- حاوره عبر الهاتف عبد الناصر المملوح تطوق مخيمات الاعتصام التابعة لجماعة الحوثي مدينة عمران- عاصمة المحافظة- من مختلف الجهات، وقد يبدو الأمر طبيعياً في ظل ما طرأ من تغيير في موازين القوى في عمران، بعد سقوط معاقل الإصلاح (تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن) وأولاد الأحمر. اللافت، وما يجدر بنا التوقف عنده ملياً هو مخيم للحوثيين نصب قبل أيام- قيل إنه نقطة عسكرية حوثية- في منطقة قارن بمديرية جبل عيال يزيد، يتزعمه الشيخ غالب علي غالب القارني، وكان إلى حين عضو المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح في المحافظة. اتصلنا به من "اليمن اليوم " فور سماعنا الخبر، ولم يكن وقته يسمح بحوار عبر الهاتف، إلا أننا خرجنا منه بلقاء قصير نحسبه كافياً:
* بلغنا أنك أصبحت حوثياً وأنت القيادي المعروف في حزب الإصلاح فرع عمران، بل وبلغنا أنك نصبت قبل أيام نقطة مسلحة في منطقتكم (قارن) تابعة للحوثيين، ما حقيقة ذلك؟ - ليست نقطة عسكرية، وإنما هو مخيم اعتصام سلمي.
* المهم.. خبر تحولك من الإصلاح إلى جماعة الحوثي، صحيح؟ - نعم، ولست وحدي.. هناك الكثير ممن التحقوا بأنصار الله في عمران كانوا إصلاح.. وهناك آخرون التزموا منازلهم، وأتوقع أن ينضم عدد منهم إلى صفوف أنصار الله.
* لماذا، ما الذي دفعكم إلى ترك الإصلاح؟
الأسباب كثيرة، وبشكل عام قيادة الإصلاح في عمران، وبمباركة وتنسيق القيادة في صنعاء، ارتكبت أخطاء فادحة شكلت صدمة كبيرة في نفوس الكثير من كوادر التنظيم.
* أنت شخصياً، ما الذي غير قناعاتك لتنتقل مرة واحدة من الإصلاح إلى الحوثيين؟ - الانحراف الحاصل في (إصلاح) عمران، وسياسات الإقصاء والتهميش التي طالت جميع الكوادر لصالح أشخاص لا مؤهل لهم سوى عمق الولاء الشخصي والتنظيمي، والأهم بالنسبة لي هو ما لمسته بنفسي باعتباري عضواً في المكتب التنفيذي، لقد وجدت أننا نقول شيئاً ونمارس شيئاً آخر.
* كيف؟ - يعني الدين عندنا في الإصلاح مجرد شعار تخدع به الناس. كل يوم كنت أفاجأ بحقائق مفزعة، وأننا نستخدم الدين استخداماً سيئاً للعمل الحزبي فقط، ونمارس أبشع مما ننتقده في خصومنا.
إصلاح مسار الإصلاح * كان بإمكانك ومن معك أن تعملوا على تصحيح الأوضاع داخل حزبكم في المحافظة؟ - لم أصل إلى قناعة بضرورة الاستقالة من الإصلاح والانضمام إلى أنصار الله إلا بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود، وأن المتحكمين بالحزب غير مستعدين لسماع النصائح، وللأمانة يوجد في الإصلاح الكثير من الحكماء والعقلاء، إلا أنهم بلا حيلة أمام القيادة الحالية، وأنا على علم بأن عدداً من القيادات العقلانية مستاءون مما سارت إليه أوضاع الإصلاح.
* مثل من؟ - لا داعي لذكر أسماء، المهم (الإصلاح) يتقلَّص ليس في عمران، وإنما حسب علمي في عموم محافظات الجمهورية، وفي حال أجريت انتخابات برلمانية أؤكد لك أنه لن يحتفظ بنصف المقاعد التي حصل عليها في آخر انتخابات، أما في عمران فلن تكون له حتى دائرة انتخابية واحدة، ولو يترشح حميد الأحمر لعضوية مجلس محلي في أي مركز انتخابي في عمران لن يفوز. وعدد من زملائي في قيادة فرع الإصلاح في المحافظة يعرفون هذه الحقيقة، وأدعوهم إلى أن يبادروا إما بالاستقالة أو تنظيم ثورة إدارية داخل الإصلاح.
