العربية - حذر خبراء ومراقبون من مخاطر انتشار تنظيم "القاعدة" فى المنطقة العربية بشكل منظم، مشيرين إلى أن القاعدة لم تعد مجرد فكرة يتبناها أجيال جديدة متأثرة بما يجرى على الساحة الفلسطينية والعراقية، بل هو تنظيم قوى له رؤوس وقواعد وكوادر فى المنطقة على عكس ما يراه كثير من خبراء الحركات الجهادية الاسلامية ذات الطابع العالمي. جاء ذلك فى مؤتمر "تطور أجيال القاعدة، ومخاطر الانتشار الاقليمي لقواعد الإرهاب وأساليب المواجهة"، الذى عقد الأربعاء 27 -1-2010 فى المركز الدولي للدراسات المستقبلية بالقاهرة وحضره مكرم محمد أحمد ود. فؤاد الصالحي، والكاتب الفلسطيني سمير غطاس وعدد من الخبراء المختصين فى شؤون الحركات الجهادية العالمية. جيل القاعدة وقال اللواء أحمد فخر، المدير التنفيذي للمركز، إنه "بات من الواضح حدوث تطورات مهمة تتعلق بمستقبل القاعدة فى المنطقة العربية على ضوء تطور المواجهات الأمنية التى تجري على ساحة المعركة الرئيسية فى أفغانستان وباكستان. وأشار الى أن القاعدة تسعى إلى ايجاد ملاذات آمنة ومراكز جديدة لها تحمل اسم " القاعدة " مضافا اليه انتماء اقليمي، فبعد ظهور تنظيمات القاعدة فى العديد من البلدان العربية: بلاد الرافدين، القاعدة فى شبه الجزيرة العربية واليمن، وفى بلاد المغرب الاسلامي، وبلاد الشام، وصاحب هذه الظاهرة ارتباطها بأجيال جديدة من القادة والزعامات، أطلقت على نفسها مصطلح "جيل القاعدة " إشارة الى تواصل هذه الأجيال مع الجيل المؤسس وأبرز رموزه أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. وأكد اللواء فخر أن تمدد القاعدة فى المنطقة يعكس عدة تساؤلات رئيسية أهمها: هل أصبح تنظيم القاعدة تنظيما أفقيا ولم يعد تنظيما مركزيا رئيسيا؟ أي أن الفروع أو المراكز التى انتشرت فى مناطق عديدة عن المنطقة أصبحت قواعد لها قادتها الذين يقررون دون التشاور أو الرجوع الى القيادة المؤسسة فيما يتعلق بنوعية العمليات والأهداف كما حدث فى اليمن والعراق، وما وقع من حوادث فى السعودية وديترويت وغيرها. القاعدة ليست مجرد فكرة ونفى الباحث سمير غطاس، المفكر الفلسطيني ومدير مركز مقدسي للدراسات، أن يكون تنظيم القاعدة قد "تحول إلى مجرد فكرة كما يحلو لبعض المراقبين لهذا التنظيم أن يقول، ولكنه تنظيم قائم وله مسارات وخطط، والدليل على ذلك عمليتىي همام البلوي وشهرته أبو دجانة الخراساني الذى انتقل من الاردن الى باكستان وتلقى تدريباته هناك". وكذلك "عملية عمر الفاروق النيجيري الذى حاول تفجير طائرة أمريكية فى ديترويت وتم تجنيده وتنظيمه فى لندن ثم سافر الى دبي والتحق بتنظيم القاعدة فى اليمن"، مشيرا إلى أن "كل هذه المسارات والتحركات لا يقوم بها مجرد أشخاص منضمين فكريا الى تنظيم القاعدة أو عبر غرف الدردشة". وأكد غطاس للعربية.