ما يزال اتفاق وقف الحرب في عمران ليس أكثر من هدنة اضطرارية وافقت عليها أطراف الصراع لدواعي الاستجابة للوساطة ولأخذ الأنفاس بانتظار المواجهة الحاسمة.. إذ لا يعد توقيع ممثلي الإصلاح والحوثيين في عمران على بنود الاتفاق فإن أكثر من حبر على ورق ما لم يتم بالتوازي معه تهدئة إعلامية تختفي معها الاتهامات المتبادلة وتشكيك وتعريض كل طرف بالآخر، أو النظر للاتفاق الموقع باعتباره نصرًا أو هزيمة، لا كونه حقنًا للدماء سعيًا لحل نهائي وشامل. قد يختلف الاتفاق الموقع أخيرًا عن الاتفاقات السابقة؛ كونه صار أقرب للتدويل بمشاركة مساعد المبعوث الأممي عبدالرحيم صابر كعضو في لجنة الوساطة، وتثبيت وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى أن بنود الاتفاق أظهرت طرفي النزاع الحقيقيين في عمران بعد أن كان حزب الإصلاح يتهرب من الاعتراف بحقيقة كهذه بعد مشاركة كل من عبدالرحمن الصعر - احمد حسين البكري، عبدالحميد حريز، ومن الحوثيين: محمد يحيى الغولي عبدالواحد ابو راس، حمد قايد الدوحمي.. أيضًا أكد الرئيس حياد الجيش بأن كلف وزير دفاعها اللواء محمد ناصر أحمد بالإشراف على تنفيذ الاتفاق بعد أن تم تمثيل الدولة بكل من اللواء جلال الرويشان، اللواء الركن عوض محمد بن فريد، العميد د. قائد العنسي على صالح الأشول، مما جعل اللواء 310 أشبه بمليشيات تابعة للإصلاح، وهو ما أثبت مدى تذبذب السلطة وعدم وضوحها بالنظر إلى ما يجري من مواجهات مسلحة شاركت بغارات جوية بطائراتها، ومع ذلك هي من ترعى الاتفاق كوسيط محايد بين طرفين. الاتفاق ثبّت الحوثيين على المواقع التي استولوا عليها باستثناء ما يمثل إحراجًا لها كموقع السلاطة الذي يربط العاصمة صنعاءبعمران، وكذا محيط السجن المركزي، وتسليم النقطتين للشرطة العسكرية كتأكيد على طرفية اللواء العسكري الذي يقوده القشيبي.. كما أن إشراف وزير الدفاع على المدينة هو بمثابة تنفيذ طلب سابق كشف عنه زعيم أنصار الله بخطابه بموافقتهم على تسليم المدينة للوزير بغرض حماية المدنيين، ومع ذلك يتوجب الحديث عن الاتفاق بإيجابية باعتباره وقفًا لنزيف الدماء مع التأكيد من كونه ليس أكثر من مخدر موضعي سرعان ما ينتهي أثره في حال لم تستكمل إجراءات نزع الفتيل المسبب لهذا الصراع الدموي وعدم الركون على بن عمر في أنه بعصاه الدولية سيكون قادرًا على إجبار الخصوم على إنهاء الحرب فقط؛ لأنه مستند للبند السابع خاصة فيما ما زال الخلاف قائمًا على مسألة نقل اللواء 310 بحسب طلب الحوثيين، والذي ما زال معلقًا في ظل رفض الإصلاح وعلي محسن نقله إلى منطقة أكثر استراتيجية كجبل الصمع الذي يتحكم بمداخل العاصمة.. الاتفاق الموقع كرس غياب أولاد الشيخ الأحمر عن المشهد في عمران وحضور قوى جديدة صارت متحكمة وصاحبة القرار فيما له علاقة بتشكيل مستقبل عمران.. المقدمات لا تدعو إلى التفاؤل، وبالذات مع ما تبدى من أن الغرض من تشكيل اللجان انصب فقط باتجاه وقف إطلاق النار والتوقف عند هذه القطة دون تجاوزها إلى مناقشة وحلحلة مفجرات الصراع المتمثلة بما يطلبه الحوثيون، وما يتخوف منه الإصلاحيون.. إذ وقبل أن يجف حبر الاتفاق الذي تم التوقيع عليه تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الاتفاق، وهو ما يشي بهشاشة الاتفاق وتربّص كل طرف بالآخر، وبهذا الخصوص نشر