عزيز محمد - اقتربت الأزمة بين القوى السياسية في الساحة اليمنية من مرحلة الخطر بعد أكثر من شهر من الحشد في الشارع واستعراض القوة . خطورة الأزمة تكمن في بوادر فتنة وانفلات بدأت تطفو على السطح وظهرت في المناطق الشرقية وتحديدا محافظتي مأرب والجوف اللتان يتواجد فيهما تنظيم القاعدة والحوثيين. في الجوف ومأرب بدأت مواقع عسكرية وامنية ومقرات حكومية تتعرض لهجوم من قبل مسلحي الحوثي ومسلحين يتحينون الفرصة للانقضاض على كل شئ ومثال على ذلك محاولة اقتحام البنك المركزي في الجوف والسيطرة على مقرات حكومية وموقع عسكري. وتشير معلومات حصل عليها الوطن ان مسلحو تنظيم القاعدة ظهرت تحركاتهم بشكل واضح في عدد من مناطق محافظة مأرب وان أسلحة وذخائر تصل اليهم من جهات مجهوله وان حالة استنفار يعيشها عناصر التنظيم المتواجدين في بعض المناطق القبلية بالمحافظة. مقابل ذلك نشط الحوثيون تحركاتهم في محافظة الجوف وبدءوا الإعداد لإسقاط بقية المديريات التي لا يسيطرون عليها من خلال جلب اعداد كبيرة من المقاتلين والسلاح الى مواقعهم في المحافظة . ولوحظ في الجوف تركيز الحوثيين على المناطق الحدودية مع المملكة العربية السعودية الأمر الذي سيسبب الحرج للسلطات اليمنية المشغولة بمواجهة تمرد جماهيري في عواصم المدن الرئيسية يتوسع يوما بعد يوم للمطالبة بإسقاط النظام. إلى جانب ذلك تفيد تقارير أمنية يومية بارتفاع حالات التقطع والنهب للسيارات وشاحنات النقل بنسبة 60% خلال الأيام الأخيرة في خطوط المناطق الشرقية والشمالية . المحاذير التي يخشى اليمنيون من وقوعها بعد اغلاق القوى السياسية في السلطة والمعارضة كل أبواب الحوار وركون الجميع الى الشارع كسلاح في مواجهة الأخر بدأت في نشر القلق بين صفوف اليمنيين الذين يخشون من الوقوع في شر الفتنة التي تطرق الأبواب. النظام الذي تطالب المعارضة بإسقاطه في اعتصامات شبابية في نحو 10 محافظات يمنية لم يظهر إي ضعف بل صعد من خطابه تجاه المعارضة وهو ما يؤشر إلى أن النظام يفضل حالة الصدام على الإستسلام. والمعارضة التي رفضت كل الوساطات والمبادرات الخارجية والداخلية وكان أخرها إبلاغ الاتحاد الاوروبي بأن القرار أصبح بيد الشارع أصبحت مقتنعة بأن النظام يتهاوى وان السقوط اقترب ارتفعت معنوياتها مع انضمام كبار مشائخ حاشد وجميع ابناء الشيخ عبد الله الأحمر الى صفها مما اكسبها زخما كبيرا. صحيفة الثورة الرسمية افصحت عن هذه المخاوف بتحميلها احزاب المعارضة والتعبئة التحريضية المسئولية عن اتجاه الازمة نحو الهاوية. الثورة اشارت في افتتاح عددها الصادر امس الثلاثاء الى أن التعبئة التحريضية والاستناد إلى الوهم والحسابات الخاطئة لن ينتج عنها سوى الخراب والدمار والفوضى والفتن وإهراق الدماء وأزهاق الأرواح وسقوط الضحايا وتدمير الحياة والعمران وأن الإيغال في هذه التعبئة الخاطئة سيفضي إلى عواقب وخيمة ونتائج كارثية على اليمن ووحدته وأبنائه دون استثناء. وقالت الثورة أن هذه الحقيقة تبرز بعض ملامحها وشواهدها في ما حدث في محافظتي مأرب والجوف من اعتداءات على المرافق الحكومية كان المستهدف فيها قيادات السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية الذين طالتهم يد الغدر والعدوان وهمجية عناصر متطرفة وإرهابية خارجة على النظام والقانون تتبع أحزاب "اللقاء المشترك" أو متحالفة معها كما جاء في تصريح المصدر المسؤول في وزارة الداخلية. وفي تحذير مبطن دعت الثورة أحزاب "اللقاء المشترك" الى ادراك أن مثل هذه التصرفات والممارسات