استبعد أدباء أن تكون القصة القصيرة في اليمن تمر بصعوبات، معارضين بعض الآراء التي تحدثت عن موتها سريريا. ونفى الناقد العراقي وأستاذ الأدب الحديث في جامعة صنعاء الدكتور حاتم الصكر اضمحلال القصة القصيرة في اليمن، مؤكدا صمودها رغم ضآلة إنتاجها إذا ما قورنت بالرواية والشعر. واعترف الصكر في حديث للجزيرة نت بوجود نوع من التمدد النوعي والشكلي طرأ على القصة القصيرة اليمنية تجسد في هيئات عدة منها الفانتازيا والقصة القصيرة جدا والقصة اللوحة والخيال المفرط والنص الرفيع. وبرأيه فإن هذا التطور في مسار القصة القصيرة يعد ظاهرة صحية، خاصة مع دخول المرأة اليمنية كمساهم رئيسي في كتابتها، مما ساعد على تنشيط هذا النوع من الكتابة. وفي محاضرته التي نظمتها مؤسسة العفيف الثقافية مساء الثلاثاء بصنعاء، عارض الصكر بشدة الآراء المنتقدة للقصة القصيرة اليمنية والتي ترى أنها في حالة موت سريري وانكسار وانحسار، نافيا خضوع الأنواع الأدبية للحياة البيولوجية التي تحيا وتشيخ وتموت. ولفت الناقد إلى أن القصة القصيرة في اليمن شهدت تهميشا في الآونة الأخيرة نتيجة الميل العام إلى الرواية والقصيدة سواء من قبل الكتاب أو القراء والناشرين بسبب غزارة الجوائز التابعة للهيئات الدولية والإقليمية التي ترصد لهذه الأجناس الأدبية، مثل البوكر المخصصة للرواية والعويس التي تمنح للنقد والشعر. مستقبل واعد وتنبأ الصكر بمستقبل واعد وجيد للقصة القصيرة احتكاما إلى التجديدات في الشكل وأسماء الأدباء الجدد الذين انضموا إلى هذه التجربة، مستعرضا الأصل العربي للقصة القصيرة ونشأتها وأثر الترجمة على انتشارها وتياراتها الفاعلة. كما تناول المحاضر المعوقات والصعوبات التي حدت من انتشار القصة القصيرة وساهمت في إضعافها، ومنها منافسة الأنواع القريبة منها كظهور السينما وتحويل كل ما هو قصصي مكتوب إلى بصري، والتحديد الذي دخل على القصة القصيرة والتعامل مع هذا الفن بعفوية وبساطة، فضلا عن ضعف الترجمة وتعدد المدارس والتهميش والإقصاء المدرسي وشح الدراسات حولها. واعتبر أن الأوهام الأخرى التي أعاقت فن القصة القصيرة هي محاولة تقييدها، وهو ما أدى إلى الزهد في كتابتها بشكل غزير. أوج العطاء ويتفق القاص والروائي اليمني محمد الغربي عمران مع رأي الصكر، مستشهدا ببلوغ عدد كتاب القصة القصيرة اليمنيين إلى مائتي قاص وقاصة مقارنة بعشر كتاب قبل بضع سنوات. وقال عمران للجزيرة نت إن القصة القصيرة تعيش حاليا أوج عطائها، مشيرا إلى أن الصعوبات التي كانت تواجهها في الماضي والمتمثلة في عدم وجود منابر للنشر تم التغلب عليها. وقال إنه أصبح في اليمن 40 صحيفة تنشر القصة مقابل صحيفتين في الماضي القريب، يضاف إلى ذلك المشاركات الخارجية والمشاركة عبر الإنترنت والمهرجانات الداخلية والمواقع واستدعاء الضيوف من الخارج. انحسار في المقابل يرى القاص جمال جمعان أن القصة القصيرة في اليمن شهدت منذ العام 2005 تراجعا واضحا في الإصدارات القصصية، متوقعا انحسارا لها في المستقبل. وقال جمعان في حديث للجزيرة نت "لو نظرنا إلى المشهد في بداية تسعينيات القرن الماضي فسنلمس حدوث طفرة غير عادية في كتابة القصة القصيرة في اليمن وتطورها تجلت في حصول مجموعة من الكتاب الشباب على جوائز عربية". وتحدث عن مجموعة من كتاب القصة القصيرة الذين اتجهوا إلى الرواية منهم وجدي الأهدل وبسام شمس الدين ونادية الكوكباني. وعزا جمعان الظاهرة إلى إمكانيات جذب الرواية من حيث الاهتمام العام والمؤتمرات التي تعقد على مدار السنة بشأنها والجوائز المرصودة لها، بعكس القصة القصيرة المهملة. *(الجزيرة نت )