نت تفسيره لهذه النظرية حول تنظيم القاعدة قائلا "ماذا يعنى أن التنظيم أصبح مجرد فكرة، هو بالأساس كان فكرة من أسامة بن لادن، ثم تم تفعيلها عبر أعضائه من المصريين، وخاصة د. أيمن الظواهري، المشكلة التى يقع فيها كثير من المحللين فى مسألة تحليل هذا التنظيم والقول بأنه أصبح مجرد فكرة تتمثل فى أننا نقع تحت أسر النمط الذى نعرفه عن التنظيم." القاعدة في غزة وتحدث غطاس عن تنظيم القاعدة في قطاع غزة وبلاد الشام مؤكدا أن الصراع بين الجماعت السلفية الجهادية في غزة وحركة حماس خرج من مرحلة الصراع الصامت إلى المواجهة والقتال وتجسد هذا في حادثة مسجد "ابن تيمية" والتصدي لحركة أبو النور المقدسي وقتله أثناء إعلان الإمارة الإسلامية في غزة. ويؤشر هذا برأى غطاس إلى أن "صيرورة هذا الصراع سيتصاعد وأن العلاقة بينهما تتجه نحوا الصدام لأن تصرفات حركة حماس وسياستها لا تلاقي قبولا لدى جماعات السلفية الجهادية في غزة. وأوضح "أن حماس بنظرها لا تطبق الشريعة الإسلامية وقبلت بالهدنة مع إسرائيل وتقف ضد كافة العمليات التي تنفذها الجماعات السلفية ضد إسرائل ناهيك عن قبول حماس بالتسوية السياسية والقبول بالحوار مع المحتل الإسرائيلي". هجرة من حماس إلى القاعدة ويؤكد غطاس أنه نتيجة لسياسة حركة حماس وموقفها فإن هناك معلومات تؤكد هجرة أعضاء من داخل حركة حماس إلى المجموعات السلفية الجهادية، لأن هؤلاء الأعضاء التحقوا بحماس بناء على "نهجها الجهادي وعندما تتخلى عن هذا النهج فلم يعد في حماس ما يغريهم بالاستمرار فيها وسيبحثون عن جماعات تحقق لهم ما يرغبون فيه من القتال والجهاد ضد المحتل". تطورات تنظيمية وحول التطورات الهيكلية فى تنظيم القاعدة تحدث د. حسن أبو طالب مدير معهد الأهرام الاقليمي قائلا "على مستوى التطور العملياتي لتنظيم القاعدة خاصة ما يتعلق بالمواجهة مع الولايات المتحدة، فإن التنظيم لم يعد يصر على القيام بأى عمليات كبيرة ضد الولايات المتحدة على شاكلة هجوم 11سبتمبر". وأضاف "بات التنظيم يجنح نحو القيام بأي عمل يكون موجها ضد المصالح الامريكية، حتى ولو كان صغيرا، والافضل ان يكون في العمق الامريكي نفسه وبحيث يؤكد اليد الطولى للقاعدة رغم التفوق التقني الهائل الذى تمتكله الولايات المتحدة، ويؤكد أن التنظيم لم يمت وانه على عهده فى توجيه الضربات إلى الولايات المتحدة." وقال " لا تزال القاعدة تفضل منازلة الأمريكيين على أي أرض عربية أو إسلامية، إذ مجرد الوجود الأمريكي العسكري على أرض عربية أو إسلامية من شأنه أن يدعم مقولات التنظيم ومن ثم يسهل تجنيد أعضاء جدد بحجة مشاركتهم فى الجهاد ضد طاغوت العصر ومن ثم نصرة الإسلام والمسلمين". وقال إن "التنظيم بات الآن مقسما إلى 3 فئات رئيسية: أ من بقي من قيادات المنظمة الاساسيون الذين انشأوا التنظيم. ب الجماعات الفرعية للتنظيم والذين ينتشرون فى أكثر من بلد مثل العراق واليمن والصومال والجزائر والمغرب، وباكستان ونيجيريا ودول أفريقية أخرى. وهى جماعات تعمل على تعزيز مكانتها وقدراتها فى البلدان العاملة فيها أولا، ثم التنسيق فى حالات محددة مع الأفرع الأخرى. ج الأجيال الجديدة من أعضاء التنظيم، وهم من جنسيات مختلفة، إذ تلهمهم عقيدة التنظيم لاسيما فى مواجهة أمريكا وحلفائها باعتبارهم مسؤولون عن تردى الأوضاع العربية والإسلامية، وعن ضياع الحقوق الإسلامية فى فلسطين المحتلة. وهؤلاء فى الأغلب عناصر محلية تفتقر إلى الامكانيات والموارد، ويتم تجنيدهم عبر الشبكة الدولية للمعلومات لاسيما غرف الدردشة خاصة التى ينشئها متعاطفون مع التنظيم، ويقع فى