ليست هذه هي المرة الأولى التي تمر بها العلاقة بين حركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي» بتوتر، فقد خاضت الحركتان اشتباكات محدودة العام المنصرم على خلفية منع «حماس» ناشطي «الجهاد» من إطلاق صواريخ في اتجاه إسرائيل، ولكن هذه المرة مسّ التوتر بين الحركتين إلى جانب قضية التهدئة؛ ملف علاقة كل منهما مع قطر، حتى مع مصر وايران. رغم نفي حركة «حماس» أمس، لوجود أي توتر بينها وبين حركة «الجهاد الإسلامي»، فإن مؤشرات عدة ظهرت في الأيام الاخيرة، تؤكد أن العلاقات بين الفصيلين الإسلاميين لا تسير على طريق معبد وسلس. فقد انتقدت «الجهاد» التهدئة بين «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة، ودعت الى اعادة النظر فيها، كما أعلنت أن «حماس» تخشى من العلاقة الآخذة في التطور بينها وبين قطر، وأعلنت تمكسها بالخطة المصرية للحوار الفلسطيني المرتقب، في ما بدا أنه انتقاد للشروط التي تضعها «حماس» على بعض بنود الخطة المصرية للمصالحة الفلسطينية. وفي هذا السياق، انتقد القيادي في «الجهاد» نافذ عزام أمس، اتفاق التهدئة المبرم بين «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة منذ 19 يونيو الماضي برعاية مصرية، ودعا إلى إعادة النظر في استمراره. وفي ما يتعلق بالحوار الفلسطيني، أوضح عزام أن الاقتراحات المصرية التي طرحت على الفصائل الفلسطينية في القاهرة «ستمثل نقطة التقاء يبنى عليها من أجل الوصول إلى اتفاق بين حماس وفتح»، معرباً عن أمله في أن يتم تجاوز العقبات التي قد تظهر أثناء نقل المقترحات وتطبيقها على أرض الواقع. القطيعة اشتدت في غضون ذلك، أكد قيادي كبير في حركة «الجهاد» في دمشق ل«الجريدة»، أن «القطيعة» بين حركته و«حماس»، وصلت إلى أشدها عقب رفض قيادة «حماس» في دمشق تسليم دعوتين موجهتين من «مؤتمر القدس الدولي»، الذي أقيم في الدوحة اخيراً إلى أمين عام «الجهاد» رمضان شلح، والقيادي فيها أنور أبو طه. وقال القيادي الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن مسؤولين في «حزب الله» اللبناني طلبوا من شلح أن يسافر معهم إلى الدوحة للمشاركة في المؤتمر، لكنهم فوجئوا بأنه لم يتسلم أي دعوة رغم انه من الاعضاء المؤسسين للمؤتمر. وكشف المصدر أن مسؤولا في مكتب شلّح اتصل برئيس المكتب السياسي ل«حماس» خالد مشعل، الذي أبلغه أن الدعوتين ليستا موجهتين إلى «الجهاد»، بل إلى القياديين «الحمساويين» محمد نزال وأسامة حمدان. وفي هذا الإطار، أكد المصدر أن شلح تلقى اتصالا من الدوحة قبل يوم واحد من افتتاح المؤتمر، وتم ابلاغه أن الدعوتين الموجهتين إليه جيرتا الى حمدان ونزال بعد إصرار «حماس» على ذلك. وشدَّد المسؤول الكبير في «الجهاد» على أن «حماس تخشى من العلاقة الآخذة في التطور بين الجهاد الإسلامي والدوحة، وحاولت أكثر من مرة دق الأسافين بين الطرفين، محاولة إظهار الجهاد على أنها تيار إيراني يسعى الى تخريب فلسطين». ونقلت مواقع اخبارية الكترونية فلسطينية عن مصادر في «الجهاد» قولها ان «حماس تريد أن تحضر مؤتمر القدس وحدها وتستولي على الأموال، ولا تريد أن تدخل الجهاد على الساحة القطرية وتغزو المجتمع السني». ولفتت تلك المصادر الى أن «حماس تريد أن تتفرد بالمالين السني والشيعي وحدها»، في اشارة الى تلقي «حماس» مساعدات من قطر وايران. «حماس» تنفي من جهته، نفى الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم أمس، التقارير المتواترة عن نشوب خلافات بين حركته وحركة «الجهاد»، مؤكداً أن العلاقة بينهما «متميزة وفي أعلى مستوياتها، وتشهد تقاربا غير مسبوق». الى ذلك، أكد برهوم في مقابلة مع «الجريدة»، موقف حركته من الحوار الفلسطيني ك«خيار استراتيجي»، متمهاً في الوقت ذاته، حركة «فتح»، ب«التناقض» إزاء حوار القاهرة. وعن مصير التهدئة مع اسرائيل، قال برهوم ل«الجريدة»: «التهدئة جاءت بطلب وبوساطة مصرية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وان فصائل المقاومة التزمت بكل ما طلب منها، ولكن اسرائيل مازالت تحكم حصارها وتغلق المعابر حسب نزواتها، والعدوان الاسرائيلي مازال مستمرا، ومعبر رفح مازال مغلقا». وأشار المتحدث باسم «حماس» الى أن « التهدئة تنتهي في الثامن عشر من ديسمبر المقبل، وأي قرار لاستمرار أو إنهاء التهدئة سيكون ضمن 3 معطيات، أولا: اتفاق الفصائل الفلسطينية على قرار موحد، ثانيا: المعطيات المقدمة إلى شعبنا، ثالثا: التوافق مع مصر والدول الاخرى». وشدد برهوم على ان «التهدئة ليست بقرار من حماس بقدر ما هي توافق فلسطيني»، موضحاً أنه «بات مطلوبا من مصر فتح معبر رفح حسب الاتفاق، وان يعطي الرئيس (الفلسطيني محمود عباس) الضوء الاخضر لفتح المعبر». وعن التصريحات التي أطلقها القيادي في «حماس» يوسف فرحات، وقال فيها ان ملف الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليط «مجمد في الثلاجة» حتى تفرج السلطات المصرية عن القيادي في الحركة أيمن نوفل، اعتبر برهوم، ان تلك التصريحات «مجرد انفعالات مع الجماهير»، مؤكدا أن «ملف شاليط واضح ومصر مازالت حاضرة ومستمرة في المفاوضات». الجريدة