أكدت دراسة يمنية حديثة ان ضعف التأهيل والتدريب للنساء اليمنيات العاملات في القطاع غير المنظم وتدني مستويات تعليمهن وافتقارهن إلى النصح والخبرة الكافية في استخدام الموارد وتخفيض التكاليف الخاصة بالموارد والإنتاج وتنويع مصادر الدخل تعد من أبرز المعوقات التي تواجهها النساء العاملات في هذا القطاع، بالإضافة إلى عدم امتلاك المهارات والكفاءات العلمية والعملية اللازمة لتغيير طريقة الإنتاج والتحول من الإنتاج النمطي التقليدي إلى الإنتاج المتعدد والمتنوع الذي يلبي حاجات سوق العمل المحلي، ومشكلات تتعلق بتصريف منتجاتهن إلى السوق المحلية. وقالت الدراسة - التي أعدها المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل - والخاصة ب"عمل النساء في القطاع غير المنظم "- حصلت الوطن عليها - ان المرأة العاملة في اليمن تواجه العديد من المشاكل، خاصة العاملة في الحضر أهمها: النظرة الدونية من المجتمع، وبخاصة اللاتي يمارسن أعمالا ومهنا بسيطة على قارعة الطرق، والمضايقات والمشاكل التي تتعرض لها من قبل البلدية أو الضرائب أو الواجبات لدفع مبالغ غير مستحقة قانونا، والمضايقات والتحرش من قبل بعض الزبائن مما يؤثر على استمرارية ممارسة بعضهن لتلك المهن، ناهيك عن تلف بعض المنتجات وعدم القُدرة على تسويقها لشراء متطلبات العملية الإنتاجية؛ نتيجة لغلاء المواد الخام وعدم وجود مؤسسات تمويلية داعمة لهن لتقديم التسهيلات المالية والفنية، وعدم القدرة على توفير متطلبات المهنة، وعدم التزام الزبائن بدفع ديونهم المستحقة عن شراء المواد المصنعة، والتي تنتجها العاملات محلياً في منازلهن أو معاملهن الخاصة، مما يضعف من عملية الإنتاج والتسويق والتطوير للمنتج. وتهدف الدراسة - التي أجريت على عيّنة متنوعة من الريف والحضر في (7) محافظات يمنية هي : (الأمانة، تعز، عدن، إب، ذمار، الحديدة، حضرموت) بلغ عددها (1220) امرأة ما بين الفئة العُمرية 20 - 29 سنه، نسبة 53.7 % منهن سبق لهن الالتحاق بالتعليم، و38.2 % أميات- إلى التعرّف على الظروف التي تعمل فيها النساء في القطاع غير المنظم والمقومات الرئيسية التي ترتكز عليها، والمشكلات التي تواجهها العاملات في هذا القطاع، والمقترحات والحلول التي يمكن أن تسهم في تطويره. ووفقا للدراسة الاجتماعية فإن المهن الحالية للمبحوثات تركزت في الخدمات أو البيع في المتاجر والأسواق بنسبة 53.4% وهو مؤشر يدل على التحول الذي لحق بعمل النساء في السنوات الأخيرة، حيث اقتحمن مجالات عمل جديدة لم يكن يمارسنها من قبل، وإن كانت هذه النوعية من الأعمال التي تمارسها الفتيات والنساء ترتبط بعدد من المشكلات المجتمعية التي تكرّس النظرة الدونية للعاملة التي تعمل في هذا المجال بسبب تعرضها للمضايقات والتحرش. وبنيت نتائج الدراسة ان معظم المبحوثات في القطاع غير المنظم هن ممن يعملن لحسابهن الخاص ولا يستخدمن عمالاً بأجر، وبلغ عددهن (856) امرأة وبنسبة 70.2% ، مقابل 3% من صاحبات العمل اللاتي يستخدمن عمالاً بأجر، وأن 26.8% ممن يعملن بأجر نقدي أو عيني، كما يلاحظ أن غالبية صاحبات العمل هن من كبيرات السن اللاتي مرت عليهن فترة طويلة في العمل، بينما اللاتي يعملن بأجر نقدي أو عيني هن من فئة الشابات والحديثات في العمل في القطاع غير المنظم. وأشارت إلى أن النساء يملن للعمل في مشاريع تعتبر امتداداً لدورهن التقليدي مثل: (تصنيع الغذاء والتطريز والحياكة والتجميل)، وغيرها. وتفيد الدراسة أن 36.2% من المبحوثات يزاولن العمل داخل المنازل، كأفضل موقع عمل باعتباره يوفّر للفتيات والنساء مميزات وتسهيلات عديدة، وبخاصة لدى الأسر المحافظة التي لا ترى ضرورة لخروج فتياتهن أو نسائهن للعمل خارج المنزل، حيث يكُن عرضة بصفة دائمة للمضايقات والتحرشات، ناهيك عن صعوبة الانتقال إلى مواقع العمل بسبب وسائل المواصلات التي تستخدمها المرأة والتي تكون هي الأخرى سبباً لتعرضهن لمشكلات شتى. مشيرة إلى أن الدافع الأول والأساسي لالتحاق النساء بالعمل في القطاع غير المنظم هو تحسين دخل الأسرة ودخل المرأة، حيث بلغت نسبة النساء العاملات اللاتي يعلن أسرهن30.5% ، في حين بلغت 61.2 % نسبة النساء اللاتي يشاركن في إعالة الأسرة. وبحسب الدراسة فإن نسبة الإعالة في الريف تنخفض عنها في الحضر حيث بلغت في الريف ما يقارب24% ، وفي الحضر 32.2% ، بينما 21.6% من النساء العاملات يرين أن الاشتغال بهذا العمل هو أساس للاعتماد