حبائلها الكثير من الشباب الغاضب". واضاف "الفئة الثالثة تمثل المصدر الجديد لأعضاء التنظيم، وغالبا ما يكونوا تواقين للقيام بأعمال بطولية من وجهة نظر التنظيم، ولديهم الاستعداد الأكبر للمغامرة. وهم غالبا غير معروفين للأجهزة الأمنية الأمريكية. وهم من جنسيات مختلفة أوروبية وأسيوية وأفريقية، وغالبا لا تكون عليهم أية شبهات أمنية، وفرصتهم اكبر فى القيام بعمليات فى العمق الامريكي والتضحية بحياتهم من أجل نصرة التنظيم والقيام بعمل يضيف لما يُعتبر السجل الجهادي للتنظيم من ناحية، ويتم تجنيدهم عبر الشبكة الدولية للمعلومات لاسيما غرف الدردشة خاصة التى ينشئها متعاطفون مع التنظيم، ويقع فى حبائلها الكثير من الشباب الغاضب". خريطة انتشار القاعدة.. أين وكيف؟ وأوضح د. حسن أبو طالب خريطة انتشار القاعدة قائلا "قوس الازمات السني: باكستان، أفغانستان، اليمن، الصومال، الشمال الافريقي". وأشار إلى "صراعات ذات طابع محلي فى باكستان وأفغانستان فى ظل تورط دولي وغربي، صراعات مع الدولة فى اليمن والشمال الأفريقي، تعثر بناء الدولة في الصومال، الانتشار فى بلدان ذات موقع استراتيجي مهم للامن والاستقرار والاقتصاد العالمي". استراتيجية القاعدة الراهنة وحول استراتيجية القاعدة فى الوقت الراهن، أكد د. أبو طالب أنها تسعى الى "جذب أنصار جدد عبر وسائل غير تقليدية ( الانترنت وغرف الدردشة ومواقع الجهاد القاعدية) التمركز فى البلدان ذات المشاكل الكبرى ، و جذب وتوريط القوات الامريكية إلى بلدان عربية وإسلامية وتطبيق استراتيجية مواجهة على ارض مختبرة ومعروفة، القيام بأى عمليات ضد المصالح الأمريكية، وليس المهم ان تكون عمليات كبيرة، بل المهم ان تؤذي مصالح أمريكية وتثبت قوة التنظيم وفاعليته، التعاون مع اي جهة تقاوم الولايات المتحدة خاصة والغرب عامة، نشر خلايا نائمة فى العديد من البلدان العربية والاسلامية". خصوصية الحالة اليمنية فى الوقت الراهن وتحدث د. أبو طالب عن الحالة اليمنية واصفا اياها بحالة خاصة فى انتشار تنظيم القاعدة، وهى أن "اليمن بالفعل مشارك في الحملة الامريكية على تنظيم القاعدة، ولكن وفقا لقدراته الذاتية وخصائصه الهيكلية التي تجعل من العلاقات والارتباطات القبلية دورا مهما فى نجاح أو فشل أي حملة عسكرية أو أمنية تقوم بها الحكومة اليمنية ضد التنظيم أو من يناصرونه فى الداخل اليمني. وأن محدودية القدرات المتاحة لليمن تحد من فعالية الكثير من الإجراءات التى تتخذها الحكومة ضد القاعدة." وأشار إلى "أن هناك أزمة سياسية مستحكمة فى الداخل اليمني، وأن انتشار الفساد في الهيكل الإداري للدولة اليمنية مصحوبا بمعارضة سياسية عنيفة وغير عنيفة، تجعل امكانية الاعتماد على القدرات اليمنية وحدها فى مواجهة القاعدة مسألة مشكوك فى نتائجها". وأضاف "أن تنظيم القاعدة وزعيمه بن لادن يجد تعاطفا كبيرا فى اليمن لاعتبارات قبلية وتاريخية تعود إلى حقبة الثمانينات من القرن الماضيى حين كان اليمن وبجهود يقودها بن لادن وعدد من الشخصيات الدينية اليمنية نقطة تجمع رئيسية للمتطوعين من جنسيات مختلفة، للسفر إلى باكستان من أجل المشاركة فيما كان يوصف آنذاك بالجهاد ضد الاحتلال السوفيتى لأفغانستان".