خلصت دراسة يمنية حديثة الى ان وفيات الأمهات في اليمن تعد من أعلى المعدلات في العالم اذ تقدر بحوالي 365 وفاة لكل مائة ألف ولادة حية. وحددت الدراسة عوامل عديدة تؤثر في صحة وسلامة الأمهات وتجعل من الوفيات والمراضه عالية في اليمن، وهي ليست فقط عوامل ومؤثرات صحية بل عوامل اجتماعية واقتصادية تتمثل أولاً في ارتفاع نسبة الفقر وارتفاع نسبة الأمية وخاصة بين النساء مع تدني في البنية التحتية الأساسية للسكان والمتمثلة خاصة في خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والمواصلات المناسبة. وربطت الدراسة بين العوامل المسببة وارتفاع معدلات الخصوبة وضعف مكانة المرأة في الأسرة والمجتمع . وبينت الدراسة التي أعدها خبير الصحة الإنجابية بالمجلس الوطني للسكان الدكتور فهد الصبري واستعرضت في ندوة حياة المرأة بين داء السرطان وحق الأمومة نظمها المركز اليمني للحقوق المدنية مطلع الأسبوع الجاري أن خدمات الأمومة مازالت محدودة كما ونوعا وخاصة في الريف وللفقراء وحتى المتوفر منها فأن الاستخدام منخفض نتيجة لضعف النوعية والجهل بأهميتها. وبحسب الدراسة فإنه باستعراض وضع وفيات الأمهات وعلاقتها بالعوامل المختلفة فقد أوضح مسح صحة الأسرة لعام 2003 أن 89.3% من وفيات الأمومة تحدث بين الأميات ، وأن 43% من أزواج المتوفيات أميين وهو ما يبين أثر الأمية وأهمية التعليم في تحسن الحياة العامة وخاصة في الصحة ومنها صحة الأمهات. وأوضحت الدراسة أن 74.2% من المتوفيات تزوجن في سن قبل العشرين عاما والنسبة العالية من المتوفيات كن في الأعمار 25 سنة فأكثر حيث أرتبط أيضا بارتفاع عدد المواليد فبلغ متوسط عدد مواليد المتوفيات 4.3 مولود. واستعرضت الدراسة ظروف هذه الوفيات حيث بينت أن 25.7% كانت مرتبطة بإجهاض ( سقط) وو21.2% ارتبطت بمواليد موتي. وكانت 84.3% من الوفيات تمت لولادات في المنزل و10.8% في مركز ومستشفى عام و 4.7% في مراكز خدمات صحية خاصة. واشارت الدراسة الى ان من استخدمن تنظيم الأسرة من المتوفيات تراوح بين 5-7% . أما من حيث الخدمات الصحة وارتباطها بهذه الوفيات فأن 31.9% فقط ( 58.3% في الحضر و29.9% في الريف) ممن عانين من مشاكل صحية أثناء الحمل قد حصلن على رعاية ، . وشكل بعد المكان وعدم توفر الخدمة وارتفاع تكلفتها ما يتعدى 65% من المتوفيات أللآتي لم يحصلن على رعاية أثناء الحمل بحسب الدراسة. وقد كانت هذه الوفيات نتيجة لأسباب مباشرة وأسباب غير مباشرة حيث تبين أن الأسباب المباشرة لهذه الوفيات تمثلت في أن 45.3% كانت بسبب حدوث نزيف و40.4% حمى، والبقية غيبوبة وتشنجات. واوضحت الدراسة أن 57% من النساءعانين مشاكل صحية فبل الوفاة تمثلت في 30% ملاريا و13% من ارتفاع ضغط الدم و6.