خابت توقعات ملايين اليمنيين كما الخارج من حكومة الوفاق الوطني التي ترأسها المعارضة مع نصف مقاعدها الوزارية ،في تكريس خطوات عملية لتوفير واعادة الخدمات الأساسية، في وقت تتركز اهتمامات اطرافها في دعم التصعيد الاحتجاجي والفوضى منذ أن تشكلت ترجمة لمبادرة الخليج والية تنفيذها الموقعة بالرياض في 23 نوفمبر الماضي بين الرئيس صالح وحزبه المؤتمر وحلفائه من جهة ،والمشترك المعارض وشركائه بقيادة الاخوان من جهة ثانية لإنهاء الأزمة الطاحنة للبلاد والعباد منذ مطلع العام . ومنذ تدشين الحكومة لمهامها ، تتفرغ أطراف في الحكم المشترك بتنفيذ إستراتيجية اللعب على الحبلين وانتاج وإعادة إنتاج الأزمات وبمساعي تحويل الفترة الانتقالية لفترة انتقامية لتصفية الحسابات عبر حالة من الاستقطاب ودعم التصعيد الاحتجاجي ميدانيا ونقل المعركة عبر أنصارها إلى داخل مؤسسات الدولة بطريقة ممنهجة مستهدفة إقصاء الخصوم في الوظائف الحكومية ومؤسسات الدولة والدفع نحو العنف المقوض لاتفاق التسوية، في وقت تتجاهل فيه انجاز أي خطوات عملية يلمسها اليمنيين في إعادة الخدمات الاساسية ، التي ينتظرونها كالكهرباء والماء والمشتقات النفطية والغاز المنزلي وتحسن الأمن والأسعار، لتطمينهم بحدودها الادنى على الأقل. وعادت أزمة الوقود والمشتقات النفطية مجدداً إلى العاصمة صنعاء ومختلف المدن اليمنية, وذلك في أعقاب تعرض أنبوب نفط مأرب لاعتداءات تخريبية جديدة مما أدى إلى توقف عملية تزويد مصافي عدن بالنفط الخام، كما لا يزال الظلام قائما في العاصمة ومحافظات اليمن على الرغم من تعهدات الوزير الاخواني بعشرة ايام لعودة التيار وانجاز اصلاحات الاعمدة التي استهدفت من قبل مسلحين خلال الفترة الماضية ، غير أن تلك الايام امتدت لعشرين وما يزال الوضع أكثر سوء وعلى المتظرر الشرب من البحر.. وتوقفت معظم محطات البترول في صنعاء عن تزويد السيارات والمركبات بالوقود, باستثناء بعض المحطات التابعة لشركة النفط الوطنية والتي كان لديها بعض الاحتياطيات جعلت السائقين يتقاطرون إليها في طوابير طويلة. وفي وقت سابق، حذّر مصدر مسؤول في مصافي عدن اليمنية من انعدام المشتقات النفطية من الأسواق المحلية نتيجة قرب نفاذ المخزون الاحتياطي للوقود في خزانات المصافي بسبب توقف إمدادات النفط الخام. وقال مدير عام مصافي عدن نجيب العوج، في تصريحات صحافية، إن المصافي متوقفة منذ 45 يوما بسبب توقف امتدادات النفط الخام الناتج عن تفجيرات خط الأنابيب في مأرب وشبوة وعدم تمكن الجهات المختصة من تأمينها وعودتها للعمل، وإنه يتم تمويل السوق المحلية بالمشتقات النفطية التي كانت مخزنة لدى المصافي والتي شارفت على النفاذ. ورأى مراقبون أنه إذا لم تتم معالجة الوضع سريعا فإن الأيام المقبلة ستشهد توقفا لمعظم المحطات الكهربائية والمصانع والمعامل والورش الإنتاجية، فضلا عن التأثيرات السلبية التي ستنعكس على أغلب السلع والخدمات. وكان النصف الأول من العام الجاري قد شهد أزمة خانقة في المشتقات النفطية بسبب تفجير أنبوب النفط في مأرب، وأدى انعدام الوقود والتزاحم عليه في بعض المحطات إلى سقوط قتلى في عدد من المدن اليمنية وخصوصا تلك القريبة من المناطق القبلية المسلحة. كما أن أزمة الوقود السابقة أدت إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات لم يتراجع كالعادة برغم انتهاء الأزمة على مدى الأشهر الأخيرة وحتى مع استعادة الريال اليمني عافيته أمام العملات الأجنبية. وفي حين اعتقد الكثيرون أن الأزمة لن تعود مجددا بالنظر إلى أن الحكومة اليمنية مستفيدة من توفيره بعد أن رفعت أسعار البنزين بنسبة 150% فإن الحديث عن أزمة قادمة أثار جدلا واسعا لدى الأوساط السياسية والاقتصادية اليمنية والذين ذهب البعض منهم إلى التشكيك بحقيقة الأزمة. ونقل موقع "العربية نت" عن الناشط في حزب الإصلاح الحاكم رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بصنعاء مصطفى نصر ، القول "إنه فعلا هناك اختناقات كبيرة في عملية نقل مواد الخام واستقبالها وهناك أيضا الوضع السياسي الراهن غير المستقر والوضع الأمني، وهناك سبب آخر هو تعمد إفشال جهود حكومة الوفاق التي ترأسها المعارضة في استقرار وتوفير الخدمات الأساسية وأبرزها المشتقات النفطية". وطالب الحكومة بشفافية كاملة مع المواطنين فيما يتعلق بالخدمات الأساسية للناس وأبرزها المشتقات النفطية. أما القيادي في حزب المؤتمر الحاكم محمد المطوع فرأى أن الحديث عن جانب سياسي للأزمة يشمل مبررات تسوقها أحزاب اللقاء المشترك للتغطية على أي إخفاق في توفير احتياجات الناس بعد أن أصبحت شريكة في الحكم وترأس الحكومة. وأشار في إلى أن الأزمة من بدايتها ناجمة عن أعمال تخريبية وتفجيرات متكررة لأنبوب النفط من قبل مسلحين قبليين تابعين لأحزاب اللقاء المشترك.