تقرير - تبدو اليمن على مفترق طريق تاريخي خلال الساعات والايام القليلة القادمة ،فإما غلبة إرادة الحل السياسي من قبل قوى الاعتدال في السلطة والمعارضة على قاعدة المبادرة الخليجية وبرعاية موفدي الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي الموجودان في صنعاء في محاولة لتعجيل توقيع آلية تطبيق الخطة التي عرضها مجلس التعاون بالتنسيق مع واشنطن والاتحاد الاوروبي بما يقود إلى انتقال امن وسلمي للسلطة مع تحول ملبي لتطلعات التغيير مجنبة انهيار الدولة، أو انتصار ارادة التصعيد المسلح نحو طموح واهم باجتثاث طرف لصالح طرف كمنهج لقوى التطرف والتشدد في المعارضة بمراكز قوى قبلية وعسكرية وجهادية بقيادة جنرال الحرب علي محسن الأحمر ، وأبناء عبدالله الأحمر ، والقيادات التقليدية المتطرفة بحزب الإصلاح "الإخوان" اكبر أحزاب المعارضة وبتمويل وإسناد قطري . ونفت مصادر دبلوماسية في تصريح ل"الوطن" انباء عن مغادرة أمين عام مجلس التعاون الخليجي اليمن الذي كان قد وصلها في وقت سابق الاثنين مع مبعوث السكرتير العام للامم المتحدة الى اليمن جمال بن عمر ، بينما دعا الأخير الأطراف اليمنية لوقف العنف والاقتتال الدائر في العاصمة صنعاء والذي اوقع عدد من القتلى والجرحى في تصعيد يسبق التوصل لتسوية بين الأطراف، فيما املت الولايات المتحدة بتسوية الازمة السياسية "خلال اسبوع"، وذلك في بيان لسفارتها في صنعاء. ودارت مواجهات أمس الاثنين فيما يشبه حرب شوارع في المناطق التي سيطرت عليها منذ الاحد قوات الفرقة الأولى مدرع المنشقة عن الجيش اليمني في تمددها المصحوب بالآليات والجنود والمسلحين إلى مباني وشوارع تتمركز فيها القوات الحكومية. وشنت قوات الفرقة المنشقة منذ صباح أمس اعتداءات على قوات الأمن في شارع الزراعة وجولة كنتاكي وشارع الزبيري تقاطع هائل بغداد ،كما قامت بقصف المستشفى الجمهوري وتقوم بإطلاق النار بشكل عشوائي ولوحظ مجندين في صفوفهم من صغار السن في تلك العمليات مما أدى إلى سقوط ضحايا بين المارة والمدنيين في الشوارع والمنازل ،في وقت تتحدث مصادر عن سقوط عشرات من جانب القوتين العسكريتين. والتصعيد الدامي الأخير بدأ الأحد الماضي بأعمال عنف واشتباكات بين المتظاهرين وقوات الفرقة المنشقة المعنية بحمايتهم من جهة ، ومن جهة أخرى قوات الأمن بعد مسيرة للمحتجين لمناطق تماس القوات الحكومية فيما أطلقت عليه المعارضة في تكتل اللقاء المشترك بقيادة الإخوان "الحسم الثوري"، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين في حصيلة متضاربة منذ الأحداث بعد تحولها لاشتباكات عسكرية في الشوارع والأحياء التي تمددت إليها القوات المنشقة. وجاء ذلك فيما كانت القوى السياسية في السلطة والمعارضة عبر ممثليها من امناء الاحزاب تنهي تفاوضها تحت سلطة النائب الذي فوض من قبل الرئيس صالح بصلاحياته ، تتعلق بالتوافق على الآلية التنفيذية لمبادرة الخليج ، ومن ثم توقيع المبادرة من قبل نائب الرئيس بموجب التفويض ، في حين كان منتظر وصول الزياني وبن عمر لاتمام الاتفاق وتوقيعه كشهود، غير أن تفجير الأوضاع من قبل مراكز القوى المتشددة في المعارضة العسكرية والقبلية والتقليدية بقيادة اللواء علي محسن الاحمر ، وأبناء الشيخ الأحمر ومتطرفي حزب الإصلاح جاء استباقا لنتائج سياسية تنهي الأزمة ، ومثلث حسما لتلك القوى على طريق تفجير الحرب الأهلية بمنطق الاجتثاث للآخر ورفض الحل السلمي . في الأثناء نفت مصادر دبلوماسية في تصريح ل"الوطن" مغادرة أمين عام مجلس التعاون الخليجي بعد وصوله صنعاء أمس في سياق الاطلاع على المستجدات على الساحة اليمنية وفي إطار الجهود الدبلوماسية الرامية لإيجاد حل للأزمة السياسية في اليمن. وقال دبلوماسي غربي ان موفدين للامم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي موجودان في صنعاء في محاولة لتعجيل توقيع الية تطبيق الخطة التي عرضها مجلس التعاون بالتنسيق مع واشنطن والاتحاد الاوروبي. وفيما شنت قيادات في المعارضة هجموما لاذعا على الموفدين ، كان أبرزها تصريحات حميد الأحمر احد أطراف الصراع على السلطة والممول بجانب الدوحة للاضطرابات باليمن والذي طالبهما عبر قناته سهيل بمغادرة اليمن الى جانب حملة تصريحات للمعارضة عبر الجزيرة القطرية ، قال مبعوث السكرتير العام للامم المتحدة جمال بن عمر ان هناك حالة من العنف والاشتباكات منتشرة في انحاء متفرقة من العاصمة اليمنية مؤكدا أن "تلك الاوضاع لا تساعد على جهود التفاهم وتعيق التوصل الى الاتفاقات لحل الازمة اليمنية". وأكد بن عمر الذي في تصريحات صحافية انه بدأ في اجراء محادثات سياسية مع مختلف الاطراف في اليمن بما في ذلك ممثلون عن الحزب الحاكم واحزاب المعارضة. وافاد بانه لم يتم التوصل خلال