التي تدفع إلى أن يقتتل اليمنيون في ما بينهم إنما هي، مسلك تدميري لا يصلح أن يكون أساساً لتصفية الحسابات السياسية مع الطرف الآخر لأن أخطار هذا المسلك لن يتضرر منها طرف بعينه بل أن حرائقها ستلتهم الجميع وفي مقدمتهم من يقومون بإشعال الحرائق وصب الزيت على النار الذين لن يكونوا بمنأى عن ألسنة اللهب. وقالت الثورة ان مايجري مقدمة لعاصفة يجب تطويقها مبكرا وان تراكمات وإرهاصات التعبئة الخاطئة قد أفضت إلى ما أفضت إليه من سقوط ضحايا في محافظتي مأرب والجوف وقبلهما في صنعاء وعدن وشبوة ولحج والضالع وتعز وغيرها، فإن الواجب أن يستوعب الجميع أن الأحداث العاصفة لا تأتي دون مقدمات وما جرى لدينا مقدمات ينبغي محاصرتها وإيقاف ما قد يأتي بعدها وبما يؤدي إلى تطويق الفتنة وإخمادها في مهدها وقبل أن تتمدد وتتسع وتتدحرج ككرة الثلج وتأتي على الأخضر واليابس. تقرير حديث لمجموعة الأزمات الدولية بعنوان اليمن بين الإصلاح والثورة اشار الى انه خلف الكواليس تجري المنافسة الشرسة على غنائم ما بعد فترة صالح، وان الأوضاع الاقتصادية لليمنيين مخيفة وتزداد سواءً وهناك خوف من أن حركة الاحتجاجات تدفع البلاد إلى الحافة وتطلق حرباً أهلية واسعة النطاق ولكنها أيضاً يمكن وينبغي أن تكون دعوة للاستيقاظ وحافزاً لإجراء إصلاحات سريعة وبعيدة المدى تؤدي إلى تقاسم حقيقي للسلطة ومؤسسات تمثيلية يعتمد عليها، سيتوجب على المعارضة والراغبين في الإصلاح في الحزب الحاكم ونشطاء المجتمع المدني العمل معاً بجرأة لتحقيق ذلك، ودور المجتمع المدني هو تعزيز الحوار الوطني وتحديد أولويات مساعدات التنمية السياسية والاقتصادية وضمان عدم استخدام المساعدات الأمنية لقمع المعارضة. التقرير أشار إلى أن الرئيس صالح ما زال يتمتع بتأييد حقيقي ولديه من الولاءات القبلية التي تمت رعايتها من خلال نظام محسوبية عميق يوزع المنافع إنه يستفيد من منبع كبير للشرعية السلبية نظراًَ لعدم وجود قائد بديل واضح أو شعبي،. واضاف التقرير ان شبح الانزلاق نحو حرب قبلية يقلق العديد من اليمنيين حيث تلوح إمكانية حدوث صراع دموي على السلطة في الأفق بين اثنين من المراكز المتنافسة داخل اتحاد حاشد القبلي أحدها تابع للرئيس والآخر مع أبناء الشيخ عبد اله بن حسين الأحمر قواعد اللعبة في حالة تغير مستمر مقدمة فرصة نادرة لحدوث صلاح جدي ولكن أيضاً لصراع عنيف. وقال التقرير ان بعض الفروق الأخرى ذات الدلالة تتعلق بالديناميات المجتمعية، الانتماءات القبلية الفروق الإقليمية والانتشار الواسع للأسلحة لاسيما في المرتفعات الشمالية من المرجح أنها ستحدد كيف ستبدو عملية الانتقال ليس هناك شيء ما يشبه عسكرية مهنية وطنية حقيقية في التكوين أو الوصول بعض أجزاء أجهزة الأمن أكثر مؤسسية من غيرها، وعموماًَ ومع ذلك هي مجزأة بين إقطاعيات تقريباً كل كبار قادة الجيش هم أقارب صالح من الدم الذين يمكن توقع وقوفهم إلى جانبه إذا تصاعد الوضع. ومع كل مايدور في الشارع يترقب نحو 25 مليون يمني ما ستحمله الأيام القادمة لهم من مفاجئات قد تنقلهم الى واقع جديد اكثر إشراقا وتقدما او تجعلهم يتحسرون على ايام مضت كان الأمن على هشاشته مغنما بالنسبة لهم. ومع ان الشباب الذين يتواجدون في ساحات الاعتصامات في تعز وصنعاء وعدن وذمار وغيرها من المحافظات يحلمون بلحظة سماعهم خبر سقوط النظام ودخولهم عهد جديد فإن ما يفزعهم هو ان تهب رياح انهيار وطنهم من اجزاءه الشرقية وتحديدا الجوف ومأرب ويتحول حلمهم الى كابوس سيقض مضاجعهم سنين طوال.