قرب سيارات محروقة ودمار واضح على الأرض ومحال تجارية أغلقها أصحابها خشية تجددّ العنف، تصرخ جمالات سعيد في فزع "الإخوان يروّعوننا . . كلّما مروا بمنطقتنا حل بها الخراب والدماء والقتل" . وتضيف هذه المرأة الأربعينية بغضب شديد "الاثنين الماضي هجموا علينا بالرصاص في ميدان الجيزة . تركنا بيوتنا وهربنا في فزع"، معبرة بذلك عن شعور الكثير من المصريين الذين أخافتهم أعمال العنف التي تنسب إلى أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين . ويضيف الشاب مصطفى عبد العظيم "الإخوان قتلوا قهوجياً في ميدان الجيزة . هم يعادون الجميع . هناك ثأر لهم في حي المنيل والآن في الجيزة" . وكانت لقطات فيديو أظهرت قبل فترة مناصرين للرئيس المخلوع وهم يلقون بفتى من فوق إحدى البنايات في ضاحية سيدي جابر الإسكندرية، وفي فيديو آخر ظهر قيادي إخواني وهو يضرب بقسوة شديدة طفلاً صغيراً للاشتباه في أنه من معارضي مرسي، إضافة إلى صور لأشخاص تعرضوا للضرب المبرح أو التعذيب على يد الإخوان . ويثير اعتصام الآلاف من أنصار مرسي في منطقة مسجد رابعة العدوية شرق القاهرة نقمة سكان هذه المنطقة الذين تقدموا ببلاغات للنائب العام ضده . وتهدد تلك السلوكيات السلم الاجتماعي في مصر وتثير أزمة تعايش حقيقية بين أنصار مرسي من الإخوان وشرائح واسعة من الشعب المصري الذي أصبح لدى الكثير من أفراده عداء شخصي تجاه الجماعة . من جانبها ترتدي جماعة الإخوان ثوب الضحية لنفي سلوك الجلاد المؤكد بكثير من الوقائع والشهادات . وتنفي الحركة تعرّضها لغضب شعبي وتدعي أن الذين يهاجمون مسيراتها عبر البلاد هم بلطجية مأجورون . وقال محمد زيدان الناطق باسم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان، إن "كلمة الأهالي مغلوطة . . الأهالي الشرفاء في صفنا وينضمون لمسيراتنا"، وتابع "من يهاجموننا بلطجية مأجورون من قبل الأمن المصري . . هذا شيء واضح للغاية" . وفي اعتصام مؤيدي مرسي في النهضة والذي تقلص عدده لنحو ألفي معتصم على الأكثر، قال الطبيب الملتحي مروان الكاشف "من يعتدون علينا إما بلطجية وإما شرطة في زي مدني . الأهالي لا يعتدون علينا"، ويقول الرجل الملتحي عدلي جلال إن الذين يقومون بالاعتداءات هم "من فلول نظام مبارك ومنتفعون من الفساد"، وفي تجاهل تام لواقع شاهده ملايين البشر فوق وجه الأرض، يقول إنه "مؤمن أن مصر كلها تساندنا . أعدادنا تزداد كل يوم" . لكن شهود العيان، ينفون هذه الرواية عن البلطجية . وتؤكد ليلى سويف "كل من كان في ميدان الجيزة كانوا أهالي عاديين وشباب بسطاء"، وتابعت "شعرت بالقهر تجاههم، لم يكن معهم سلاح ولم يكن هناك جيش أو شرطة تحميهم" . وفي حي الدقي غرب القاهرة الذي اعترض الأهالي فيه مسيرة مؤيدة لمرسي الثلاثاء، قال صاحب مقهى "نحن من أوقفنا المسيرة . نحن الأهالي ولسنا بلطجية . لن نتركهم يمرون أبدا لأنهم يدمرون البلاد" . وفي حي المنيل في القاهرة الذي يؤكد سكانه إن الإخوان قتلوا سبعة منهم في اشتباكات قبل نحو أسبوعين ويتوعد الأهالي بالانتقام وينظمون أنفسهم للتصدي لأي مسيرة إخوانية تقترب من حيهم . وخلال اشتباكات عنيفة في حي غاردن سيتي الراقي القريب من ميدان التحرير في القاهرة، الاثنين الماضي، تعاون الأهالي مع معارضي مرسي في مطاردة أنصار الأخير . وقال حارس عقار في المنطقة "الخرفان (يقصد الإخوان) حاولوا الاختباء عندي . بكوا وقالوا لي إحنا مسلمين، أنقذنا أنقذنا"، لكن الحارس سلمهم للغاضبين . ويقول سائق التاكسي إبراهيم عبد المجيد "لا أبالي إطلاقا لو تعرض الإخوان للقمع والتنكيل . . هم يفعلون ما هو أسوأ من ذلك بنا"، وبغضب حاد يقول الطالب الشاب احمد محمد "كما تدين تدان . هم يذوقون من نفس الكأس التي أذاقوها للمصريين من عنف وبطش" . وهذا ما يفسر دعوات بعض السياسيين إلى المصالحة .