الغناء اليمني.. ذلك الفضاء الرحب.. منتجع الشجن.. منبع كل عطشان.. ومرسي كل مسافر.. برز بألحانه الشجية العذبة مع ظهور عدد من الفنانين العظام سواء في الشطرين الشمالي أو الجنوبي.. ظهر ليبرز ثقافته وابداع أهل بلده.. ليلفت أنظار وانتباه جميع من يجاوروه ويستمع إليه بأن هناك فناً.. ابداعاً.. ثقافة.. تراثاً.. تجديداً. ابتكاراً.. موهبة.. ظهر بجدارة علي أيدي فنانين عظام أخلصوا واجتهدوا له ليري هذا الغناء النور بالرغم من جميع الصعاب قديما وحديثا.. ظهر بأصوات شجية أطربت كل سامع وكل متذوق لهذا النوع الفني الغنائي الفريد والذي لا يتقنه كل مؤد مهما كانت براعته وهذا مما جعل الغناء اليمني في الصدارة. ففي الجنوب وبحضرموت تحديداً برز النوع الغنائي الحضرمي عام 1965م وترعرع علي أيدي عمالقة كبار.. تفانوا واخلصوا في ابداعه بأجمل الألحان الحضرمية والكلمات الشعرية راقية المعني والألفاظ. منهم الفنان الكبير أبوبكر سالم بالفقيه.. عوض المسلمي.. طه فارع.. أحمد قاسم.. أحمد عبيد القعيطي.. محمد سعد عبدالله.. عبدالله عطروش.. وعبدالقادر بامخرمه وغيرهم الكثير الذين تخونني الذاكرة لسردهم.. والذين تطرب لهم الآذان لسماعهم والذين رفعوا الأغنية الحضرمية وجعلوها مزدهرة تتميز بطابع خاص متسم بالحيوية والتجديد الموسيقي. وإذا انتقلنا نقلة مكانية بنفس الفترة الزمنية إلي شمال اليمن فإننا سنجد بأن الغناء الصنعاني يتغني بجبال صنعاء المرتفعة وخضرتها الحسنة وشموخها العالي، ويعود تراث الفن الغنائي الصنعاني إلي مئات السنين ومازال قائما لما فيه من تعابير قوية وموسيقي رائعة وأيضا لوجود بنيه تبدأ من صناعة الكلمة للأغاني ووصولا لاستخدام الآلات الموسيقية مثل الصحن النحاسي والعود الصنعاني القديم الذي تميز بصغر حجمه وأوتاره الأربعة، فقد ارتبطت هذه الآلة الوترية ارتباطا وثيقا بالغناء الصنعاني والتفرد الايقاعي والكلمات الحمينية، ومن أشهر من تغني الغناء الصنعاني الآنسي... ابن شرف الدين.. العنسي.. السمة.. الحارثي، هؤلاء الفنانون كانوا ومازالوا عمالقة الفن في المناطق الشمالية وغيرهم كثير حاولوا الاستفادة من حركة احياء الغناء التراثي التقليدي والخروج ولو قليلاً عن الشعر الحميني وتطوير قافيته. وفي بداية الثمانينيات ظهر بعض الفنانين سواء في الشمال أو الجنوب وكان من أبرزهم المبدع فؤاد الكبسي.. فقد قام بأداء اللون الصنعاني والحضرمي بتميز وطور الحركة الفنية الموسيقية في اليمن وبصورة مبدعة راقية جدا حتي أن اللون الصنعاني بات معروفاً ومفهوما بظهور الكبسي. ونهض بالأغنية اليمنية وحدثها بآلات موسيقية حديثة وجمع بين الأصالة والتجديد ورفع بالأغنية اليمنية الحديثة إلي القمة حتي ينظر لها بإعجاب وذلك عن طريق البناء اللحني للأغاني التراثية من ناحية وكموسيقي نغمية ذات ايقاع حديث من ناحية أخري، فقد استغني عن العود الصنعاني القديم ذي الأربعة أوتار واعتمد العود الحديث ذا الستة أوتار وادخل بعض الآلات الايقاعية الحديثة في الموسيقي الصنعانية مما اكسبها جمالاً وتنغما فريداً يهتز له المستمع عذوبة وجمالا، فقد جمع بين جيلين حديث وقديم وفتح المجال أمام المواهب الغنائية الصاعدة. ونتيجة لهذا وذاك فتحت الأغنية اليمنية نوافذها لنشر الوعي الحر والفن الراقي وتؤصل انتماء كل فنان يمني إلي حضارته وهذا ما جعل الأغنية اليمنية في الصدارة مما حفز بعض هواة الفن اليمني سواء الصنعاني أو الحضرمي أو اللحجي وإن بات هذا اللون بالتحديد علي آلاته القديمة دون تطوير ومثله مثل اليافعي اعتمد علي لحن معين وايقاع واحد فقط وبات حبيساً لأهله فقط وحصر انتشاره حتي في اليمن وفي المناطق الجنوبية فقط وهذا ما جعل الفن الصنعاني وجميع فنانيه يساهمون بالظهور ومحاولتهم تجديد الفن اليمني بلون يواكب العصر والتطور الموسيقي من آلات وايقاعات واضافه آلة الأورج وغيرها من الآلات الكهربائية الحديثة ودمجها في اللحن الصنعاني أو الحضرمي. أحد الفنانين الذين غنوا وحافظوا علي تقاليد وفنون وتراث الفن اليمني الأصيل واللون الصنعاني بالتحديد فلم يستطع أي فنان أتي بعده أن يواكب الصنعاني المطور ولم يجيدوا ذلك علي الرغم من أن البعض برز في الآونة الأخيرة ولكن سرعان ما خفت بريقه وانطفأ نجمه ومن أمثالهم كثير الأخفش نادر الجرادي والعبسي وغيرهم كثير لقد أسس الفنان الكبير فؤاد الكبسي مدرسة جميلة وراقية للفن الصنعاني بالتحديد وحملها في جنباته إلي القمة وساهم في انتشارها بقوة وإن كان محصوراً في فترة الثمانينات في المناطق الشمالية وبعد الوحدة اليمنية انتشر انتشارا كبيراً وسريعا حتي أن الغالبية أصبحوا يطلقون عليه فؤادي لم يكن فؤاد الكبسي يقف عند نقطة معينة فقط بتطوير اللون الصنعاني بل أصبح يعتمد علي تطوير عدة ألوان وساهم في تطوير اللون اليافعي بآدائه لأغنية اليافعي نسنس ، خلاصة القول فؤاد الكبسي له الفضل الأكبر في تطوير وانتشار الأغنية الصنعانية بالتحديد إلي مسامع الناس في الجزيرة العربية. *الراية