عزيز محمد - وجهت العملية الإرهابية التي استهدفت السياح الكوريين في مدينة شبام الأثرية محافظة حضرموت شرق اليمن ضربة موجعة لما تبقى من نشاط سياحي في اليمن . وفي حين شهدت السياحة في اليمن خلال العامين الماضيين أدنى نشاط لها في تاريخ اليمن منذ أكثر من 10 أعوام بسبب هجمات إرهابية نفذها تنظيم القاعدة واستهدفت سياح أجانب أوربيين بينهم أسبان وبلجيك فقد تكون عملية شبام الأخيرة الرصاصة التي ستنهي ما تبقى من روح في هذا القطاع الذي كانت الحكومة والمانحين يعولان عليه الكثير لتحقيق مورد مالي الى جانب الثروة السمكية. الاحتضار الذي يعيشه قطاع السياحة اظهرته بوضوح تصريحات وارقام متناقضة عن حجم عائدات اليمن من السياحة العام الماضي 2008 والذي يعد الاقل نشاطاً. وزير السياحة اعلن امس الأربعاء عن تحقيق السياحة العام الماضي عائدات فلكية مقارنة بالواقع حيث أشار إلى أن العائدات السياحية ارتفعت خلال العام الماضي الى 800 مليون دولار وأن عدد السياح خلال الفترة نفسها تجاوز مليون سائح نصفهم من الدول الغربية والآسيوية واضاف خلال افتتاحه مع وزير الداخلية وحدة أمن السياحة التابعة لقوات الأمن المركزي أن قطاع السياحة وفر أكثر من 90 ألف فرصة عمل ..مشيراً إلى أهمية افتتاح وحدة أمن السياحة والتي تعد إضافة نوعية لرفد جهود تأمين السياحة في مختلف محافظات الجمهورية. خلافاً لتصريحات الوزير نبيل الفقيه قالت إحصائية رسمية صادرة عن وزارته إن قيمة العائدات السياحية في اليمن ارتفعت إلى نحو (450) مليون دولار خلال العام الماضي 2008م وذلك بزيادة تقدر ب(25) مليون دولار عن العام 2007م . وبحسب الإحصائية فقد وصل عدد السياح من مختلف الجنسيات الذين زاروا اليمن إلى (404) آلاف و(497) سائحاً خلال عام 2008م مقارنة بنحو (378) آلاف و(361) سائحاً خلال العام الذي يسبقه . تقرير أخر صادر عن وزارة السياحة ولكن كان يتحدث عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية السلبية في الدور الاقتصادي والاجتماعي للعمل السياحي في اليمن، اشار الى ان انخفاض السيولة (القوة الشرائية) في الأسواق العالمية، انعكس على انخفاض حركة السفر للسياح عالمياً، وإلغاء الحجوزات الفندقية في اليمن وبالتالي تراجع معدل الأشغال الفندقي وتراجع أسعار الإقامة. وأوضح التقرير أن تأثيرات الأزمة شملت انخفاض قيمة العائدات النقدية من العملات الأجنبية، وتسريح جزء من العمالة في قطاع السياحة والفندقة، وصعوبة المنافسة في الأسواق السياحية -في ظل محدودية الموارد. وأشار التقرير إلى تراجع عدد المشاريع الاستثمارية السياحية خلال العام 2008م إلى (12) مشروعاً فقط، بعد أن وصلت إلى (27) مشروعاً في العام2007م،و(33) مشروعاً في العام 2006م، ونتيجة لذلك انخفضت التكلفة الاستثمارية للمشاريع المحلية والأجنبية المنفذة في العام2008م إلى حوالي (1766) مليون ريال، بعد أن وصلت إلى (3552) مليون ريال في العام2007م، و(4115) مليون ريال في العام 2006م. وألحقت الأزمة المالية العالمية تأثيراً مباشراً على الاستثمارات السياحية الأجنبية في اليمن وذلك من خلال تراجع عددها خلال العام 2008م إلى مشروعين فقط، بعد أن وصلت إلى (4) مشاريع في العام2007م، إضافة إلى انخفاض تكلفتها الاستثمارية المنفذة من (184.68) مليون ريال في العام 2007م، إلى (65) مليون