* ثورة لإصلاح المسار؟ - نعم، ثورة إدارية تكون البداية من عمران لتشمل عموم المحافظات، لا بد من وضع حد لمحمد اليدومي ومن معه من القيادات التي أهلكت الإصلاح.
* لماذا لا نقول إن المال الغزير الذي أنفقه الحوثي في عمران لكسب الشخصيات الاجتماعية قد وصل مفعوله إلى قيادات في الإصلاح، أنت أحدها؟ - (يضحك ثم يعاود الحديث)، لو كانت المسألة مالية ما فيش أفضل من البقاء في الإصلاح وقد كنت عضواً في المكتب التنفيذي للإصلاح على مستوى المحافظة، وكنت أحد مشرفيه في انتخابات 2006م المحلية، وعضواً في مجلس التضامن (التابع لحسين الأحمر).
* يا شيخ، يقال "ما مصلي إلَّا وطالب مغفرة".. فلا أعتقد أن بإمكانك إقناعنا أنك لم تتلقَّ دعماً بالمال والسلاح من الحوثيين؟ - أقسم لك بالله أنني ومنذ انضمامي لأنصار الله لم يصلني منهم شيء، ولو على مستوى طلقة رصاص واحدة، فيما أموال وسلاح الإصلاح وصلت إلى كل منزل إصلاحي أينما كان في عمران، وأنا على اطلاع بما صُرف ولا يزال يصرف في مناطقنا.
* من أين السلاح؟ - البركة في مخازن اللواء 310 مدرع.. وأنا كواحد من أبناء عمران أناشد الأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وقيادة وزارة الدفاع تشكيل لجنة مختصة تنزل إلى اللواء 310 مدرع سيجدونها شبه فارغة إلَّا من السلاح الثقيل.. حميد القشيبي قائد اللواء وزع ولا يزال يوزع السلاح الخفيف والمتوسط والذخائر إلى كل إصلاحي في عمران، وبواقع 300 طلقة لكل كوادرهم.. الإصلاح الذي كنت إلى وقت قريب أحد قياداته في المحافظة يتعامل أو ينظر إلى اللواء 310 باعتباره تابعاُ للإصلاح وليس لوزارة الدفاع إلَّا الاسم.
* لكن الإصلاح نفى أن تكون له أية علاقة بالحرب مع الحوثيين، سواءً في عمران أو في همدان أو في أرحب والجوف.. إلخ. وقال في أكثر من بيان رسمي صادر عن الأمانة العامة للحزب إن المواجهات هي بين القبائل والحوثيين؟ - هذا الكلام قد ينخدع به أناس في المحافظات البعيدة عن المواجهات، أما في مناطق الصراع فتأثير هذا الكلام ينعكس سلباً على الإصلاح.. لأننا نعرف بعضنا وحقيقة أطراف الصراع، وعندما يأتي الإصلاح ببيان ويدَّعي أنه لا علاقة له وأنه لا يملك سلاحاً، فهذا يزيد من قناعتنا بأن قرار استقالتي كان صائباً، وأن قيادة الإصلاح- برئاسة محمد اليدومي- لا تخجل عندما تكذب وتمارس التضليل في الوقت الذي يدعون التدين، وقال الله وقال رسوله. يا أخي أنت ربما سمعت عن معهد الصرم في مديرية ثلا.
* أكيد.. فجره مسلحو الحوثيين مطلع شهر مارس الفائت، مع أنه مدرسة وليس معهداً حزبياً!! - الإصلاح يقول هذا، لكن الواقع الذي يعرفه أبناء المنطقة هو أن معهد الصرم الذي يسمونه (دار القرآن للعلوم الشرعية) هو في الأصل والفصل مركز تابع للإصلاح، وتحوَّل منذ ثورة الشباب إلى مركز تدريبي لإعداد المقاتلين وتغذيتهم بالأفكار المتطرفة والهدامة، وكذلك مخازن أسلحة.. معهد الصرم كان ثكنة عسكرية، وكان له دور كبير في المواجهات الأخيرة في عمران كما كان لمثيلاته في أرحب دور كبير في المواجهات ضد معسكر الصمع في أرحب (معسكر تابع لما كان يعرف بالحرس الجمهوري).