موقع أنصار الله عن تدفق مجاميع تكفيرية، بحسب وصفه، إلى مناطق في عمران وتمركزها في التباب المجاورة للتبة الحمراء باتجاه الشرق من بني ميمون. وزاد بأن دينّا خرجت - عصر السبت - من لواء القشيبي المتمركز في مدينة عمران محملة بالجنود والأسلحة واتجهت إلى موقع المرحة كتعزيز له، كما رصد الموقع. وأكد توزيع المسلحين باتجاه جبل الجنات وجبل السودة المحاذي لمدينة عمران، كما تم توزيعهم في المجمع أسفل جبل السودة وفي نقطتي الضبر وقهال وخط الأربعين. بالإضافة إلى استحداث نقطة جديدة بعد نقطة الأزرقين وكشف عن خروج حملة عسكرية مكونة من ثلاثة عشر طقما تابعة للأمن المركزي، واثنين للفرقة الأولى مدرع المنحلة من العاصمة مساء الأحد.. وقالت المصادر: إن الأطقم وصلت إلى منطقة ضروان، محملة بالجنود والأسلحة المتوسطة والخفيفة. واتهم الحوثيون مليشيات الإصلاح بالانتشار الكبير في منطقة حد ذعوان وعدان على شارع 22 تحت محطة الغاز بمدينة عمران، كما تقوم - أيضًا - بحفر الخنادق وبناء المتاريس في نقطة بيت شايع جهة غرب المدينة، كما استحدثوا نقطة جديدة في منطقة الورك عيال سريح بعد أن توافدوا الأحد بشكل كبير إلى تلك المنطقة التي يوجد بمعهدها السلفي 170 تكفيريًّا، وهم من خارج المنطقة، واستشهد طفل وجرح (5) مواطنين، بينهم ثلاثة أطفال في منطقة المضلعة بقذيفة هاون، اطلقتها مليشيات الإصلاح التكفيرية من جوار قصر الجنات. وفي المقابل نقلت مواقع مقربة من الإصلاح عن انسحاب جنود الشرطة العسكرية من المواقع التي تسلمتها من الحوثيين قبل أن ينفي اللواء الركن عوض بن فريد - قائد الشرطة العسكرية - عضو اللجنة المكلفة بتنفيذ وقف إطلاق النار بمحافظة عمران - صحة هذه الأنباء التي تداولتها بعض المواقع الإخبارية. إلى ذلك نشرت هذه الوسائل أن ميليشيات الحوثي أطلقت النار على مواقع الجيش في منطقة بيت بادي، كما استهدفت مصنع اسمنت عمران والقوات العسكرية المرابطة بجانبه. ويتزامن ذلك مع استقدام جماعة الحوثي لتعزيزات عسكرية إلى مناطق القتال، وخاصةً في المناطق الشمالية والشرقية للمحافظة. وذكرت المواقع الإعلامية: أن الحوثيين استحدثوا نقطة لهم في منطقة "سحب"، على بعد مسافة قريبة من نقطة الشرطة العسكرية، التي تحل محل قوات اللواء 310 مدرع، المرابط بمحافظة عمران. ولفتت إلى أن المسلحين الحوثيين بدأوا بنصب مدافع ثقيلة في بني الزبير، باتجاه جبل ضين، الذي تتمركز فيه قوات من اللواء 310 مدرع، والذي يطالب الحوثيون بنقله إلى مدينة أخرى. وبدأ مسلحو الحوثي بنصب مدافع ثقيلة في بني الزبير، باتجاه جبل ضين، الذي تتمركز فيه قوات من اللواء 310 مدرع. وفيما يخشى من انتقال الصراع إلى مناطق التوتر في المحافظات الأخرى فقد ذكر موقع "أنصار الله" بأن قيادات التكفيريين تحشد مليشياتها هذه الأيام بشكل كبير من المحافظات الشرقية والجنوبية إلى مناطق تقع بين مديريتي أرحب وهمدان من جهة جبل ضين إلى جنوب ذيفان.. وقالت المصادر: إن التكفيريين القادمين من هذه المحافظات يأتون عن طريق خط (مأرب أرحب)، ويستقبلهم المدعو محمد جابر اليحيصي في منطقة يحيص، ومن هناك يتم توزيعهم على مديرية همدان وجبال يحيص بأرحب. إلى ذلك، وفيما يجدد الحديث عن كون الصراع مذهبيًّا، أعلن المتحدث باسم السلفيين المهجّرين من منطقة دماج بمحافظة