% من السل مع 15% من حالات كبد. والنسبة الباقية للأعراض ضيق نفس وأمراض قلب. وقالت الدراسة ان حدوث الوفيات وأسبابها وعواملها يعد أنعكاس للرعاية الصحية التي تتلقاها الأم أثناء الحمل بكل المستويات خاصة مع تدني الأوضاع الحياتية لغالبية الأمهات وبدرجة رئيسية في الريف الذي يشكل 74% من السكان. وبينت نتائج مسح صحة الأسرة 2003أن من حصلن على رعاية أثناء الحمل لمرة واحدة من شخص مؤهل وصل إلى 44% من الحوامل وبمتوسط 3.2 مرة للحامل ( 4.3 في الريف، 3.2 في الحضر). أما من لم يستخدمن هذه الخدمة فقد مثل عدم الوعي بأهميتها كرعاية وقائية وليست فقط في حالة حدوث أمراض حيث أوضحت 47% أنهن لم يشعرن بالضرورة بينما توزعت النسبة الباقية بين عدم توفر الخدمة وبعدها وتكلفتها العالية. ولفتت الدراسة الى انه تبين أن 52.5% من قد عانين من عرض مرضي أثناء فترة الحمل توزعن بين النزيف والحمى والصداع وتورم الجسم. واستنتجت الدراسة أن معدل فقدان الحمل يصل إلى 3% سنويا حيث وحدثت 60% منه في الثلث الأول من الحمل. وقد أوضحت 69% ممن فقدن حمولهن أنهن عانين من مشاكل وآثار صحية تراوحت 46% للنزيف المهبلي الحاد ز37% للألم أعلى البطن والبقية للأعراض أخرى مع أن بعض الحالات عانت من أكثر من عرض لرغم من ذلك فأن حوالي 31% منهن ذهبن لتلقي رعاية صحية. وبينت 68% أن السبب مرتبط بالكلفة وبعد الخدمة أو عدم توفرها وهي عوامل تحد من الحصول على الخدمة. أما في مجال رعاية الولادة خلصت الدراسة الى انها كانت أقل بكثير فقد تمت 25% فقط من الولادات تحت إشراف صحي ماهر شكلت الولادات الطبيعية 87% من الولادات بينما بينت أن 9% من الولادات كانت قيصرية. وأضحت البيانات أن 40% من الأمهات قد عانين من عرض أو أخر من الصعوبات الصحية تمثلت في 25% في طول مدة الطلق والذي تعدى 18 ساعة ونفس النسبة عانين من ارتفاع في درجة الحرارة و14% من نزيف مهبلي مع 9% تشنجات. ولاحظت الدراسة أن الرعاية تتضاءل بعد الولادة رغم أهميتها حيث 13% فقط حصلن على رعاية ورغم أن 44% عانين من غرض مرضي ما تراوح بين النزيف الحاد (13%) والبقية كأن حدوث ألم في مواضع مختلفة مع حمى. 57% أرجعن السبب في عدم الحصول على الرعاية بعد الحمل يعود لعدم شعورهن بالحاجة وأن 30% كانت متعلقة بعدم توفر الخدمة بسبب التكلفة. واكدت الدراسة ان العامل الآخر المرتبط بارتفاع مراضة ووفيات الأمهات تمثل في السلوك الإنجابي المتسم بدرجة عالية من الخطورة حيث أن الخصوبة الكلية وصلت إلى 6.2 مولود حي لكل امرأة، ومن الواضح أن نصف النساء المتزوجات في العمر أقل من عشرين عاماً قد أنجبن مولوداً أو أكثر، وثلث النساء في الأعمار 25-29 سنة قد أنجبن خمسة أطفال فأكثر. وقالت الدراسة أن 25% من النساء قد كأن التباعد بين حمل وأخر لديهن أقل من 18 شهراً مع 16% كانت بين 18شهر وأقل من سنتين. وأوضحت البيانات التي أوردتها الدراسة أن نسبة الحمل غير المرغوب عالية حيث أوضحت 22% من الحوامل أن حملهن الحالي لم يكن مرغوباً به إطلاقاً حيث أوضحن أنهن كن قد أكفين من الأولاد. كما بينت 35% منهن عدم رغبتهن في حدوث الحمل في هذا التوقيت وكن يفضلن تأجيله. وبشكل عام فأن 