أحدثت الصورة اثرها فور حدوثها، دخلت التاريخ ولن تمحوها الذاكرة.. فاثناء المؤتمر الصحفي الأحد الماضي في نهاية زيارته الى بغداد وجه صحفي عراقي للرئيس الأمريكي جورج بوش «قبلة وداع» عندما رماه بفردتي حذائه استقبلهما الرئيس بوش بلياقة تفادتهما، ومع ذلك فإن منتظر الزيدي -مراسل قناة البغدادية- قد عبر عن مشاعره في توديع الرئيس بوش الذي كان وراء احتلال العراق ومعاناته بمايليق به. واستقبل الشارع العربي والعراقي الحدث بارتياح والتضامن مع منتظر الزيدي الذي أوقف بعد تعرضه للضرب كسرت يده وأضلاعه من قبل حراس رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. قد يكون الأسلوب الذي عبر فيه منتظر الزيدي عن رأيه كاعلامي غير مقبول مهنياً، وان كان انسانياً وسياسياً قد قام بمايليق بوداع من دمر العراق وقتل وشرد مئات الآلاف من أهله، ويجادل البعض في أن الزيدي لم يخطئ مهنياً، لأنه لم يأت ليسأل بوش بل ليعبر عن ضميره الوطني، ولماذا التركيز هنا على مسألة المهنية؟ فبوش نفسه خرج على أصول المهنة فقد شاهد الناس أحد أفراد حراسته كان يجلس بين الصحفيين على انه صحفي فيما هو غير ذلك عندما نهض ليمارس مهنته الحقيقية، وحتى عندما علق بوش على الحادث مشيراً الى الحرية، رأينا شيئاً من حقيقة هذه الحرية التي كانت ضرباً مبرحاً وكسر ذراع وأضلع الصحفي منتظر الزيدي وايداعه التوقيف داخل المنطقة الخضراء، ليس ضيفاً من قدم الى العراق وانما محتل معتد أثيم. منتظر يلقى تضامناً وتأييداً واسعاً في الشارع العربي ومطالبة بالإفراج عنه. لم تهمل الصحافة الامريكية والغربية هذا الحادث فقد ابرزت الصحف الأمريكية «رحلة الخزي ودراما الحذاء» وعنونت «الجارديان البريطانية «النعل والشتائم تنهال على بوش في بغداد» وعنونت «لوبوان» الفرنسية: «محاولة اغتيال رمزية بحذاء صحفي عراقي». ومازالت حذاء منتظر مثار اهتمام «الميديا» نكتاً وكاريكاتور وسلسلة العاب على شبكة الانترنت، وموضوعاً للبرامج التلفزيونية والصحف، بلاغة الصورة انها دخلت التاريخ فيما يستعد بوش لمغادرة البيت الأبيض، والحق ان منتظر الذي أخطأته قاذفات وصواريخ حرب بوش على العراق المستمرة قد دخل مع الرئيس بوش التاريخ، بوش يدخله بنهاية لن تمحى من الذاكرة عنوانها دراما الحذاء، اما منتظر الزيدي فقد سجل للتاريخ أجمل قصيدة ودخل التاريخ ببلاغة الصورة التي رسمها.