استمرت لليوم الثاني على التوالي، مواجهات الكر والفر بين قوات الامن ومتظاهرين مصممين على الاعتصام في ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة، والذي عاد ساحة للمواجهة في وقت متأخر من ليل الامس، حيث ارتفعت حصيلة الاشتباكات إلى 20 قتيلا وما يقارب الفي مصاب، في حين امتدت الصدامات إلى أمام وزارة الداخلية، وألقت الاحداث المشتعلة بظلال قاتمة على مصر، قبيل أول انتخابات، من المقرر أن تجري في البلاد منذ تنحّي الرئيس السابق حسني مبارك. وتفجرت مواجهات عنيفة أمام مبنى وزارة الداخلية بين متظاهرين غاضبين وقوات الأمن. ورشقت أعداد كبيرة من المتظاهرين قوات الأمن، التي تحرس وزارة الداخلية، بالحجارة، فردت قوات الأمن باستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين. واستمرت لليوم الثاني على التوالي محاولات المعتصمين لاجتياز الطريق المؤدية إلى مبنى وزارة الداخلية من جهة شارعي قصر العيني ومحمد محمود وسط إغلاق تام للميدان أمام حركة المرور من كافة الاتجاهات. وقامت قوات الأمن بتدعيم مواقعها في الطرق المؤدية لمبنيي الداخلية والإذاعة والتلفزيون، حيث شوهدت أرتال من سيارات الأمن تجوب شوارع وسط القاهرة للحيلولة دون وصول المحتجين. وأعلن عن ارتفاع عدد وفيات صدامات ميدان التحرير وبعض المحافظات الى 20 قتيلا بينهم 5 قتلوا بالرصاص الحي ، فيما تضاربت الانباء عن حصيلة المصابين بين رواية نشطاء والروية الرسمية التي تقول أن المصابين 766 شخصا من بينهم 750 مصاباً في ميدان التحرير وأربعة مصابين بالإسكندرية و12 بمحافظة السويس..بينما تقدر احصاءات غير رسمية المصابين بأكثر من الفي شخص. وسقط القتلى خلال محاولة قوات الشرطة والجيش إخلاء ميدان التحرير في وسط القاهرة من المتظاهرين، ما ألقى بظلال قاتمة على مصر، قبيل أول انتخابات، من المقرر أن تجري في البلاد منذ تنحّي الرئيس السابق حسني مبارك. فقد استخدمت قوات الشرطة والجيش الهراوات والغاز المسيل للدموع وبنادق الرش لإخلاء الميدان من آلاف المتظاهرين، غير أنها انسحبت بعدما واجهت مقاومة عنيفة من هؤلاء. ومازال الوضع غير محسوم مع استمرار الاشتباكات في محيط الميدان والمناطق القريبة منه، وهي المنطقة التي مثلت بؤرة الاحتجاجات، التي أطاحت بمبارك في شباط/فبراير، وذلك بعد يوم من مقتل اثنين من المتظاهرين. وكان نحو ألفي متظاهر قرروا الاعتصام في الميدان بعد المشاركة في فعاليات مليونية جمعة «المطلب الوحيد»، إلى حين تنفيذ مطلبهم بتحديد جدول زمني لنقل السلطة إلى إدارة مدنية منتخبة، فيما قام مصابو الثورة، الذين انضموا إلى المتظاهرين، للمطالبة بتوفير رعاية صحية لهم، بنصب خيامهم في الميدان للمبيت فيها، قبل أن تقوم الشرطة المصرية في ساعات مبكرة أول من أمس بمطالبتهم بفض الاعتصام. وعندما رفضوا، قام الأمن المركزي بفض الاعتصام بالقوة. ولم تمر ساعات على نجاح قوات الأمن في السيطرة على الميدان، حتى عاد التوتر مجدداً، إثر عودة مئات الشباب مرة أخرى إلى الميدان؛ لمحاولة إنقاذ زملائهم الذين تم إلقاء القبض عليهم، لتحدث عمليات كر وفر بينهم وبين قوات الأمن المركزي التي أخلت الميدان وتمركزت في شارع محمد محمود المؤدي إلى مبنى وزارة الداخلية لمنع وصول المتظاهرين إليه.وفي وقت متأخر من الليلة الماضية تجددت الاحتجاجات التي حاولت اقتحام مقر الداخلية ما أدى إلى اطلاق الغازات المسيلة من قبل الشرطة على المتظاهرين. ورداً على اتهام الشرطة المصرية باستخدام العنف المفرط في التعامل مع المتظاهرين أثناء فض الاعتصام، أكد مصدر أمني أن الشرطة «تعاملت بسياسة ضبط النفس مع المتظاهرين الذين حاول بعضهم استفزاز أفراد الأمن ورشقهم بالحجارة»، مؤكداً أنه «تم القبض على خمسة من مثيري الشغب بعد محاولتهم الاعتداء على أفراد الأمن المركزي». في هذه الأثناء، تعهَّدت حركة «شباب 6 أبريل الجبهة الديمقراطية » باستمرار اعتصام أعضائها إلى جانب آلاف المصريين بميدان التحرير. وحدَّدت الحركة في بيان أصدرته خمسة مطالب لإنهاء الاعتصام وهي «إقالة وزير الداخلية منصور عيسوي وإقالة الحكومة الحالية برئاسة عصام شرف وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتمتع بصلاحيات كاملة من دون تدخل من المجلس العسكري بعملها، وتحديد موعد لفتح باب الترشّح لانتخابات الرئاسة في موعد أقصاه أبريل المقبل، وإصدار مرسوم بقانون يكفل حق التظاهر السلمي». من جانبها قالت الحكومة المصرية، التي عقدت محادثات طارئة لعدة ساعات قبل ان تتوجه بكامل اعضائها الى مقر المجلس العسكري الحاكم لاجتماع اخر، انه لن يسمح باي حال من الاحوال بعرقلة عملية التحول الديمقراطي في البلاد. وتبادلت التيارات السياسية الإتهامات حول المسؤولية عن الأحداث الدامية، من أجل إفساد الإنتخابات. فاتهم التيار الإسلامي الليبراليين بالوقوف وراء العنف بعد إصراره على الإعتصام في الميدان. وقالت الجماعة الإسلامية إن "هناك أياديَ خفية تحاول إفساد الانتخابات وإشاعة الفوضى"، ودعت النشطاء السياسيين إلى "ترك الميدان لتفويت الفرصة على الذين يسعون إلى إيقاف مسيرة مصر الحضارية، ومحاولاتهم الدائبة لتخريب الانتخابات وإدخال البلاد فى الفوضى". من جهتهم، إتهم الليبراليون الإسلاميين بالتسبب في الأحداث، وقال شريف صادق من إئتلاف شباب الثورة ل"إيلاف" إن مظاهرات إستعراض القوة التي قام بها الإسلاميون في جمعة المطلب الوحيد غير مبررة، ولا تهدف سوى إلى إستعراض القوة، والدعاية الإنتخابية قبيل إجراء الإنتخابات البرلمانية في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، مشيراً إلى أن تلك المظاهرات جاءت في توقيت خاطئ، وتسببت في إشعال البلاد. وعودة العنف إلى الشارع المصري.( وكالات )