ريال في العام 2008م. وكانت وزارة السياحة حددت مؤشرات استهداف النمو السياحي السنوي للعام 2009م بنسبة (15%) لعدد السياح وبنسبة (22%) للعائدات السياحية، فإن خسائر السياحة تتحدد رقمياً في انخفاض عدد السياح وتراجع العائدات السنوية، عما كانت مستهدفاً في عامي 2007م و2008م. بالنسبة لعدد السياح، وفي عام 2008م بالنسبة للعائدات. وقال تقرير الوزارة إن اليمن ما زالت توصف بضعف جاذبية البنية الاستثمارية بشكل عام، والسياحة جزء منها، وذلك لمحدودية خدمات البنية التحتية ، وضعف التدفقات الاستثمارية الخارجية، ونتج عن ذلك تدني معدل الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية، رغم ما يقدمه قانون الاستثمار اليمني من مزايا وحوافز وتسهيلات عديدة للمستثمرين، ومساواته بين المستثمرين، سواءً كانوا محليين أو عرب أو أجانب، حيث منح المستثمر العربي والأجنبي حق امتلاك المشروع دون شريك يمني، إضافة إلى جهود الحكومة في نجاح مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار في اليمن الذي عقد في شهر إبريل 2007م. وكان مطلع العام 2008 شهد مقتل سائحتان بلجيكيتان وجرح اربعة سياح آخرين في هجوم نفذه مسلحون في منطقة هجرين التاريخية في محافظة حضرموت (شرق البلاد). وأدى الهجوم ايضا الى سقوط سائقين يمنيين احدهما قتل فوراً والثاني توفي في المستشفى متأثراً بجروحه. وقالت المصادر ان المسلحين الذين كانوا يستقلون سيارة دفع رباعي، رصدوا تحركات القافلة السياحية قبل قطع الطريق أمامها وإطلاق وابل من الرصاص عليها، ثم لاذوا بالفرار باتجاه محافظة شبوة المجاورة، حيث تقوم دوريات الأمن ونقاط عسكرية تابعة للجيش بملاحقتهم. الهجوم على السياح البلجيك جاء بعد زهاء شهرين على إعادة فتح المناطق الاثرية والسياحية في عدد من المحافظات اليمنية، وفي مقدمها محافظة مأرب (شمال شرقي صنعاء) أمام السياح، بعدما كانت السلطات اغلقتها لدواع أمنية احترازية منذ الهجوم الذي استهدف موكب سياح إسبان أمام معبد ملكة سبأ بلقيس في مأرب في 2 تموز (يوليو) 2007 نفذه انتحاري ينتمي ل «القاعدة» بسيارة ملغومة، وأسفر عن مقتل ثمانية سياح إسبان وشخصين يمنيين. وشكل هذا الهجوم ضربة موجهة لقطاع السياحة الذي يعتبر من أهم الموارد الاقتصادية للبلاد. الحادثين افشلا حملة ترويجية كانت الحكومة اليمنية شرعت في تنفيذها في الخارج وأقرت خطة أمنية لحماية السياح وتطوير قطاع الخدمات والمرافق السياحية. وقام حينها مسئولون في الحكومة بزيارات إلى عدد من الدول الأوروبية لطمأنة الشركات السياحية والحكومات الأوروبية إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لحماية السياح. وسيحتاج قطاع السياحة بعد العمليات الثلاث خلال الأعوام الثلاثة إلى فترة طويلة للتعافي وإقناع السياح بالعودة إلى اليمن بعد التحذيرات التي وجهتها دول أسيا وأوربا إلى رعاياها بعدم السفر إلى اليمن . وحذرت وكالات استخباراتيه علمية مؤخرا من تحول اليمن الى ساحة جهادية لتنظيم القاعدة ومنطلقاً لتنفيذ عمليات داخل وخارج اليمن . والى حين يلتفت المجتمع الدولى الى خطورة وضع الإرهاب في اليمن وتزايد نشاط القاعدة فيه سيكون على اليمن البلد الفقير ان يتحمل تبعات وأثار نشاط تنظيم يحشد الناتو والعالم اجمع جيوشا وأموالا ضخمة لمواجهته في بلدان شتى ليس اليمن من بينها.