منذ انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل ووسائل الإعلام ومنها الفضائيات تجري الكثير من الحوارات حول مشاريع ومقترحات حول قضية الفيدرالية ، وهذه في حد ذاتها بادرة واجتهادات حسنة ومطلوبة من حيث المبدأ ، باعتبارها احدى القضايا التي ستبحث في الحوار الوطني كقضية متعلقة مباشرة بقضية تحديد شكل وجوهر الدولة ونظامها السياسي الجديد . إلا أن مالفت انتباهنا ودفعنا للمساهمة برأينا في هذه القضية شيئان / أولهما : خيار أن تكون الفيدرالية على اساس اقليمين هما الشطران السابقان والمكونان لدولة الوحدة في 22/ مايو/ 1990م . والثاني : هو مقترح ان تكون الفيدرالية على اساس خمسة او ستة اقاليم بحجة أن البناء على الإقليمية قد يكون مقدمة للعودة الى أوضاع التشطير . وفي رأينا أن الحجة السابقة باطلة أوغير مقنعة لإن الطرح الموضوعي يقتضي أن نبدأ مشروع الفيدرالية من حيث أنتهى السابقون أي نظاما الشطرين فلا أن نبدأ من الصفر ودون اعتبار لتجارب وتراكمات الماضي ، ومعنى هذا أن نبدأ بالتأسيس الفيدرالي على اقليمين لفترة زمنية محددة ثم نطوره لاحقاً الى خمسة أوستة أقاليم هذا في حالة أن لا يكون أمامنا فرصة لخيار ثالث . والحقيقة أن هناك خياراً ثالثاً وهو أن يتم تطوير قانون السلطة المحلية القائم في اتجاه تجاوز السلبيات وتعزيز الإيجابيات وبهدف الوصول إلى حكم محلي واسع الصلاحيات أو حتى كامل الصلاحيات إن امكن كمرحلة اولى بدل التأسيس على الإقليمين تجنباً لإحتمال الإنفصال الذي يظنه البعض. ثم الانتقال بعد عشر سنوات اوأقل او اكثر الى فيدرالية الخمسة او الستة الاقاليم . وفي حالة ترجيح خيارنا الثالث هذا نقترح أن تُمنح كل محافظة نسبة لا تقل عن 30% من مواردها الضريبية و الجمركية الى جانب ايراداتها الزكوية والتعاونية ، اضافة الى منح السلطة المحلية نسبة ما بين (5 - 10)% من الايرادات النفطية وايرادات الغاز في محافظات انتاجهما ، وتتولى الحكومة او السلطة الاتحادية المركزية توظيف واستغلال بقية الموارد أي 70 %من الضرائب والجمارك ، و90 % من ايرادات النفط والغاز ، في عموم المحافظات وبما يحقق التكامل والتجانس تنموياً ويسهم في اعادة توزيع السكان وحسن توزيع الفرص الاستثمارية على مستوى الوطن كله . وبمثل هذا الخيار سنكون قد ضمنا العديد من الاهداف المنشودة ومعالجة الكثير من قضايا الاختلاف ، ومنها ما يلي :- 1 - احترام التعدد والتنوع الاجتماعي والثقافي وحل قضية الهوية جغرافياً وعلى مستوى الوطن كله. 2 - حل قضية الاختلاف حول تقاسم الثروة وعدالة التنمية بما يحقق الرخاء والخير للجميع . 3 - تكريس الوحدة الوطنية على اسس سليمة وصحيحة ، بعيداً عن الضم أو الإلحاق و إلغاء الآخر. وبطبيعة الحال ستتكفل بقية النصوص الدستورية بمعالجة بقية القضايا في نفس الاتجاه وبما ينسجم مع معطيات الواقع وتراكماته التاريخية ، وبما يضمن الانطلاق نحو المستقبل الافضل بمرونة حتى تأخذ اليمن مكانها الحضاري عربياً واسلامياً وعالمياً . فاليمن دولة كبيرة وهامة بكل المقاييس ولها رصيد حضاري انساني عظيم جداً، وتزخر بموارد وامكانات بشرية ومادية قلما توفرت لدولة عربية وان كانت غنية بالنفط والغاز وتشرف اليمن على طرق برية وبحرية وجوية ، وعلى بحار وجزر ومضايق أو خلجان ، مما يجعلها دولة متحكمة في أهم طرق التجارة والمواصلات ، وفي ذلك من الفرص الاستثمارية الخدماتية والسلعية ما لا يمكن حصره ، ناهيك عن فرص الاستثمار الانتاجية والتجارية في مجالات الصناعات والزراعة والتعدين ، وفي مجالات التخزين والترانزيت ناهيك عن المجالات السياحية والثقافية والانشطة المالية . وتعتبر اليمن دولة بحرية بكل معنى الكلمة ويترتب عليها دور اقليمي ودولي في غاية الاهمية . كل هذا وغيره يتطلب بناء دولة حديثة مؤسسية وقوية تستطيع ترجمة كل اهدافنا التنموية خلال فترة زمنية قصيرة جداً . نأمل أن نكون قد ساهمنا برأينا في قضايا الحوار الوطني الشامل بكل صدق وأمانة . والله من وراء القصد ،، رابط المقال على الفيس بوك