبين ذلك في محاولة ربط الحراك الجنوبي بالقاعدة في عملية بائسة لإلصاق تهمة الإرهاب به وبالتالي استهدافه عسكرياً, وتطور وجود هذه الجماعات وفق حاجات القوى التي تديرها في صنعاء وشعبنا بات يعرفها جيداً ونرى أنه وبالرغم ما حققته اللجان الشعبية في أبين وغيرها من نجاحات في التخلص من هذه البؤر إلا أننا وفق المعطيات المتوافرة بحاجة إلى وقت طويل للتخلص منها ومن آثارها ولن يتأتى ذلك دون حل القضية الجنوبية حلا عادلا وتوافر دولة مدنية ونظام حكم رشيد قوية وقادرة على بسط نفوذها بقوة القانون لا قانون القوة, والتي لا تقضي على الإرهاب بالعسكرة فقط بل تعمل على تجفيف منابعه التي منها الفقر والبطالة والظلم والجهل والانفلات الأمني وغياب السلم الاجتماعي, وتؤسس لحاضر يتعافى ومستقبل بحالة متعافية.