القاهرة - أمر القاضي الذي يحاكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك يوم الاثنين بمنع التصوير التلفزيوني للجلسات الى نهاية المحاكمة الامر الذي أثار غضب مناهضي الرئيس السابق وتوعدوا بتحدي قراره باحتجاجات جديدة في وسط القاهرة. ومبارك هو أول حاكم عربي يحاكم بعد سقوطه منذ اجتاحت الانتفاضات العالم العربي وجذبت محاكمته المذاعة على التلفزيون جمهورا واسعا في الشرق الاوسط. والمحاكمة العلنية لمبارك كانت مطلبا لمحتجين اعتصموا لمدة ثلاثة أسابيع في ميدان التحرير بالقاهرة وفي مدن أخرى في يوليو تموز وطالبوا ايضا بسرعة المحاكمة. وقال شريف محمد وهو مهندس كان يتابع المحاكمة أمام شاشة عرض خارج المقر الذي تعقد فيه المحاكمة بشرق القاهرة "مش معقول". وأضاف "القضية ضرورية للرأي العام. عدم اذاعتها يعني أن هناك صفقة مع مبارك." وقال محمد علي الذي يبلغ من العمر 35 عاما "على التحرير.. أنا رايح هناك الان." ويواجه مبارك اتهامات بالتصريح باستخدام الذخيرة الحية في قتل المتظاهرين والفساد واستغلال النفوذ. وأمر رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت بضم قضية وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي المتهم فيها بقتل المتظاهرين ومعه ستة ضباط شرطة كبار الى قضية مبارك. وبينما هبطت طائرة هليكوبتر تقل مبارك قرب مكان المحكمة الذي أقيم في أكاديمية الشرطة تبادل مؤيدوه ومعارضوه الرشق بالحجارة واشتبكوا بالايدي خارج الاكاديمية. ولدى وصول مبارك (83 عاما) رشق مؤيدون له بالحجارة مجموعة من المحتجين الذين كانوا يطالبون باعدامه. وكسر الحشد طوقا أمنيا ضم مئات من قوات مكافحة الشغب ولاحق مؤيدو مبارك معارضيهم وطردوهم من أمام أكاديمية الشرطة. وهاجم محتج رجل شرطة لكن جنودا قفزوا فوقه وراحوا يضربونه. وعرض التلفزيون المصري لقطات لمبارك وهو ينقل على سرير مستشفى الى خارج عربة اسعاف. وبينما اكتظت قاعة المحكمة بأكثر من 150 محاميا بدا على مبارك الهدوء والسكينة وكان يضع يديه فوق صدره وتبادل كلمات محدودة مع ابنيه علاء وجمال اللذين يحاكمان معه أيضا. وقال المحلل العسكري صفوت الزيات ان صحة مبارك بدت أضعف قليلا موضحا أن ابنيه كانا يشرحان له ما يجري في قاعة المحكمة. وظهرت في يد مبارك اليسرى ابرة طبية ولم يكن يرتدي زي المحبوسين احتياطيا. وحاول ابناه منع الكاميرا من الوصول اليه بوقوفهما متجاورين أمام سريره وقبله أحدهم على جبهته في محاولة لادخال السكينة على نفسه. وأطيح بمبارك في الحادي عشر من فبراير شباط وغادر القاهرة الى منتجع شرم الشيخ على البحر الاحمر. وأظهرت تقارير طبية صدرت بعد نقل مبارك الى مستشفى عقب استجوابه للمرة الاولى في ابريل نيسان أنه يعاني من بعض الاضطرابات في القلب والاكتئاب ونوبات اغماء. وقال ايهاب سامح (30 عاما) خارج المحكمة "أريد أن يقرأ الناس تاريخه ويعلموا ما الذي فعله هذا الشخص العظيم لنا. حافظ على استقرار مصر. تعرض للاذلال لكنه صامد أمام العاصفة." ولاجيال حكم قادة عرب مدى الحياة ونادرا ما حوسبوا لكن اذا أدين مبارك بقتل المتظاهرين فانه يواجه نظريا حكم الاعدام. وقتل نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة الاف اخرين في الانتفاضة التي أسقطت مبارك. واستخدمت قوات الشرطة الذخيرة الحية وطلقات الخرطوش والرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه ضد المتظاهرين. وأجل رئيس المحكمة نظر الدعوى الى الخامس من سبتمبر أيلول بعد أن طلب فريد الديب محامي مبارك أجلا طويلا نسبيا للاطلاع على كامل أوراق الدعوى. واختلف المحامون الاخرون حول ايجابية وسلبية وقف البث التلفزيوني. وكانت القاعة شهدت قبل بدء الجلسة وخلال رفعها للتداول مشاحنات ومشاجرات بين محامين تدافعوا للوقوف أمام المنصة لابداء طلباتهم. وقال المستشار محمود الخضيري المحامي عن أسر قتلى "الرأي العام المصري يحتاج محاكمة شفافة في هذه المرحلة. اذا لم يكونوا يستطيعون أن يروا ما يحدث ستنتشر الشائعات وستزيد درجة الغموض التي تحيط بالمحاكمة." وقال أحمد حمراوي وهو محام اخر عن أقارب قتلى "من المفهوم لماذا يقطع البث الحي لهذه المحاكمة الحساسة." وأضاف "هناك محامون مشغولون بالظهور أمام الكاميرا أكثر من تقديم دفاع جيد... من الان جلسة المحاكمة ستكون أكثر تركيزا وأقل فوضوية." ووعد المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر بنقل البلاد الى الديمقراطية وهي عملية ما زالت بعيدة عن الاكتمال ويقول المعسكر الموالي للديمقراطية انها عرضة للاعاقة. ويمكن أن يكون من شأن محاكمة مبارك وانزال العقاب به تهدئة المواطنين وتسهيل الانتقال السلمي للحكم المدني. لكن وجود الكثرين من الشهود والمحامين والمدعين بالحق المدني وتنوع الاتهامات قد يؤدي الى اطالة أمد المحاكمة لشهور أو سنوات. وقال عصام سلطان احد محامي المدعين ان قضايا المتهمين مترابطة ويمكن ان يتهم كل شخص رئيسه باعطائه اوامر باطلاق النار وبالتالي يضعف القضية ضد مبارك. وفي الجلسة الاولى في الثالث من أغسطس اب طلب محامون شهادة المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة واللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة السابق وأكثر من ألف وستمئة اخرين. ويقول محامو الدفاع ان أي شهادة لطنطاوي على دور مبارك في محاولة قمع الانتفاضة الشعبية التي استمرت 18 يوما يمكن ان تحدد مصير الرئيس السابق. وقال احد اعضاء فريق الدفاع الذي طلب عدم نشر اسمه ان شهادة طنطاوي ستساعد المحكمة في تحديد ما اذا كان مبارك قد اصدر اوامر لوزير الداخلية السابق حبيب العادلي باطلاق نار على المتظاهرين او ما اذا كان العادلي تصرف بشكل مستقل. (شاركت في التغطية ياسمين صالح) من مروة عوض ودينا زايد * رويترز