سيطرت القوات النظامية السورية مدعومة بمقاتلين من "حزب الله" أمس، على مدينة القصير الاستراتيجية (وسط)، بعد أكثر من سنة من الحصار المفروض عليها، ومعارك طاحنة منذ أكثر من أسبوعين مع مسلحي المعارضة - تحالف اسقاط النظام من الجيش الحر والنصرة التابع للقاعدة وعديد من التنظيمات الجهادية في مقدمتها الاخوان. وتعهدت القوات النظامية ب"سحق الإرهابيين" أينما كانوا في سوريا، وأكدت المعارضة السورية في المقابل أن "الثورة مستمرة" وأن "النصر لأصحاب الحق" . وبسقوط القصير، لم يبق بين أيدي مقاتلي المعارضة في ريف حمص الجنوبي إلا قرية البويضة الشرقية الصغيرة الواقعة شمال القصير، التي لجأ إليها المقاتلون والناشطون والمدنيون والجرحى المنسحبون من المدينة بالآلاف، وقد يسهل هذا التطور العسكري، حسب خبراء، توجه النظام نحو مدينة حمص وريفها الشمالي حيث لايزال مقاتلو المعارضة يحتفظون ببعض المعاقل المحصنة . وأعلنت القوات النظامية "إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة القصير وتطهيرها من رجس الإرهابيين بعد سلسلة من العمليات الدقيقة الناجحة التي نفذتها في المدينة وفي القرى والبلدات المحيطة بها"، مشيرة إلى "مقتل عدد كبير من الإرهابيين واستسلام البعض الآخر وفرار من تبقى"، وتوعدت بأنها "لن تتوانى في ضرب المسلحين أينما كانوا" . وبثت شاشات التلفزة السورية واللبنانية القريبة من النظام، صوراً من داخل المدينة ظهر فيها دمار بالغ ودبابات وجنود، من دون أي أثر لوجود مدني، وقال أحد ضباط الجيش النظامي "نعلن مدينة القصير مدينة آمنة وندعو الأهالي للعودة إلى منازلهم" . وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اقتحام المدينة تم "بعد غطاء كثيف من القصف استمر منذ الليل حتى الفجر"، مشيراً إلى أن مقاتلي المعارضة "قاتلوا حتى الرمق الأخير" . وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن "مقاتلي المعارضة انسحبوا بسبب نقص الذخيرة"، وأشار إلى أن مجموعات من المقاتلين انسحبت في اتجاه بلدتي الضبعة والبويضة الشرقية في الريف الشمالي للقصير، في حين انسحب بعض المقاتلين في اتجاه بلدة عرسال شرقي لبنان . وقال بيان لمقاتلي المعارضة إنهم انسحبوا ليلاً من القصير "بعد مذبحة ارتكبها الجيش السوري ومقاتلو حزب الله اللبناني أسفرت عن مقتل المئات" . وأضاف "في وجه هذه الترسانة المرعبة ونقص الإمدادات وتدخل سافر من حزب إيران اللبناني أمام سمع العالم وبصره، هذا العالم المنافق الذي لم يستطع حتى على فتح ممرات إنسانية للمدنيين، نعم هذا كان مطلب المقاتلين فقط فتح ممرات إنسانية للمدنيين، ولكي تكتمل الملحمة أبى بعض الفدائيين إلا أن يحموا ظهر إخوانهم فبقي العشرات منهم في أطلال المدينة ليؤمنوا انسحاب إخوانهم مع المدنيين ويصدوا هجوم مغول العصر الذين شحذوا سكاكينهم لذبح الأطفال والنساء" . وتابع "نعم إخواني إنها جولة خسرناها ولكن الحرب سجال ونحمد الله أن هيأ لأبطالنا أن يؤمنوا خروج المدنيين والجرحى، ونسأل الله الثبات لأولئك الفدائيين الذين أقسموا على الموت على ثرى القصير الحبيبة" . واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، أن ما حدث في القصير مؤشر على تزايد "التورط المباشر لإيران وحزب الله"، وحذّر من احتمال أن يشكل تهديداً مباشراً على استقرار لبنان . وهنأت طهران، على لسان نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان "الجيش والشعب السوريين بالانتصار على الإرهابيين التكفيريين في مدينة القصير" . (وكالات)