يلقي أميركيون ونقاد سياسيون باللائمة على بريطانيا في رعاية وتصدير الارهاب لعديد من الدول العربية والغربية من خلال ما توفره من مناخ لجوء امن للتكفيريين والمطلوبين للعدالة بجرائم في بلدانهم ولتحركهم السلس في تجنيد متطرف للشباب المسلمين المهاجرين وقيادة وإدارة أعمال التخريب في عديد دول من موقع إقامتهم في لندن، معتبرين أن محاولة تفجير الطائرة على يد النيجيري عمر الفاروق والذي كان مقيم في بريطانيا وجندته القاعدة هناك تشكل مثالا جديدا واضحا. ويقول بعض كبار المشرعين الأميركيين إن معظم التهديدات لبلادهم تنبع من العاصمة البريطانية التي بات يصفها بعض النقاد بكونها أصبحت "لندنستان"، كما يطلقون عليها اسم "غيتو" المسلمين البريطانيين. وسبق أن كشفت صحيفة ديلي تليغراف البريطانية بان النيجيري عمر فاروق عبد المطلب الذي حاول تفجير طائرة الركاب الأميركية المتوجهة إلى ديترويت عشية عيد الميلاد، أصبح "متطرفا" إبان إقامته في لندن حيث جندته القاعدة هناك - أي قبل انتقاله بمدة طويلة إلى اليمن التي أقام بها لعدة أشهر ليغادرها كمنفذ لعملية التفجير. ومضت الصحيفة إلى القول بأن النيجيري عبد المطلب كان يرأس الجمعية الإسلامية في جامعة لندن في الفترة 2006 و2007 عندما كان يدرس الهندسة، وأن الجامعة وجامعات بريطانية أخرى فشلت في إيقاف من سمتهم "الواعظين المتطرفين" من إلقاء الخطب في الحرم الجامعي خشية اتهام الجامعات بالخوف من الإسلام أو "الإسلاموفوبيا". كما نسبت للأميركي اليميني المحافظ ومؤسس ومدير مركز أبحاث "منتدى الشرق الأوسط" دانيال بايبس قوله "إن بريطانيا ما انفكت تشكل مصدر تهديد للعالم الخارجي منذ سنوات"، مضيفا أن محاولة تفجير الطائرة على يد مقيم في بريطانيا تشكل مثالا جديدا واضحا آخر. وحث بايبس على ضرورة اتباع أساليب قاسية أثناء استجواب من وصفهم "بالإرهابيين"، مضيفا أنه تجب معاملتهم بوصفهم مقاتلين أعداء وليس مجرد مجرمين. وأوضح بايبس أن محاولة تفجير الطائرة الأميركية وتفجيرات مترو الأنفاق التي سبق أن تعرضت لها لندن لم تكن مجرد جرائم عادية وإنما كانت أعمال حربية. وأما ضابط "سي آي أي" السابق تشارلز ألين فقال إن بريطانيا تواجه تحديات تتمثل في العزلة التي يشعر بها المهاجرون المسلمون في البلاد، وهو ما من شأنه أن يجعلهم هدفا وفريسة سهلة لتنظيم القاعدة الذي يتبناهم ويأخذهم للتدريب في المناطق القبلية في باكستان واليمن ومن ثم الانطلاق لمهاجمة الغرب والولايات المتحدة. وتواجه المخابرات الداخلية البريطانية (إم أي 5) انتقادات شديدة في ضوء المعلومات التي كشف عنها محققون أمنيون في لندن، خلال اليومين الماضيين، من أن أجهزة الأمن البريطانية كانت تعرف قبل ثلاث سنوات أن النيجيري المتهم بمحاولة تفجير طائرة كانت متجهة إلى الولايات المتحدة، له «اتصالات متعددة» مع متطرفين إسلاميين في بريطانيا يخضعون للمراقبة، وكانت السلطات الأمنية تراقب اتصالاتهم الهاتفية وبريدهم الإلكتروني، أثناء دراسته في لندن بين عامي 2005 و 2008 ولكنها لم تبلغ واشنطن. ودافع مسؤولو المخابرات البريطانيين عن قرارهم بعدم اعتبار عبد المطلب يمثل خطرا أمنيا محتملا، قائلين إنه «كان واحدا من شبان كثيرين اختلطوا مع متطرفين ولكن لم يكن من المعتقد تورطهم هم أنفسهم في التخطيط لعمليات إرهابية أو دعمها». وترجح السلطات البريطانية أن يكون عبد المطلب قد تم تجنيده بعد أن غادر بريطانيا وأقام في اليمن الصيف الماضي. من جانبها صحيفة "نيويورك تايمز" كتبت الاسبوع الماضي انه "اذا ثبت أن عبد المطلب لقن الفكر المتشدد في بريطانيا فسيظهر ذلك أن بريطانيا الحليف الوثيق للولايات المتحدة تشكل مصدر خطر كبير على المجتمع الأميركي".