القاعدة في عمران * إلى أي مدى نستطيع القول بأن المعاهد التابعة للإصلاح في عمران أو ما تسمى (دور القرآن) تشكل معسكرات تدريب مصغرة؟ - هي مخازن أسلحة، ثكنات عسكرية، مقرات لإعداد المقاتلين نفسياً وبدنياً، وشحنهم مذهبياً، وبالنسبة لمعسكرات التدريب لديهم معسكرات اللواء 310 مدرع التي حولها القشيبي إلى معسكرات لتدريب الإرهابيين من القاعدة والتكفيريين والإصلاح (الإخوان).
* ما علاقة القاعدة في الموضوع؟ - قد ربما لا يكون هذا الأمر معروفاً لدى مَن هم مِن خارج عمران، أما نحن أبناء عمران فنعلم علم اليقين، وليس الأمر سراً، أن القشيبي يحتضن الكثير من عناصر القاعدة، وهو اليوم يراهن عليهم، بل أن من يطلقون النار على المسيرات باسم الجيش والأمن هم الإرهابيون، في حين أفراد المؤسستين العسكرية والأمنية هم كجيش فداء. وقد تستغرب إذا قلت لك إن القشيبي أصبح في الآونة الأخيرة يمارس مهامه كقائد للجناح المسلح لتنظيم القاعدة أكثر مما هو قائد لواء عسكري، ومع ذلك أؤكد لك أن بقاءه على رأس قيادة اللواء 310 مدرع لن يطول، ولن نبارح اعتصاماتنا قبل رحيله ومحاسبته من قبل الجهات المختصة في الدولة.
* هو قائد عسكري يتلقى تعليماته من قبل القيادة العليا للقوات المسلحة ووزارة الدفاع؟ - يا أخي اللواء 310 فيه الكثير من الأحرار ضباط وأفراد، لكنهم محاصرون ولا علاقة لهم الآن سوى بأكل الكدم والرز، فيما مليشيات القشيبي الإرهابية ومن تم تجنيدهم من الإصلاح في اللواء أثناء الثورة هم من يقتل ويطلق النار على المسيرات باسم الجيش والأمن.
* لكن الإصلاح قال في وسائله الإعلامية، عندما سافر الرئيس لحضور القمة العربية في الكويت، إنه وجَّه القشيبي بمنع أية مسيرات في مدينة عمران!! - لو كان الرئيس فوَّضه أو وجَّهه بذلك لما حكَّم الرئيس أنصار الله في قضية ضبر الجنات، وهذه معلومة لك ولقراء هذه الصحيفة واسعة الانتشار، الرئيس حكَّم أنصار الله لإخماد فتنة خطط لها قادة الإصلاح.
* كيف؟! - الذين أطلقوا النار ليسوا أفراد الجيش النظاميين، وإنما مليشيات الإصلاح، أو بالأصح الإرهابيون الذين يحتضنهم القشيبي ومعهم من المتشددين في الإصلاح الذين تم تجنيدهم أثناء الثورة. وكان الهدف مما حصل في نقطة ضبر الجنات عندما تم إطلاق النار على المشاركين في المسيرة هو استفزاز أنصار الله للدخول إلى مدينة عمران بالسلاح وخوض مواجهات مع الجيش.. وهذا هو ما يخطط له الإصلاح، ويبذل كل مساعيه لجر الجيش وأنصار الله إلى حرب، وهذا لن يكون بإذن الله.. أنصار الله يعون المخطط، أبناء القوات المسلحة والأمن هم أبنائنا وإخواننا، ولن نحمِّلهم جُرم القشيبي وقيادة الإصلاح. ش