على النفس، و4.4% يعتبرنه ضرورة من ضرورات الحياة، ويعملن بواقع (40) ساعة أسبوعياً، وبنسبة 31 % على مستوى المحافظات. وبخصوص الحصول على تراخيص عمل لمزاولة المهنة – قالت الدراسة - إن نسبة 94.1% لايحتجن إلى تراخيص عمل لأن طبيعة عملهن لا تتطلب ذلك، فهن يمارسن أعمالاً ومهناً بسيطة، وبالأخص اللاتي يعملن داخل المنزل، وأن 85.9 % من مجموع النساء المستهدفات في الدراسة لا يواجهن أي معوقات تذكر، في حين يقتضي عمل النساء في بعض الأعمال الحصول على تراخيص عمل، منها: تلك التي ترتبط بأعمال التمريض والمحلات التجارية والأسواق والمتاجر، ومعظمهن قمن بتسجيل عملهن في غرفة التجارية والصناعة بنسبة 52.8% على مستوى المحافظات المستهدفة من الدراسة غالبيتهن في الحضر. وبحسب الدراسة فإن 95.25% من المبحوثات لا يعرفن قانون العمل، بينما 95.7% ليس لديهن الوعي القانوني بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية وأهميته، ولم يؤثّر مستوى حصولهن على التعليم على معرفتهن بالنصوص والأحكام والمواد القانونية التي تساعد على فهم حقوقهن في قانون العمل، وما يتضمنه من مزايا لصالح العاملين في القطاع الخاص وغير المنظم. وأوضحت الدراسة أن نسبة 14.1% ممن يواجهن معوّقات، فقد أحتل انقطاع التيار الكهربائي الذي يمثل الديناموا المحرك لتشغيل العمل وبنسبة 10% الترتيب الأول في المعوِّقات، تلاه عدم الاستقرار الاقتصادي بنسبة 7.7 % والحصول على التمويل بنسبة 7 % ، ثم تكلفة المشروع بنسبة 6.8 %، وتضاءلت النسب في بقية المعوِّقات. واعتبرت الدراسة الخاصة بالمرأة العاملة ان القطاع غير المنظم في اليمن له مكانة كبيرة، إذ يشكل جزءاً مهماً من قيمة الناتج المحلي، ويعرف بمجموعة من وحدات الإنتاج والخدمات التي تعمل بهدف إحداث مواطن شغل وموارد رزق للأشخاص المعنيين بها. وتابعت: إنه على الرغم من الاهتمام به من قبل الحكومة في الخطط الخمسية الأولى والثانية إلا أنه لا يزال يعاني العديد من صعوبات تتمثل في:عدم قدرته على التنسيق مع القطاع المنظم، وضعف المهارات وتدني مستوى التدريب والتأهيل الذي يحظى به العاملون في هذا القطاع، والاعتماد على الوسائل التقليدية البسيطة التي تحتاج إلى مزيد من التحديث والتجديد، وغياب الحماية والتأمينات الاجتماعية للعاملين في هذا القطاع. وشددت الدراسة الاجتماعية على ضرورة زيادة قدرات النساء في هذا القطاع من خلال تفعيل أنشطة وبرامج التدريب التي تعنى بها سيدات الأعمال لمساعدتهن على تغيير نوع الإنتاج من منتج لآخر، وتمكينهن من مواجهة مشكلة تصريف منتجاتهن إلى السوق المحلية، ووضع برامج تدريب منتظمة ومستمرة لمساعدة النساء العاملات في هذا القطاع من إدارة مشروعاتهن بكفاءة والابتعاد عن المشروعات ذات الطابع العشوائي غير المستقر الذي لا يسجل رسمياً ولا يُشهر في سجلات الأجهزة المختصة. وأوصت بتوفير الحماية القانونية للنساء العاملات في القطاع غير المنظم، خاصة اللاتي يمارسن أنشطة البيع في الشوارع من الشرطة والبلدية بإقامة الأسواق والمواقع الخاصة بهن لتمكينهن من مزاولة أعمالهن دون قيود، وتوفير الحد الأدنى للأجور وفقا لقانون الأجور، وساعات عمل محددة، وضمان شمول العاملات بنظام التأمينات والمعاشات، ومراجعة قانون العمل لجعله ملبياً لاحتياجات النساء في القطاع غير المنظم مع استحداث نصوص وأحكام قانونية لحماية المرأة العاملة في هذا القطاع. وطالبت ببناء قاعدة بيانات وإحصاءات متجددة ومتطورة تعكس المشاركة الحقيقية للنساء العاملات في هذا القطاع على مستوى الحضر والريف، وتنفيذ الدراسات والمسوحات العامة مع توفير الإمكانات المالية لإجراء ذلك، وإدماجها في كافة المسوح التي يعدها الجهاز المركزي للإحصاء وفي التعدادات العامة التي يتم إجراؤها، وتطوير المفاهيم المتعلقة بعمل المرأة في هذا القطاع والتعريفات المستخدمة، وطرق القياس المستخدمة بما يتلاءم مع خصوصية ووضعية الاقتصاد اليمني؛ باعتباره من الاقتصاديات النامية بعامة، وخصوصية عمل المرأة في هذا القطاع بخاصة. ودعت الدراسة مؤسسات التمويل المختلفة كالبنوك والصندوق الاجتماعي إلى منح النساء العاملات في هذا القطاع قروضاً صغيرة وميسرة وتأهيل وتدريب صاحبات الأعمال على إدارة مشروعاتهن الصغيرة وتوجيههن للحصول على القروض التي تقدمها مختلف المؤسسات الإقراضية بهدف تشجيع عمل النساء في مشاريع مدرة للدخل مما يسهل وصولهن إلى الأسواق.