وقف الخليفة عمر بن عبدالعزيز أمام الكعبة المشرفة قائلاً: (رغم قداستك وعظمتك فلن أدفع فيك دينارٍا واحدًا وهنالك مسلم يبات ليلته جائعًا).. هذه المقولة التاريخية العظيمة خير دليل يمكن رفعه بوجه كل من يسلب قوت الناس من أفواههم، وينتزع أموالهم وحقوقهم قهرًا لمصالحه الحزبية وأجندته السياسية وأهدافه الطائفية والمذهبية المريبة، وفي ظل وضع اقتصادي قاهر بذريعة بناء منشآت وجامعات دينية إسلامية بعيدة عن الإشراف الرسمي عليها وعلى مخرجاتها ونوعية وماهية الفكر الذي تدرسه, (جامعة الإيمان) أنموذجًا لمثل هذه الجامعات والمعاهد, المثيرة للجدل والتي فتحت لها أي - جامعة الإيمان - مؤخرًا - فرعًا في عدن. زد على ذلك ما اعتمدته حكومة السيد/ محمد سالم باسندوة قبل أيام وبضغط حزبي إصلاحي مبلغ (ستمائة مليون دولار) لإنشاء جامعة دينية جديدة لا تخضع هي الأخرى لأية جهة رسمية, ولتعمل كنظيراتها من المعاهد والجامعات الدينية التي خرّجت ولا تزال عدد من العناصر المتطرفة، قالت جهات رسمية وغير رسمية ومصادر إعلامية عربية وعالمية إنها ارتكبت عمليات إرهابية بالداخل والخارج.. وهنا يعاد إلى الأذهان الحرب الساخنة التي دارت غداة الوحدة 1990م بين المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للإصلاح من طرف والحزب الاشتراكي اليمني من طرف آخر حول مشروعية بقاء المعاهد الدينية خارج اختصاص ورقابة الدولة. يأتي هذا في نفس الوقت الذي توقفت أو خفتت فيه العمليات العسكرية ضد القاعدة فجأة وبشكل مريب في أبينوشبوة وحضرموت بمجرد أن تمكنت عناصر هذا التنظيم الإرهابي من نهب عدد من بنوك مدينة سيئون الحضرمية باستثناء البنوك التابعة لجهة قبيلة معروفة(...).! وتدوير فوهات مدفعية الجيش وبوصلة الطيران العسكرية شمالاً نحو محافظة عمران لإقحام الجيش بحرب ضد الحوثيين, ونصرة للجماعات السلفية المتشددة التي تم تذويبها ضمن اللواء المرابط في عمران بقيادة العميد القشيبي في محاولة واضحة من قبل القوى القبيلة المتطرفة في صنعاءوعمران لينوب عنها بحربها ضد الحوثيين ولصرف الجيش عن مهمته التي حقق فيها انتصارات واضحة على عناصر القاعدة بالجنوب. كل هذه التطورات تشي بأن القوى العسكرية المحسوبة على حزب ديني كبير مع القوى القبلية والدينية المتطرفة قد نجحت إلى حد كبير في إلهاء الجيش عن مهمته التاريخية التي دشنها ضد القاعدة قبل قرابة شهر, وظهر واضحًا اليوم أن وهج الانتصارات على القاعدة الذي شاهدناه قبل أيام وأسابيع قد أوشك أن يخبو وينطفئ نوره الذي ومض أمام العالم لأيامٍ معدودات, وطفقت هذه القوى على تعدد أنواعها (الدينية والقبلية والعسكرية) في مساندة القوى المتطرفة بعمرانوصنعاء ورداع، ولتخفيف الضغط العسكري على باقي التنظيمات المتطرفة الأخرى في شبوة وابين وحضرموت ومأرب، بل وتجاوز نجاح هذه القوى في إقحام الجيش بحرب عمران أن تم إشراك سلاح الجو بالعمليات الحربية الجارية هناك بين عناصر دينية بلباس عسكري وجماعة الحوثيين, برغم أن التوجه الرسمي للجيش لا يشير إلى رغبته بالتورط بحرب دينية حزبية قبيلة لا ناقة له فيها ولا جمل, وخير دليل على أن الجيش لا يعتبر نفسه طرفا بتلك الحرب التي يحاول لواء القشيبي استدراجه إليها، هو أن الرئيس هادي قد شكل قبل يومين لجنة وساطة برئاسة وزير الدفاع اللواء محمد ناصر لفض النزاع الدامي بين الحوثيين والجماعات الدينية بعمران، وهذا يعني فيما يعنيه أن الجيش ليس طرفا بتلك الحرب وإلا لما كان وزير الدفاع رئيسا للجنة الوساطة.