لا يزال المؤتمر الدولي الذي دعت له بريطانيا قي لندن 28 من الشهر الجاري، من أجل تقديم – كما يشاع الدعم لليمن امنيا وتنمويا ، مثار جدل في الشارع اليمني والعربي، على الرغم من تأكيد وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي في مؤتمر صحفي مع المراسلين الأجانب، بأن "اليمن لن تسمح من خلال مؤتمر لندن المساس بسيادة اليمن". وجاءت تصريحات نسبت لامين عام الجامعة العربية أمس السبت حول المؤتمر لتزيد المخاوف حول غموض أجندته ومساره الذي يبدوا انه متجاهل لصنعاء وتحذيراتها او تمثيل واضح للحكومة اليمنية فيه وفي تحديد جدول اعماله وانما بأعبارها ضيف شرف موصى عليها. ورغم تأكيد وزير الخارجية القربي على حضور الجامعة العربية ودول عربية أبرزها السعودية ومصر والإمارات كدور أساسي مشروط في المؤتمر نفت الجامعة تلقيها دعوة من الحكومة البريطانية ، وأعلن عمرو موسى، عن وجود مشاورات مع عدد من وزراء الخارجية العرب حول هذا الامر، مضيفا لا يوجد حتى هذه اللحظة جدول أعمال واضح لهذا المؤتمر، وغير معروف المدعوين ولا حتى الهدف من المؤتمر، مؤكدا أن الجامعة، تراقب باهتمام التحضيرات لهذا المؤتمر، وربما يكون هناك تفصيلات أكثر فى الفترة القادمة. ولم يتأكد رسميا حتى اللحظة حضور أي من البلدان العربية ، غير ان صحيفة "الوطن" السعودية توقعت وفقا لمصادرها أن تحضر المملكة ، حيث ستكرر فيه موقفها الصريح تجاه اليمن والذي أعلنه سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل عدة مرات مؤخراً وهو دعم حكومته، والحرص على وحدته،ورفض التدخل في شؤونه ومساعدته في التنمية الداخلية . كما نسبت لمصادر أخرى تأكيدها أن المملكة ستعارض أي مساعٍ لشرعنة إرسال قوات أجنبية لليمن أو تدويل الحالة الحوثية وأنها لن تحضر إلا إذا مثلت الحكومة اليمنية في المؤتمر. من جانبه لفت الكاتب السعودي عبد العزيز عثمان صقر الى أن المؤتمر المزمع عقده في لندن للتعامل مع الوضع في اليمن سيكون المؤتمر الثاني الذي ترعاه الحكومة البريطانية ،مشيرا الى مؤتمر المانحين نوفمبر عام 2006 الذي أعلنت فيه اليمن انذاك احتياجها لدعم مالي يقدر بمبلغ 48 مليار دولار خلال العقد الزمني القادم من أجل تطوير البنية التحتية للبلاد وتوفير فرص عمل للمواطنين ووضع الاقتصاد اليمني على أسس ثابتة تسهم فى حل المشكلات الاقتصادية والتنموية بشكل فعال ودائم. فيما أقر المؤتمر مساعدات بلغت 4.7 مليارات دولار لفترة الأربع السنوات اللاحقة للمؤتمر (2007 – 2010). وقال صقر انه رغم أن العام الراهن يمثل نهاية فترة التعهد، فإن هناك دلائل على أن اليمن لم يستلم فعليا أكثر من ربع المبالغ التي تم التعهد بها خلال المؤتمر، مشيرا إلى أن : (مساهمة الولايات المتحدة، مثلا في دعم اليمن بلغت عام 2006 مبلغاً لم يتجاوز التسعة ملايين دولار، واليوم نواجه كرماً أمريكيا غير مسبوق بإعلان الإدارة الأمريكية أنها "ستضاعف" حجم مساعداتها الإنسانية والاقتصادية لليمن هذه السنة لتصل إلى مبلغ 63 مليون دولار فقط لاغير، وبريطانيا راعية مؤتمرات الدعم أعلنت انها ستقدم لليمن مبلغ 100 مليون دولار "خلال الثلاث سنوات القادمة" أي ما يعادل 33 مليون دولار سنويا). وأضاف إن مجموع المساعدات الأمريكية و البريطانية السنوية لليمن لا يتجاوز ما تنفقه قوات الاحتلال الأمريكي في العراق في نصف يوم واحد. واعتبر صقر الموقف الخليجي تجاه الدعوة البريطانية الجديدة لعقد المؤتمر الثاني لدعم اليمن بانه" يقوم على تساؤل مشروع: إذا كانت الأموال الخليجية تشكل الجزء الأساسي من المساعدات التي قُدمت والتي ستقدم لدعم اليمن الشقيق، لماذا نشارك في مؤتمر يُعقد تحت مظلة الدول الغربية؟. وإذا كانت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة هما الدولتان الرئيسيتان فى قائمة الدول التى تقدم المساعدات إلى اليمن على المستوى الدولي، فلماذا تحتاج قيادات دول المجلس الذهاب إلى مؤتمر لندن؟". وأكد في سياق مقال عنونه ب" بريطانيا ومؤتمر دعم اليمن: قضايا وتساؤلات" أن دول مجلس التعاون أدرى بخفايا وتعقيدات الوضع اليمني، فأهل مكة أدرى بشعابها. كما أن استقرار اليمن وأمنه هو جزء من استقرار الخليج وأمنه. ومن هنا –اعتبر الكاتب عبد العزيز صقر إن الاستثمار الخليجي في استقرار اليمن يجب أن يُنظر إليه على أنه استثمار في استقرار دول الخليج وأمنه. مضيفا "أن ما يصيب اليمن من الضرر اليوم سيصيب بقية دول مجلس التعاون الخليجي غدا". واقترح في هذا السياق المبادرة بتأسيس صندوق خليجي أو عربي يُخصص لدعم التنمية في اليمن، بحيث تتمثل مهمته في تبني سياسة تنموية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز قدرات الدولة اليمنية، وتطوير الاقتصاد اليمني على أسس علمية، ومعالجة المشكلات الاجتماعية التى تعاني منها البلاد، والتي تخلق بيئة ملائمة لتنامي ظواهر العنف والتطرف. ولضمان الكفاءة والسرعة فى تنفيذ أي مشروع تنموي في اليمن،اكد صقر إن الحكومة اليمنية لا تعارض فكرة قيام الجهات المانحة بعملية الإشراف الكامل على المشاريع التنموية التي يتم تنفيذها داخل البلاد، من مرحلة التعاقد إلى مرحلة التسليم، مما يضمن حقوق الجهات المانحة ويصون مصالح الشعب اليمني. معتبرا هذا الأسلوب بأنه سيقطع الطريق على أي ادعاءات ترى أن الفساد الإداري والمالي يعرقل مشاريع التنمية في اليمن، مضيفا "فعملية الإشراف والتنفيذ المباشر من قبل الجهات المانحة لمشاريع التنمية قد تكون الصيغة المثلى لبداية عملية جدية لتطوير الاقتصاد اليمني".