38% من النساء في سن الإنجاب عبرن عن رغبتهن في عدم المزيد من الإنجاب إطلاقاً. ورغم هذا الطلب العالي والرغبة في استعمال موانع الحمل فأن حوالي 23% فقط يستخدمن وسيلة ما لمنع الحمل منها 13.4% وسائل حديثة والباقي هي وسائل طبيعية الجزء الرئيسي منها هو للرضاعة الطبيعية والتي هي محدودة الفاعلية وقصيرة التأثير. وهذه العوامل بحسب الدراسة لها أثرها ودورها في رفاهية الأم والطفل والأسرة بشكل عام وتعكس مدى أهمية العمل على تسهيل حصول الأمهات على التوعية والخدمات المناسبة في كل المناطق والمواقع مع التركيز على تلك الأقل حظاً. وأكدت الدراسة عدم وجود مؤشرات واضحة حول وفيات ما حول الولادة ولكنه من الواضح أنها قد تكون عالية مع هذه الأوضاع الصحية للأمهات وتدني مستوى الرعاية أو عدم توفرها. ووبينت الدراسة ان معدل الوفيات العالية لحديثي الولادة والتي لم يحدث لها تغير على مدى السنوات الماضية وصلت إلى 38.4 لكل ألف مولود حي وهو ما يعكس جزء من سببه وضع صحة الأم وانعدام الرعاية أثناء وبعد الولادة أو ضعف نوعية المتوفر منه مع ارتفاع نسبة الحمل غير المرغوب. وفي إطار أخر تشير الدلائل إلى أن الأمراض المنقولة جنسيا منتشرة وتعاني منها العديد من النساء حيث يشير مسح صحة الأسرة 2003 أن 7.2% من النساء أجبن بحدوث مرض منقول جنسيا منها 1.8% للزهري والباقي للأمراض الأخرى يمثل الفطار 3.3% والسيلان 2.7% و1% أمراض أخرى، . وأشارت 52% منهن فقط بحسب الدراسة أنهن حصلن على استشارة طبية و11% باستشارات أخرى من صيدليات وأقارب و39% لم يقمن بأي استشارة، وقد مثلت ارتفاع التكلفة عائق أمام 54% من لم يقمن بالاستشارة و33% بسبب الحرج. وقالت الدراسة انه في ضوء هكذا أوضاع تتسم بانخفاض في توفر والحصول على خدمات الأمومة في اليمن سواء قبل أو مع أو بعد الحمل ولولادة وترافقها مع ظروف وعوامل اجتماعية واقتصادية عديدة تؤثر بدرجة رئيسية في الريف والفقراء.. مما يكون نتيجته النهائية هو ارتفاع وفيات الأمهات..أي عدد كبير من النساء تفقد حياتها. الدراسة أوصت بمساعدة النساء وأسرهن على إدراك مؤشرات الخطر وطالبت منظمات المجتمع المدني بترجمة توجهاتها الى برامج ومشاريع لمشاركة الدولة في زيادة الوعي في المجتمع بشأن مؤشرات والمضاعفات المهددة للحياة أثناء الحمل والولادة. ودعت الدراسة الى تعليم النساء وأزواجهن وأسرهن متى وأين يحصلون على الرعاية لمواجهة تلك المضاعفات ومساعدة النساء وأسرهن على اتخاذ قرار الحصول على الرعاية من خلال تشجيع الأسر والمجتمع على تطوير خطط عمل في حالات الطوارئ المتعلقة بالولادة والارتفاع بوضع النساء بما يمكنهن من اتخاذ القرارات الصحيحة والحاسمة وغيرها من التدخلات . واوصت الدراسة بمساعدة النساء في الوصول إلى الرعاية الملائمة من خلال برامج مجتمعية وحكومية متعددة والتأكد من ان النساء يتلقين الرعاية في المرافق الصحية من خلال تطبيق معاير الجودة في خدمات الصحة الإنجابية .