تلك المحادثات الى تكوين صورة واضحة حول المخرج المناسب بتوافق كل تلك الاطراف. وأضاف بن عمر الذي يزور اليمن للمرة الرابعة منذ بدء الاضطرابات المناهضة لنظام الرئيس علي عبدالله صالح "اجريت اتصالات مع الاطراف السياسية وناقشنا افكارا سياسية كثيرة للخروج من الازمة". وقال "هناك افكار لصياغة حلول توافقية لحل الأزمة اليمنية انطلاقا من الأهداف الأساسية الواردة في المبادرة الخليجية والبناء عليها من أجل الدخول في مرحلة انتقالية تلبي تطلعات اليمنيين للتغيير والانتقال السلمي للسلطة". من جهتها دعت الولايات المتحدة أمس الى ضبط النفس في اليمن ، واملت بتسوية الازمة السياسية "خلال اسبوع"، وذلك في بيان لسفارتها في صنعاء. وقالت السفارة "ندعو كل الاطراف الى التزام ضبط النفس والامتناع عن اعمال تتسبب باعمال عنف اخرى"، منددة بكل ما "ينسف الجهود المثمرة المستمرة للتوصل الى تسوية سياسية للازمة" في اليمن. واذ ذكرت بان واشنطن تدعم "انتقالا سلميا ومنظما" للسلطة في اليمن، اكدت السفارة انها "لا تزال تأمل ببلوغ اتفاق يؤدي الى توقيع مبادرة مجلس التعاون الخليجي خلال اسبوع". مناقشات مجلس حقوق الإنسان على مسار متصل أكدت كيونغ وا كانغ، نائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان على الحوار بين الأطراف السياسية لحل الأزمة. وأضافت كانغ في الجلسة التي عقدها مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس الاثنين حول أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، إن هناك عددا من أوجة التشابه بين المطالبات الشعبية بحريات أكبر واحترام حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إلا أن كل دولة من دول المنطقة لها ظروفها الفريدة الخاصة بها. وفيما يتعلق باليمن قالت "اليمن تتميز بتعقيد ديناميته الداخلية وعدم استقرار الوضع في ظل العديد من التطورات الموازية في العديد من مناطق البلاد. ففي العاصمة صنعاء والمراكز الحضرية الرئيسية، نشهد مظاهرات جماعية سلمية متواصلة، كما نرى في أجزاء اخرى من المنطقة، تطالب بالكرامة والحرية والتغيير. وفي الأجزاء الشمالية والجنوب شرقية من البلاد، تبدو الحكومة في مواجهة صراع غير مكثف مع جماعات مسلحة، من بينها عناصر يزعم انتماؤها لتنظيم القاعدة. كما تواجه حركة انفصالية قوية في جنوب البلاد، تتسم بالعنف أحيانا". وأشارت نائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى الاستقالات بين صفوف كبار المسئولين، والتي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة. كما انتقدت الاستخدام المفرط للقوة من قبل الحكومة ضد المتظاهرين السلميين المطالبين بمزيد من الحريات والإصلاحات، وفقا لما جاء في تقرير بعثة مجلس حقوق الإنسان. وكان وفد من مكتب حقوق الإنسان قد زار اليمن في الفترة ما بين الثامن والعشرين من حزيران/يونيو الماضي وحتى السادس من تموز/يوليو، لتقييم أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، إثر دعوة من الحكومة اليمنية. وكان الوفد قد التقى بالعديد من الأطراف المعنية، بدءا من نائب رئيس الجمهورية، وعدد من الوزراء، وممثلي أحزاب المعارضة، والسلطة القضائية، والأجهزة الأمنية، والمجتمع المدني، وعدد من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وأقاربهم. من جانبه، أكد الدكتور أبو بكر عبد الله القربي، وزير الخارجية اليمني، والذي شارك في الجلسة، إلتزام بلاده واحترامها لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته، مضيفا أن بلاده تؤمن بأن الديمقراطية وحقوق الإنسان منظومة متكاملة لا تقبل التجزئة. وقال إن الرئيس اليمني يتابع تطورات الأزمة السياسية التي تشهدها اليمن، وأنه قدم عدة مبادرات لحلها قوبلت بالرفض من قبل المعارضة اليمنية. واستطرد قائلا "إن اليمن في ظل هذه الأزمة يحتاج إلى تكاتف وتعاون المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب أمنه واستقراره ووحدته وتعزيز مسيرة بناء الدولة الديمقراطية الحديثة من خلال مواجهة التطرف والإرهاب وتكريس قيم الحوار الوطني وترسيخ التداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة". وقال القربي إن اليمن سيتعامل مع توصيات بعثة مجلس حقوق الإنسان التي تتماشى مع السياسات والخطوات التي تقوم بها الحكومة لحماية حقوق الإنسان، تنفيذا لتشريعاتها الوطنية وإلتزاماتها الدولية في هذا المجال، ولكنه اقترح في الوقت ذاته إعادة النظر في التوصية التي تدعو إلى إجراء تحقيقات دولية مستقلة وحيادية، كونها، كما قال، لا تتسق مع فحوى التوصية التي تدعو إلى الحوار بين الأطراف السياسية اليمنية لحل الأزمة، مقترحا الدفع نحو الحوار كوسيلة مثلى للخروج من الأزمة التي تعاني منها اليمن.