رفعت القوى المتصارعة في الشارع وبالشارع سقف انتقاداتها المتبادلة بالتزامن مع توسع رقعة الاحتجاجات ضد النظام شمال وجنوب وغرب اليمن. الحزب الحاكم التزم طيلة الفترة الماضية بخطاب مهادن كان ينشد من وراءه جر الطرف الأخر إلى طاولة حوار دعا الية رئيس الجمهورية وفق تنازلات أعلن عنها اعتبرتها المعارضة متقدمة حسب عبد الوهاب الانسي أمين عام اكبر أحزاب المعارضة الذي تحدث في أخر مؤتمر صحفي عن أن الحوار مع الحاكم سيبحث الية تطبيقها على الأرض الواقع . وخلافا لخطاب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن صعدت أحزاب المعارضة من خطابها ضد السلطة بعد تحرك الشارع متزعما الدعوة إلى التغيير دون المرور على غرفة الحوار التي كان المشترك أعلن موافقته على دخولها . المظاهرات والاعتصامات التي رفعت شعار اسقاط النظام في محاكاة لثورتي تونس ومصر اكتسبت زخما بعد ان تزعم شباب محافظة تعز حركة احتجاج مثيرة بدأت بمظاهرة عفوية لشباب المحافظة ابتهاجا بسقوط الرئيس المصري محمد حسني مبارك لتتحول الى اعتصام دخل اسبوعه الثالث بحضور حشود كبيرة من كل مناطق المحافظة توجتها الجمعة بمظاهرة حاشدة فاقت التوقعات. محافظة عدن القريبة من تعز كان شبابها اكثر ثورية من اقرانهم في العاصمة صنعاء حيث انتفضوا في مظاهرات حاشدة خلال الاسبوع الماضي رفعت شعار اسقاط النظام دون سابق اعداد او تنظيم من قوى المعارضة التي امتطت ثورتهم بالتقاسم مع الحراك الجنوبي الانفصالي. صنعاء كانت وما تزال على موعد مع حدث لم تشهده من قبل وضع مؤشرا خطيرا على مسيرة الازمة بين الحاكم والمعارضة حيث يتقاسم الطرفان العاصمة وسكانها الذين يخرجون الى الشارع بالالاف بين مؤيد للنظام والرئيس صالح والحوار ،ومعارض يطالب بإسقاط النظام كخيار وحيد لا تراجع عنه. صعده هي الأخرى لم تعد لغة الرصاص هي المتحدث في جبالها حيث خرج الالاف من الحوثيين الذين خاضوا 6 حروب ضد الدولة في مظاهرات سلمية طالبت بإسقاط النظام بالتزامن مع مظاهرة حاشدة نظمها الحزب الحاكم في حجة القريبة من صعده حضرتها جموع غفيرة من انصار الحزب الحاكم والرئيس صالح . اب الحديدة وذمار والبيضاء كلها شهدت ولا تزال تظاهرات متفاوتة الحضور طالبت بإسقاط النظام لكن محافظة عمران التي شهدت تظاهرة حاشدة يوم السبت 26 فبراير دعت اليها المعارضة بالتنسيق مع أبناء المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر كانت رسالتها أكثر وضوحا لان القبيلة تكون بذلك أعلنت رسميا الدخول في معركة التغيير ضد النظام بزعامة الشيخ حسين الاحمر الذي اعلن موقفا معارضا للنظام وطالب بإسقاطه. وليس بعيد عن محافظة عمران كان الرئيس علي عبد الله صالح يحذر من مؤامرة تحاك ضد تراب الوطن بين القوى التي تتظاهر في الشارع. واعتبر الرئيس صالح الذي اجتمع بقادة الجيش أن "التقاء الحوثيين والحراك والمشترك مؤامرة على أمن وسلامة الجمهورية اليمنية ووحدة الشعب اليمني وان ما يرفعه البعض من شعارات عن رأب الصدع بين كل القوى السياسية والحفاظ على أمن واستقرار الوطن ووحدته وسلامة أراضية ما هي إلا كذب ودجل وضحك على الدقون". المشهد أصبح قاتما والهوة بين مطالب الشارع وتنازلات النظام غدت سحيقة لعدم وجود وسيط ثالث يتبنى خطاب الشباب ويعمل على احتواء تمردهم على كل مكونات النظام السياسي في اليمن بشقيه الحاكم والمعارض. احزاب المعارضة لم يعد بمقدورها خيانة الشارع والعودة الى الحوار مع الحزب الحاكم في ظل الزخم الشديد لاحتجاجات الشباب في حين يقف الحزب الحاكم عاجزا عن تقديم أي مبادرة تعمل حلحلة الازمة القائمة . القبيلة والحوثيين واخيرا القاعدة الى جانب المعارضة والحراك الجنوبي جميعهم توحدوا في الغاية هدفهم اسقاط النظام دون التنبه لما يمكن ان تفرزه عملية التغيير بالشارع من سلبيات قد لا تتحمل اليمن تأثيراتها نظرا لعدم وجود مؤسسات دولة قوية ومستقلة بما فيها الجيش الذي يسيطر عليه اتباع واقرباء الرئيس ونظامه. أطراف اللعبة في الشارع وجدوا أنفسهم تابعين لشباب حركتهم أمالهم بوطن يجمع شتات أحلامهم وقرروا النزول الى الشارع للبحث عن هذه الأحلام المشطورة والثمن رأس النظام . اليمن يغلي في كل محافظاته بين مطالب برحيل النظام ومؤيد له خياران لا ثالث حتى اللحظة يفلتر مارشح من سموم قد تطيح بنظام ودولة خلافا لما حصل في مصر وتونس اللتان تملكان مؤسسات عسكرية مستقلة عن حاشية رأس النظام . لم تفلح جهود المنظمات الدولية الراعية للديمقراطية في اليمن في لم شتات الأحزاب وإعادتها الى طاولة الحوار الذي أصبح الحزب الحاكم هو المطالب به بعد أن كان القبول به حكرا على رغبة الحاكم وقياداته. الخطاب الموجود في الساحة اليمنية اليوم يحمل في طياته الكثير من المخاوف والتوجس من مستقبل بلا ملامح في ظل تمترس خلف مراكز القوى من قبل الطرفين وغياب الرؤية لدى جميع الاطراف ليبقى السؤال من يسقط الاخر الشارع ام النظام .