صعدة شمال اليمن الشيخ سرور الوادعي تأييده الكامل للحملة العسكرية التي يشنها الجيش اليمني ضد تنظيم "القاعدة" في محافظتي أبين وشبوة, وكذا ضد الحوثيين. وقال الوداعي - في تصريحات نشرتها صحيفة (السياسة) الكويتية - "إنه يؤيد الجيش في قتال كل من يخرج على الدولة سواء أكانوا من القاعدة أم الحوثيين أم غيرهم من الجماعات المسلحة", معتبراً: "أنهما خوارج على الدولة وعلى ولي الأمر". وأضاف: أن "القاعدة احتل بعض مناطق أبين وشبوة، وجماعة عبدالملك الحوثي احتلت محافظة صعدة وبعض مناطق محافظة عمران, وأسسوا كيانات خاصة بهم", داعياً الدولة إلى أن تقاتل الطرفين وتنزع أسلحتهما وسلاح أية جماعة مسلحة أخرى بلا استثناء". وأكد أنه مع الدولة ضد هذه الجماعات "المارقة"، الخارجة على القانون، ومع بسط سيطرتها ونفوذها على جميع المناطق اليمنية, سواء أكان ذلك في الشمال أم الجنوب. وبشأن استعداد الجماعة السلفية لتسليم أسلحتهم للدولة, قال الوادعي: "ليس لدينا أسلحة، ولوكان لدينا أسلحة لواصلنا قتال الحوثيين في دماج، ولما خرجنا منها", مطالباً الرئيس عبدربه منصور هادي إشراك "أهل السنة في كل الأمور، بما في ذلك التعيينات في مؤسسات الدولة، وأن لا يحصر التعيينات بالاشتراكيين والمؤتمريين والحوثيين وحزب الإصلاح" (إخوان اليمن). ولفت إلى أن "المئات من جماعته الذين هُجّروا إلى صنعاء في العام 2013 عادوا إلى دماج تحت حكم عبدالملك الحوثي بسبب الظروف الصعبة التي عانوها، وتخلي الدولة عنهم".. مؤكداً: أنه "لم يبق منهم في صنعاء سوى 30 أسرة, كما أن ثلاثة أرباع الأجانب من السلفيين الذين كانوا في دماج عادوا - أيضاً - إلى بلدانهم، والبقية ما زالوا في صنعاء". يشار إلى أن وزارة الدفاع أعلنت اتفاق وقف إطلاق النار بمحافظة عمران.. ونص الاتفاق على: 1- وقف فوري لإطلاق النار بدءًا من الساعة الثانية عشرة من ظهر الأربعاء الموافق 4 يونيو 2014م في جميع نقاط التوتر والاشتباكات في محافظة عمران. 2- وقف الحشود والتعزيزات والاستحداثات من قبل كل الأطراف. 3- نشر مراقبين عسكريين محايدين؛ للإشراف على وقف إطلاق النار، والتأكد من التزام كافة الأطراف بالتنفيذ. 4- الانسحاب من السجن المركزي ونقطة سحب واستلام الشرطة العسكرية لها. 5- فتح طريق (عمران - صنعاء), وتتولى الشرطة العسكرية مسؤولية تأمينه. 6- بإشراف وزير الدفاع تقوم لجنة بتنفيذ هذه النقاط في محافظة عمران. وكان قال مصدر في اللجنة المكلفة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في جميع نقاط التوتر والاشتباكات في محافظة عمران (شمال اليمن)، إن تنفيذ البند الثالث من اتفاق وقف إطلاق النار، حيث وصل ثلاثون مراقباً إلى المنطقة. من جانبه جدد المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر ترحيبه بالاتفاق، موضحاً - في اتصال مع قناة العربية الحدث - أن الرئيس عبدربه منصور هادي بذل جهودًا كثيرة لنزع فتيل التوتر بعمران. وأشار إلى أنه قام بدعم جهود الرئيس هادي، وكانت له مشاورات مع عدد من القيادات العسكرية والأمنية والسياسية وقيادات من جماعة أنصار الله. وأكد بنعمر بأن موقف الأممالمتحدة ومجلس الأمن من الأحداث باليمن واضح، وأنه يجب تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وسحب السلاح الثقيل من الجماعات المسلحة.