تحتل أزمة فراغ السلطة في اليمن وعلاقتها بتقوية وجود القاعدة واجهة اهتمام كبريات الصحف الدولية نقلاً لأخبار ما يجري على الأرض، وتحليلاً لما يحصل من أحداث وتكهنات لِما يمكن أن تصل إليه الأوضاع، وتكاد كلها تظهر تشاؤمًا لقابل الأيام في البلد. وقالت صحيفة "فايننشال تايمز": إن اليمن ينزلق نحو الحرب الأهلية، بعد أشهر من سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وأشارت إلى تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بهذا الصدد.. الذي قال: إن "اليمن ينهار أمام أعيننا، فيما يقف العالم يتفرج". ويشير التقرير إلى أن الفوضى عمت العاصمة، بعد خروج الآلاف إلى الشوارع للتظاهر ضد الحوثيين، وفي الوقت ذاته قامت البعثات الدبلوماسية بإغلاق أبوابها. وتوضح الصحيفة أن هناك تقارير أشارت إلى أن المتمردين المدعومين من إيران توجهوا نحو الأقاليم الجنوبية والشرقية، مما أدى إلى ردة فعل من الجهاديين وزعماء القبائل، وزاد في حالة الفوضى قيام تنظيم القاعدة بالسيطرة على قاعدة عسكرية في جنوب البلاد. ويستند التقرير إلى ما قاله المبعوث الأممي جمال بن عمر، الذي حذر المتنازعين بالقول: "نعتقد أن الوضع خطير جدًّا، وأن اليمن يقف على حافة حرب أهلية".. ملقيًا باللوم على الأطراف السياسية اليمنية التي تحاول فرض إرادتها على الآخرين. وترى "فايننشال تايمز": أن انهيار السلطة المركزية في اليمن سيؤثر على الاستقرار في اليمن، وكذلك على موقف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ويتوقع التقرير أن يتم تهديد ناقلات النفط، التي تنقل - يوميًّا - عبر مضيق باب المندب، أربعة ملايين برميل نفط. وتختتم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى انتشار العنف في أنحاء البلاد مع تقدم الحوثيين في المناطق الريفية مثل محافظة البيضاء. وعلى ذات السياق كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عن انتكاسة الاستخبارات الأميركية في اليمن، وتراجع عملياتها ضد تنظيم القاعدة في اليمن، أقوى التنظيمات الإرهابية في العالم. وأفاد مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون لصحيفة "واشنطن بوست": أن إغلاق السفارة الأميركية في اليمن، قد أجبر وكالة الاستخبارات الأميركية ال"سي آي إيه"، على تقليل نطاق تواجدها في مجال مكافحة الإرهاب في البلاد.. وقالوا: إن هذا الإجلاء يمثّل انتكاسة كبيرة في العمليات المضادة لفرع تنظيم القاعدة الأكثر خطورة في العالم. وأشار المسؤولون إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية، سحبت عشرات من العملاء والمحللين والعاملين الآخرين من اليمن كجزء من عملية إخراج أكبر لحوالى 200 أميركي، كانوا متواجدين في صنعاء.. من بينهم ضباط رفيعي المستوى، عملوا، عن كثب، مع المخابرات والأجهزة الأمنية اليمنية. من جانبه، أفاد مسؤول بارز سابق مشارك في جهود مكافحة الإرهاب في اليمن، بأن انهيار الحكومة اليمنية قد عطل بعض عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن، كما أن إغلاق السفارة الأميركية يعقّد التحديات، ويضر بشكل بالغ بمهمة وكالة الاستخبارات الأميركية "السي آي إيه" في اليمن.. مضيفًا، في الوقت ذاته، أن السفارة كانت تُمثل القاعدة الأساسية في اليمن لعمليات المخابرات الأميركية، وأن الاضطراب السياسى في العاصمة صنعاء وإغلاق السفارة يصب في مصلحة القاعدة في شبه الجزيرة