تشهد البيوت اليمنية اجتياحا كبيرا للمسلسلات التركية التي تبثها الكثير من القنوات الفضائية العربية، حيث يتسمر الآلاف من المواطنين أمام الشاشة الفضية بانتظار مسلسلهم المفضل، فمنهم من يتابع مسلسل "الأرض الطيبة" والبعض يتابع مسلسل "الشهرة"، ومجموعة تتابع "العشق الممنوع" ، ومنهم من يتابع جميع المسلسلات التي بلغت أعدادها العشرات. وتباينت أراء المواطنين اليمنيين وفقا لاستطلاع أجرته صحفية" السياسية" الصادرة عن وكالة الأنباء اليمنية سبأ حول تأثير اجتياح تلك المسلسلات التركية في الآونة الأخيرة للمنازل واستقطابها آلاف المشاهدين لاسيما من فئات الشباب والشابات مع بثها مترجمة في العديد من القنوات. فساد اخلاقي.. وتصادم ثقافي ______________________ في جبهة المنتقدين ،يرى المهندس عماد صلاح أن المسلسلات التركية ما هي إلا عينة من الدراما وأن هذه العينة ما تحمله من قيم وبما تنشره ثقافة فإنها سلبية على المجتمع وخاصة على جيل الشباب كونها تحمل بعض المفاهيم الغربية وغير المقبولة في المجتمع اليمني. اما الدكتورة فطومة باطاهر فاعتبرت ان "الدراما التركية مفسدة لأخلاق جيل الشباب كونها تروج لثقافة وعادات غريبة عن المجتمع " ، وأيدها في ذلك الشاب عبد الله احمد الذي وصف كل ما يعرض في هذه المسلسلات ب"السيئ" من الناحية الأخلاقية والثقافية ولا تطابق قطعاً الواقع اليمني وتتصادم مع الثقافة المحلية- حد تعبيره. وتضيف الشابة أحلام عبده ، على كلام سابقيها بأن الدراما التركية سراب بالنسبة للمجتمع اليمني حيث جذبت الناس بألوانها الجميلة التي تكلم حاسة البصر ومن ثم الموسيقى المؤثرة التي تحاكي الأرواح وتدخل مشاعر اليمنيين المتمزقة، مشيرة إلى أن الجيل الشاب يجد بعض أحلامه في هذه المواد الدرامية ويهرب بها من الواقع. واعتبرت أحلام بأن أبرز الآثار السلبية لهذه المسلسلات التركية هو ما أصاب الفتيات في اليمن حيث أصبح شغلهم الشاغل هو من أين سيحصلون على فستان يكون بنفس موديل فستان لميس أو نور أو غيرها من الممثلات, لافتة إلى اعتقادها بأن هذه المسلسلات تعلم الشباب التقاعس وعدم المحاولة والتحدي في مواجهة المجتمع. واقعية.. ومضمون جيد يجذب المشاهد ____________________________ على الجبهة الاخرى وفقا لذات الاستطلاع تخالف سحر الشعبي من سبقوها الرأي ، معتبرة إن المسلسلات التركية تحمل واقعية جيدة وهدفا واضحا في كيفية الحبكة الدرامية عند تقديم المشاكل وحلها بالإضافة إلى أن هناك نقاطا مشتركة تتقاطع فيها معظم المسلسلات التركية مع الواقع العربي. وبالمثل ترى برديس عبد السلام أنه يوجد مفهوم خاطئ بالنسبة للدراما التركية بأنها لا تصلح إلا للرومانسية والحب والقصص، مشيرة إلى وجود بعض المسلسلات التي تناقش قضايا اجتماعية تحمل مضمونا جيدا فمثلا القيم العائلية والاجتماعية والعلاقات في الأسرة والعمل. اما أنهار احمد فأشارت إلى انه على الرغم من طول عدد حلقات هذه المسلسلات إلا أنها لا تصيب المشاهد بالملل، حيث قالت: "رغم البطء الشديد في أحداثها إلا أنها بعيدة عن الخلل الدرامي بالإضافة إلى أنها تتمتع بطابع الرومانسية والمناظر الجميلة والبلاتوهات الرائعة وهذا باعتقادي سبب نجاح الدراما التركية". فيما تساءلت صديقتها لمياء الطيب: "هل يستطيع المخرجون العرب صناعة دراما عربية ذات حلقات طويلة دون إشعار المشاهد بالملل؟"، مشيرة إلى عدم اعتقادها ذلك لأن الدراما العربية تعودت على ثلاثين حلقة وإذا زادت بعض حلقات ترها تعيد نفسها. وأضافت أنه من خلال اجتياح المسلسلات التركية لكثير من الفضائيات العربية وترجمتها ساعد بشكل كبير في جذب الجمهور لمتابعتها في كل بيت ليس يمني بل وعربي أيضا، ولما تمتلكه أيضا من عناصر ومناظر جمالية مغايرة لما اعتادت عليه العيون والمتمثلة في أماكن التصوير المفتوحة البعيدة عن الديكورات المكررة، بالإضافة إلى تتناولها للعديد من اللمسات الاجتماعية المهمة. ويرى كمال العزاني أن المشاهد لا يشعر بالملل خلال متابعته للمسلسلات التركية لأن الأحداث سريعة وكثيرة، مشيرا إلى وجود مسلسلات عربية لا تتجاوز 15 حلقة ولكن المشاهد لا يتابعها، في الوقت الذي يتابع فيه أعمالا درامية مكسيكية وتركية تزيد عدد حلقاتها على المائة حلقة وتحقق نجاحا كبيرا. وأضاف العزاني: "الموضوع غير مرتبط بعدد الحلقات ولكن بطريقة المعالجة والتطوير والتغيير في الشكل والمضمون والتناول وهو ما تحاول هذه الأعمال تقديمه". عبد العزيز عباس مخرج مسرحي اعتبر في تعليقه عن مدى تأثير الدراما التركية على جيل الشباب أنها لم تؤثر بشكل كبير لأنها غير مصورة للواقع العربي تماما، موضحا أنه يمكن القول بأنها جذبتهم من ناحية تقديم الموضوعات وسلاستها وبالذات عن الحب، مبينا أن المضمون الذي تحمله هذه المسلسلات تشكل مضموناً جيداً قادر على جذب المشاهد. ظاهرة موضة __________________ من جانبه أشار المؤلف الدرامي احمد عبد الله إلى أن هذه الدراما ليست إلا ظاهرة موضة على طريق المسلسلات المكسيكية ولا يوجد لها عمق ثقافي أو فكري يمكن له التأثير على الشباب بشكل خاص أو العائلة بشكل عام, موضحا أن الإنتاج هو العامل الذي ساعد هذه الدراما على الانتشار، مبينا أن اقتصار الدراما العربية على شهر رمضان أدى إلى الحد من الإنتاج في بقية السنة وهو ما ساعد الدراما التركية على الانتشار. وعما يميز الدراما التركية قال: "هذه الدراما بعضها يميل إلى تقديم ما يرغبه المشاهد من مناظر جديدة وايضا تقديم العلاقات بين الناس، أما الدراما العربية أصبحت تبني نجاحها من خلال نجاح الأجزاء الأولى لمسلسلاتها ولكنها سريعا ما تصبح مملة".