قبل فترة ليست بالقصيرة زارنا ممثل تجاري ياباني لأحد الشركات التي نتعامل معها ليشرح لنا بعض المتغيرات في نظام العمل و الموديلات الخ... ولعلني لازلت أذكر اسم الرجل وهو السيد ( تاناكا) وقد تجاوز الخمسين من عمره بسنوات.. بحماس الشباب رحنا نناقش القرار وما فيه من قصور واعتراضاتنا عليه و مقترحات.. استمر النقاش ما يقارب ساعتين و الياباني صامت.. وأخيراً نطق بحكمة لازالت حتى الآن أتمثلها أمامي وأحاول العمل بموجبها.. بكلمات قصيرة وفي هدوء تام وملامح وجه لا تستطيع أن تعرف منه شيئا قال (القرار صدر من الإدارة العليا للشركة ولا مجال لمناقشته المطلوب أن ندرس معاً كيف نتعامل معه ونتوافق مع توجهاته و بحيث نجني ثمارا إيجابياته و نتجنب سلبياته.. صمتنا جميعاً وكل منا ينظر في وجه الآخر ثم ظهر على وجوهنا الاقتناع وبدأنا نعمل بنصيحة الياباني وكان لذلك آثار إيجابية على العمل و على العلاقات مع الشركة ونتائج فوق ما نتوقعها. أروي الحادثة أعلاه لأصل إلى قرار تقسيم جمهورية اليمن إلى ستة أقاليم. قرار صدر وبكل تأكيد تم دراسته وبكل تأكيد صدر توافقاً مع معطيات محلية وإقليمية و دولية. له إيجابيات وله سلبيات. الخوض في القرار حسب رأيي المتواضع غير ذي جدوى ولكن الأفضل أن يلتئم الخيرون والمتفقون و الواعون من أبناء كل إقليم لتدارس كيفية التعامل مع القرار وجني إيجابياته و البعد عن سلبياته.. من هنا أتوجه لإخواننا في إقليم تهامة بأضلاعه الأربعة بدعوة إلي القيادات و المثقفين و المشايخ و العلماء والأعيان في كل محافظة من المحافظات الأربع لتشكيل ما يمكن أن نطلق عليه ( تجمع إقليم تهامة ) والهدف أن يبدؤون التلاقي والاجتماع ولو بعدد محدود جداً على مستوى كل محافظة أو على مستوى المحافظات الأربع.. هذا التجمع يكون المنطلق إلي انتشار عام يشارك فيه أكبر عدد من ذوي الرأي و العلم و الخبرة لرسم إطار الإقليم التهامي... الرؤية الشاملة للإقليم. مناحي الحياة من تعليم وصحة و مشاريع وسياحة وثقافة وصناعة.. ومن أهم عناصر نجاح التجمع التهامي هو أن يتخلى جميع المشاركين عن أي انتماء حزبي أو مذهبي أو قبلي، فقط انتماء واحد للجميع تهامي.. تشمل الكلمة كل من عاش ويعيش و سيعيش في الإقليم طالما يحمل الخير للإقليم ويحمل عقود الفل وأغصان النخيل وليس السلاح و الجنابي... حقا البدايات ستكون صعبة نوعاً ما نظراً للتشرذم والاستقطاب الحاصل حاليا ولكن بهمة الرعيل الأول ستتحقق النتائج الإيجابية وتتألف القلوب والعقول بمباركة المولى و الذي قال (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ..صدق الله العظيم)... دعوة نطلقها بكل تواضع لمن يحمل حباً لتهامة و يشعر بمعاناتها.. وإنني و الله أكثر الناس تفاؤلاً أنه إذا كان لفكرة الأقاليم من نجاح فإن نصيب الأسد سيكون لإقليم تهامة...لأن الإمكانيات للإقليم كبيرة والحساسيات كلها عبارة عن قشرة علي السطح صنعتها أيادٍ ليس لأبناء تهامة ذنب فيها وإن انخرط البعض في مسارها.. أتوجه بادئ ذي بدء للأخ المحافظ والأمين العام وللعلماء الأفاضل بجمع أطيافهم ولمثقفينا بدون استثناء ولقيادات الجامعات وللتجار وإلى كل من يرى في نفسه القدرة للعطاء الخير.. أهيب بالأخ المحافظ أو أية شخصية ترى في نفسها القدرة أن تتحمل راية المبادرة وتبدأ بالدعوة إلى لقاءات.. صحيح أن الأقاليم ستفرض بعد خمس سنوات وقد يرى البعض المسافة الزمنية طويلة وقد يحدث خلالها ما يحدث ولكنني أؤكد أنها مسافة زمنية قصيرة سرعان ما سنستفيق ونجدها قد انصرمت ونحن لم نعمل شيئا..التفاصيل كثيرة وليس هذا مجالها. دور القطاع الخاص: لا شك أن القطاع الخاص في الإقليم يعد من أهم القطاعات و التي يعول عليها الكثير لنجاح الإقليم و مستقبله ومستقبل أبنائه و المجالات كثيرة و لكن لنبدأ بمقترح بسيط بأن تنشأ الغرفة التجارية (ممثلة القطاع الخاص) صندوق ( إقليم تهامة ) توفر فيه الإمكانات المادية بهدف تنشيط العلاقات واللحمة بين أبناء المحافظات الأربع عبر فعاليا ثقافية و مهرجانات، زيارات متبادلة بين شباب و فتيات و طلبة المحافظات للتعرف على بعضهم البعض ، مسابقات شبابية ضمن المهرجانات، ندوات و حوارات متواصلة، استقطاب ذوي الرأي و الخبرة محلياً و خارجياً لوضع ملامح و تصور المستقبل الاقتصادي للإقليم وغير ذلك من الفعاليات و النشاطات ولتكن بداية الصندوق ثلاثمائة مليون ريال تحت إشراف الغرفة التجارية والتنسيق مع قيادات المحافظة.. وإذا أردنا ثمار المستقبل فعلينا أن نزرع اليوم. كلمة أخيرة ومن خلال ما يصلنا من أخبار من هنا و هناك أن نغمة مناطقية كريهة يحاول البعض أن يزرعها ويصور للبسطاء من الناس أن معنى (إقليم) هو الاستقلال وأن من يقدم إلى الإقليم من سكان الأقاليم الأخرى إنما هو إنسان أجنبي بل ربما أفظع من أجنبي...مفاهيم مثل هذه ستنمو إذا لم يتم تداركها وستكون لها تداعيات خطيرة ومن هنا أرى أنه واجب وطني و ديني على قيادة المحافظة أن تستدعى جميع المعنيين بالشأن التعليمي و لمختلف المستويات لتبدأ حملات توعية للطلبة والشباب وللجميع ما هو مفهوم الإقليم وكيف يمكن التعاطي معه بروح أخوية إنسانية بناءة.. ولا نغفل أهمية الدعوة لجميع خطباء المساجد على مستوى جميع المحافظات الأربع لبدء مسيرة التوعية لهم و للمواطنين عبرهم. وبداية رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. وأن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام. أسال الله أن يوفق الجميع و يعفو عن أي تقصير مني ...والصلاة على خير الأنام. أحمد سالم شماخ عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الحديدة