اعتبرت دمشق أمس ان ما بدر من مواقف من قبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط تجاه سوريا، يمحو ما وصفتها ب«صفحة سوداء» استمرت أربع سنوات «أضاع فيها البعض» بوصلة المسار الوطني والقومي. وقالت صحيفة تشرين في أول تعليق في الصحافة الرسمية في دمشق على المواقف الأخيرة لجنبلاط «إنه حين يقول: «عندما نزور دمشق نطبق اتفاق الطائف الذي حدد العدو من الصديق وحدد العلاقات المميزة مع سوريا»، فانه يمحو صفحة سوداء استمرت أربعة اعوام أضاع فيها البعض بوصلة المسار الوطني والقومي وارتكب الكثير من الخطايا التي أساءت إلى تاريخه وماضيه». واذ رأت الصحيفة انه «هبت عواصف وأعاصير كثيرة ونُسجت مخططات خطيرة وبرزت للعلن مراهنات وصلت إلى حد التورط في مشروعات مشبوهة نتيجة الانبهار بالمارد الأميركي القادر على صنع المعجزات وفرض ارادته على الجميع، اعتبرت أن المفاجأة الكبرى كانت أن ارادة المقاومة هي الخيار، والمقاومون هم صناع المستقبل. وبدأت الهزائم الأميركية في كل مكان من أفغانستان إلى العراق إلى جنوب لبنان إلى غزة». إنقاذ أميركا من المأزق ولفتت إلى أن «الأميركيين أنفسهم كانوا قد بدأوا يتململون من الطريق المسدود الذي أوصلهم اليه الرئيس الأسبق جورج بوش وجماعته من المحافظين الجدد، فجاء تقرير بيكر-هاملتون، ليرسم خريطة طريق جديدة للتحرك الأميركي المستقبلي بهدف انقاذ الولايات المتحدة من مأزقها». وكانت الصحيفة تشير إلى تقرير بشأن العراق وضعته مجموعة برئاسة وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر والسيناتور الديموقراطي السابق لي هاملتون. انتصارات ومواجهات وبحسب «تشرين»، فقد «اكتشفت واشنطن أنها بحاجة إلى تعاون دمشق، ولمس الأوروبيون أنها ضرورة لحماية مصالحهم، وأن ازدواجية المعايير التي تتبعها وانحيازها الأعمى للصهاينة لم يفلحا في هزيمة المشروع المقاوم، بل انهما زاداه قدرة وتصميماً على تحرير الأرض، وهذا ما كرسه نصر تموز (حرب اسرائيل على لبنان في صيف 2006) وأكده الرد على مؤامرة 5 مايو، بحيث جاء السابع من أيار ليؤكد بداية النهاية للمشروع الصهيوني نفسه، خصوصاً بعد ان رسم اتفاق الدوحة طريق الشراكة الوطنية في الحكم التي تحمي الوطن وتعزز دور المقاومة». وكانت الصحيفة تشير إلى قراري مجلس الوزراء اللبناني في السابع من مايو بازالة شبكة الاتصالات الخاصة ب «حزب الله» ونقل مدير أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير، الذي رد عليه «حزب الله»، بمساعدة «أمل» والحزب السوري القومي الاجتماعي، بالسيطرة المسلحة على بيروت، قبل تدخل قطر ودعوتها الزعماء إلى الدوحة، حيث تم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخاب رئيس توافقي، وقانون الانتخاب وغيره. تنازلات جنبلاط وأضافت الصحيفة «اذا كانت الانتخابات النيابية لم تستطع أن تؤثر في الستاتيكو الذي فرضته المعارضة رغم دفع اكثر من مليار ومائتي مليون دولار، ورغم بعض التغييرات الديموغرافية التي حصلت في أكثر من منطقة، والتي اضطر فيها جنبلاط الى تقديم مقاعد نيابية من حصته لبعض رموز الانعزال لتعزيز فريق 14 آذار، ومواجهة العماد ميشال عون، بالاضافة إلى أنه طلب منه أن يتنازل أيضاً في الحكومة للفريق نفسه، الذي يعمل جاهداً لتكريس الانعزال وتعميم الانقسام واحياء النزعة العنصرية وتجاهل العروبة، فان رئيس اللقاء الديموقراطي (جنبلاط) أدرك -وان متأخراً- أنه مطلوب منه أن يدفع من رصيده الشخصي لحماية مشروع، لا علاقة له». ينتفض على نفسه واضافت أن ذلك جعل الزعيم الدرزي ينتفض «على نفسه أولاً، بعد أن اكتشف أن ما كان يحميه في السابق هو تمسكه بالعروبة ودفاعه عن قضية فلسطين والتزامه بخيار المقاومة وارتباطه بالقضايا الاجتماعية لشعبه، وأنه بعد أن تخلى عنها، اصبح عارياً، فكان أن قلب الطاولة واستعاد هويته العربية وتمسك بثوابته الوطنية والقومية». ورأت الصحيفة أن جنبلاط يبدو اليوم «مرتاحاً جدا بعد أن تصالح مع نفسه، وانسجم مع المبادئ التي تربى عليها، منهياً مرحلة من التعب الجسدي والنفسي، سببها ضيق أفق حلفاء الضرورة الذين ما زالوا أسرى العداء لسوريا والخصام مع المقاومة وسلاحها».