طغت رائحة الموت في أحياء كثيرة من العاصمة الهايتية بورت او برنس، حيث ما زال المئات من الجثث ملقاة على قارعة الطريق وقد انتفخت والأيدي المتيبسة منها ممدودة كأنها تتوسل المساعدة، ورغم مرور خمسة أيام على الكارثة تمكنت فرق الانقاذ من انتشال أحياء من تحت الأنقاض ليرتفع العدد إلى 73 ناجياً . وبعث شخص محتجز تحت أنقاض فندق مونتانا إشارات تدل على أنه لا يزال حياً ، وتعمل نحو 43 فرقة انقاذ دولية تضم 1739 عنصراً و161 كلباً على العثور على أحياء عالقين تحت الركام وانتشالهم وسط تحذيرات من وفاة ثلث المصابين، لانعدام العلاج . وقالت متحدثة باسم مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة إنه ما زال هناك أمل في العثور على ناجين، لأن الأحوال الجوية جيدة جداً، وهو أمر استثنائي . ويعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين اجتماعاً طارئاً بمبادرة من المكسيك، لدراسة الاوضاع في هايتي حيث حجم الكارثة "يجعل التواجد الدولي تحت اشراف الأمم المتحدة ضرورياً"،كما سيعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ال 27 اليوم ايضاً اجتماعاً لبحث عقد مؤتمر دولي لإغاثة وإعادة إعمار هايتي، التي ضربها زلزال مروع الثلاثاء الماضي، ووصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى هايتي حيث سيطلع ميدانياً على حجم الكارثة التي وصفها بلسانه بأنها "أخطر أزمة انسانية منذ عقود "تشهدها المنظمة الدولية" . بيد أن آلاف المشردين تعج بهم شوارع العاصمة بورت او برنس يعيشون في حالة "يائسة" ومزرية، ولم تعد المستشفيات قادرة على استيعاب الجرحى الذين يتدفقون عليها بلا انقطاع . ومازال آلاف الجثث المتحللة التي لم يتم جمعها بعد منتشرة في الشوارع . وفتح عناصر من الشرطة الهايتية النار صباح أمس على لصوص كانوا يقومون بسرقة سوق في العاصمة ما أدى الى مقتل أحدهم على الأقل . وتجد قوافل الاغاثة التي بدأت في التدفق على العاصمة صعوبات كبيرة في التحرك . واتهم مسؤول تابع للأمم المتحدة الجيش الأمريكي الذي يعكف على انزال معدات وجنود في مطار بورت او برنس الوحيد والصغير، بعرقلة عمل وكالات الاغاثة الدولية التي تضطر الى الانتظار حتى تسنح لها الفرصة لتسليم الاغاثة للمنكوبين. واشار المسؤول الى هبوط واقلاع 200 طائرة يومياً، وأن الوجود العسكري الأمريكي وإن كان ضماناً جسداً لأمن البلد المنكوب، إلا أن الأولوية هي اطعام الجوعى واغاثة الملهوفين . وللمرة الاولى منذ زلزال الثلاثاء الماضي ، قامت احدى الطائرات امس الاول بالقاء مساعدات في وسط المدينة ، فالقت ست رزم من الوجبات الغذائية في ملعب دلماس الرياضي. وغادرت بعدها فيما بقي المنكوبون يائسين. وقال رب عائلة ينام في الملعب منذ وقوع الكارثة "ظننت انهم سيأتون حقا لنجدتنا". وهبطت مروحية اخرى في مرتفعات المدينة في حقل احاطت به الحشود وتولى جنود اميركيون تابعون للفرقة ال82 المجوقلة فرض الامن فيه ، وقد انزلت الرزم في خمس دقائق. غير ان مثل هذا التنظيم الممتاز في العمل نادر وتسمع طلقات نارية متزايدة في شوارع المدينة. ويقوم الشرطيون باطلاق النار في الجو لتفريق الهايتيين الذين يهرعون الى المباني المهدمة بحثا عن الماء والطعام. ووسط هذه الفوضى المخيمة ، يرى مراقبون ان الزلزال الهائل الذي دمر العاصمة هايتي يعد اكبر اختبار حتى الان لعقود من الوعود الدولية بالمساعدة في تنمية أفقر دولة في نصف الكرة الغربي والواقعة على البحر الكاريبي. من جهة اخرى حذّر خبراء في علم الفلك والجيوفزياء، من أن الزلزال العنيف الذي ضرب هايتي بدرحة 7 على مقياس رختر ينذر بوقوع زلازل وهزات أرضية أخرى، نظرا لأن الأرض تعيش في الشهر الحالي نشاطا زلزاليا، حيث تم تسجيل العديد من الهزات الأرضية في عدة مناطق من العالم منذ الأسبوع الماضي. وكشف المعهد الأمريكي للجيوفيزياء أن هزة أرضية بلغت قوتها 6,0 درجة على مقياس رختر سجلت أول أمس، قبالة السواحل الشمالية لولاية كاليفورنيا، وذلك بعد 3 أيام فقط من الزلزال العنيف الذي ضرب جزيرة هايتي وخلف مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وقبل ذلك أعلنت المؤسسة الوطنية لأبحاث الزلازل في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، أن زلزالا بقوة 0,4 درجة على مقياس رختر ضرب يوم الجمعة ولاية السكر في شمال شرق فنزويلا ووقعت الهزة في الواحدة والنصف بعد الظهر بالتوقيت المحلي، لكنها لم تخلف خسائر مادية وبشرية. ولم تقتصر الهزات الأرضية العنيفة خلال الأسبوع الماضي ومطلع هذا الاسبوع ، على القارة الأمريكية فقط، بل مست حتى القارة الأسيوية والإفريقية، حيث سجل مركز البحث في علم الفلك و الفيزياء الفلكية والجيوفيزياء بالجزائر أمس فقط، هزة أرضية بدرجة 4,1 على مقياس ريشتر بولاية البويرة ، فيما سجل مركز رصد ودراسة الزلازل والبراكين في اليمن أمس الأحد هزة أرضية بقوة 4,3 درجة على مقياس ريختر على بعد سبعة كيلومترات جنوب شرق محافظة ذمار. وكشف بيان صادر عن المركز الوطني لدراسات الزلازل والبراكين أنه تم تحديد موقع البؤرة السطحية للزلزال الذي صنف دون المتوسط ، وقال مسئولون في المركز ان الزلزال يأتي في الدرجة الثانية بعد الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق محافظة ذمار عام 1982م بقوة 6درجات وراح ضحيته 2500 شخص في حين أصيب 25 ألف شخص في الزلزال الذي دمر 15 ألف منزل تدميرا كليا. (وكالات)