أكدت تقارير إعلامية أميركية نشرت أمس، بأن ممثلين عن الحكومة الأفغانية وآخرين عن حركة «طالبان» عقدوا محادثات سلام غير مسبوقة في مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، نهاية شهر سبتمبر الماضي برعاية شخصية من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، أكد خلالها المجتمعون على أن الحوار «هو الطريق الوحيد لحل الصراع» دون أن يستبعدوا عقد مزيد من المحادثات بين كل الأطراف السياسية. فيما أرسل زعيم الحركة الملا محمد عمر برسالة لافتة إلى المفاوضين أشار فيها إلى أنه «لم يعد حليفاً» لتنظيم القاعدة في وقتٍ بدأت فيه عمليات تسجيل الناخبين استعداداً للانتخابات المقررة العام المقبل «على أربع مراحل» وسط دعواتٍ لمناهضيها بالتفاوض للوصول لحلٍ مشترك وتحريضاتٍ من قبل عناصر وصف ب«المناهضة للحكومة» بعدم الاشتراك فيها. وكشف محطة «سي إن إن» الأميركية الإخبارية أمس بأن ممثلين عن الحكومة الأفغانية وآخرين عن حركة «طالبان» عقدوا محادثات سلام في مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية نهاية شهر سبتمبر الماضي، مشيرةً إلى أن المفاوضات جرت في الفترة ما بين ال24 وال27 من شهر سبتمبر الماضي. وأفادت المحطة نقلاً عن مصادر مقربة من المحادثات لم تسمها إلى أن المحادثات تمت برعاية شخصية من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي تناول في إحدى المرات طعام الإفطار مع الوفود الأفغانية المكونة من 17 شخصاً. وأوضحت ال«سي إن إن» بأن 11 شخصاً من «طالبان» واثنين من موظفي الحكومة الأفغانية وممثل عن القائد السابق ل«حركة المجاهدين» قلب الدين حكمتيار وثلاثة أفغان آخرين حضروا الاجتماعات. وأكدت مصادر الشبكة الإخبارية أن زعيم «طالبان» الملا محمد عمر لم يشارك في المفاوضات لكنه أبلغ المجتمعين عن طريق ممثلي الحركة أنه «لم يعد حليفاً» لتنظيم القاعدة. وأضافت تلك المصادر أن هذا اللقاء هو «الأول الذي يهدف إلى الوصول إلى حل للنزاع في البلاد بواسطة المفاوضات»، منوهةً إلى أنها المرة الأولى أيضاً التي «تناقش فيها كافة الأطراف مواقفها بشكل واضح». ووفقاً للمحطة، فقد اتفق المجتمعون على أن الحوار «هو الطريق الوحيد لحل الصراع». وأوضحت تلك المصادر بأنه «من الممكن عقد المزيد من المحادثات في السعودية حول النزاع في أفغانستان بين مختلف الأطراف السياسية». وتأتي تلك الأنباء في ظل التصريحات الأخيرة للمسؤولين العسكريين البريطانيين والأميركيين أكدوا فيها «استحالة» تحقيق «نصر عسكري» في أفغانستان ضد حركة «طالبان» وتصريحاتٍ أخرى كان الرئيس الأفغاني حامد قرضاي أطلقها ودعا خلالها الملا محمد عمر إلى الانخراط في عملية السلام ونبذ العنف نافياً آنذاك وجود محادثات سرية مع الحركة، واصفاً إياها بأنها لا تعدو عن كونها أكثر من «طلب وساطة» من الرياض. إلى ذلك، بدأت أمس عملية تسجيل الناخبين استعداداً للانتخابات المقررة في خريف العام المقبل. وصرح نائب رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة زكريا باراكزاي بأن التسجيل سيجري على أربع مراحل «لأسباب أمنية». وأضاف «سيجري التسجيل في البداية في 14 إقليماً في وسط وشمال شرقي أفغانستان وبعد شهر سننتقل إلى الشمال ومن ثم الشرق الأكثر اضطراباً، وفي النهاية سنتوجه في يناير المقبل إلى الجنوب معقل التمرد». وأعرب باراكزاي عن قلقه من عرقلة عملية التسجيل كاشفاً عن محاولة من وصفهم ب«عناصر مناهضة للحكومة» في بعض المناطق منع الناس من تسجيل أسمائهم كناخبين، موضحاً «هؤلاء يلقون خطباً في المساجد يطالبون فيها الناس بعدم التصويت أو تسجيل أسمائهم». وتابع «لقد أحرقوا شاحنة مليئة باستمارات التسجيل». ولفت باراكزاي إلى أن اللجنة «لم تتصل بالمتشددين بشكل مباشر، ولكن مجموعةً من زعماء العشائر ستجتمع بهم في الأسابيع المقبلة لمعرفة ما إذا كان بالإمكان التوصل لحل مشترك». واستطرد قائلاً بأن «أفضل طريقة لحل المشكلة هي صندوق الاقتراع لأنك إن لم تتقبل سياسات حكومة ما فبإمكانك أن تسجل اعتراضك بانتخاب الرئيس الذي تريد». وأكد باراكزاي بأن أفراد اللجنة الانتخابية طلبت الاستعانة بقوات «إيساف» للمساعدة في نقل بطاقات تسجيل الناخبين بطائرات هليكوبتر . حيث سيقوم الجيش والشرطة بمعاونة أكثر من 70 ألف جندي من «إيساف» بضمان عملية التسجيل. وأعرب مسؤولون في لجنة الانتخابات عن أملهم بأن يجري تسجيل نحو ثمانية ملايين ناخب خلال الحملة الجديدة وذلك بسبب عدم حاجة الذين لديهم بطاقات انتخابية مسبقاً في التقدم لإعادة نشر أسمائهم. وكانت الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2004 والبرلمانية عام 2005 اللتان مرتا بسلام بعد أن اختارت «طالبان» عدم معارضتهما شارك فيهما نحو 13 مليون ناخب. وتؤكد الأمم المتحدة بأنها غير قادرة على توصيل المساعدات الإنسانية إلى ما بين 40 و50 في المئة من البلاد بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية فيها.