العربية. من جانب آخر، قال مسؤولون أميركيون: إنه لم يتم سحب كل عناصر "السي آي إيه" من اليمن.. مؤكدين أن "الوكالة" ستحاول إنفاذ شبكة الاستخبارات التي تم جمعها بالتعاون مع اليمن والسعودية والحلفاء الآخرين على مدى السنوات الخمسة الماضية.. إلا أن المسؤولين أقروا بأن الترتيبات الاستخباراتية الأساسية والعلاقات التي تمت إقامتها قد تضررت على الأقل مؤقتًا.. فإغلاق السفارة، على سبيل المثال، شمل رحيل أفراد عسكريين وعناصر رئيسة من عملاء "السي آي إيه" الذين عملوا في السنوات الأخيرة مع نظرائهم اليمنيين والسعوديين في مركز مكافحة الإرهاب فى العاصمة صنعاء.. لكن وكالة الاستخبارات الأميركية لم تعلق على ذلك. وحذر مسؤولون ومشرعون أميركيون من أن سحب عملاء "السي آي إيه" يسهل لتنظيم القاعدة بسط نفوذها على مناطق آمنة في اليمن. وقالت لجنة المخابرات الأميركية، الأربعاء، في بيان مكتوب، إن "القاعدة في جزيرة العرب يشكل تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة، ويجب علينا أن نستمر في مطاردته بلا هوادة". ونشرت وكالة المخابرات الأميركية فِرقًا من نشطاء ومحللين في اليمن، كما بنت قاعدة جوية من أساطيل للطائرات بدون طيار في المملكة العربية السعودية، والتي نفذت من خلالها عشرات الهجمات ضد أهداف القاعدة في جزيرة العرب.. لكن تلك الحملات تعتمد بشكل كبير على معلومات استخباراتية من شبكات المعلومات وغيرها من المصادر التي وضعت بالتعاون مع وكالة المخابرات المركزية وأجهزة الاستخبارات اليمنية، ممثلة بجهازي الأمن القومي والأمن السياسي.. إلا أن الصحيفة لم تستبعد من أن تكون وكالة المخابرات الأميركية لا تزال على تواصل مع المسؤولين في تلك الوكالات، كما أن بعضهم واصلوا تقديم تقارير على الرغم من تزايد العنف والفوضى في العاصمة صنعاء، ودليل ذلك، شن ضربات بطائرات بدون طيار على تنظيم القاعدة خلال الأيام القليلة الماضية. وصرح مسؤولون عسكريون في البنتاجون، والبيت الأبيض، الأربعاء، أن موظفي وزارة الدفاع ما زالوا على الأرض في اليمن، يقومون بمهمة مكافحة الإرهاب حتى بعد مغادرة موظفي السفارة.. لكن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، يوم الثلاثاء، اعترفت بأن الاضطرابات السياسية في اليمن تؤثر على قدرتها على مكافحة الإرهاب، غير أنها ما زالت تدرب بعض القوات اليمنية، ولديها إمكانية أن تنفذ عمليات جديدة داخل البلاد ضد متشددي تنظيم القاعدة. وقال عبدالملك العجري، عضو المكتب السياسي للحوثيين، الذي وصف غارات الطائرات بدون طيار الأميركية بأنها انتهاك للسيادة اليمنية، قال: إن جماعة "أنصار الله" لم تأمر أجهزة الاستخبارات في البلاد بوقف التنسيق مع مكافحة الإرهاب، أو طالب الضربات الجوية بدون طيار أن تتوقف.. بدلاً من ذلك، قال إنه سوف يترك تلك القرارات إلى اللجان الثورية التي شكلت في الأيام الأخيرة لتولي السيطرة على الحكومة. وأضاف: "إذا كان الأمريكيون في استراتيجيتهم سيظهرون الاحترام للسيادة اليمنية، فإننا لن نعارض الطائرات بدون طيار". العضو في المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" الحوثيين، ضيف الله الشامي، من جهته عبر عن وجهة نظر مماثلة، وقال: إن جماعة "أنصار الله" تتحرك نحو محاربة تنظيم القاعدة، وإذا كان هناك أي شيء يمكن أن يساعد اليمن بشرط الحفاظ على سيادته ووحدته، فإننا سوف نأخذه بعين الاعتبار.