التناولات التي قرأتها حتى الآن حول تعيين محافظ لمحافظة عمران.. وبما يحمله المحافظ المعين "شملان" من رمزية وخلفية سياسية باعتباره أحد صقور المؤتمر الشعبي العام وقربه من رئيسه الزعيم صالح وخلفيته الأمنيه وخبرته الادارية .. كل تلك التناولات تميزت بالسطحية والعفوية والمباشرة في الطرح .. إذ ان الاعتقاد أن تجمع الاصلاح سيتخلى عن موقع بحجم محافظة عمران بهذه السهولة خصوصاً وهو يعتبر هذا الموقع أحد ثمار حراكه السياسي والتنظيمي العام 2011م .. وبما تمثله محافظة عمران من عمق قبلي وسياسي ودلالات جيوسياسية وابعاد تاريخية في الصراع على حكم صنعاء "هو اعتقاد خاطيء".. ف تجمع الإصلاح يدرك جيداً أن استمرار دماج في منصبه يعني استمراراً لخسائر التنظيم لصالح جماعة الحووثي.. كما أن استبداله بمحافظ اخواني لن يحل المشكله قدر ما يفاقمها ويراكم فاتورة خسائره .. كما أن الاعتقاد بأن أولاد الشيخ الأحمر والجنرال علي محسن اقروا بخسارتهم في معركة السيطرة على عمران بعد تهاوي معاقلهم في العصيمات والخمري ودنان.. وأنهم هؤلاء قرروا أو اجبروا على الخروج من المعادلة وبالتالي لم يشركوا في مباحثات اختيار المحافظ الجديد لعمران "هو ايضاً اعتقاد خاطئ" .. فأبناء الشيخ خسروا جولة لكنهم يدركون تمام الادراك ان التسليم بنتائجها وخروجهم من المعركة يعني الخروج تدريجياً ونهائياً من المشهد السياسي، لما تمثله المحافظة من عمق استراتيجي قبلي وسياسي بالنسبة لهم.. من هنا جاء تعيين محافظ مؤتمري لعمران.. في محاولة ذكية ومدروسه لإعادة تشكيل المشهد في المنطقة التي تشهد اعنف درجات الصراع والاستقطاب السياسي بين جماعتي الحوثي والاخوان .. بينما يكتفي المؤتمر الشعبي العام صاحب القاعدة الشعبية والقبلية الأكبر بدور المتفرج وأحيانا المتشفي من طرفي ذلك الصراع ،، ما يعني ان خطوة تعيين شملان (بما يمثله الرجل من ارتباطات) هو محاولة للزج بالمؤتمر الشعبي العام في اتون المواجهة المحتدمة.. وضد خصم واضح ومحدد المعالم يسعى لمد نفوذه في المحافظة المتاخمة لمحافظة صعده فيما يعتبره فرصة لن تتكرر بالنظر للضعف الذي تمر به الدولة وبغض النظر عن الخسارة التي قد يدفعها في صفوف عناصره أو الاخطار التي قد تتهدد الوطن،، ابقاء القائد العسكري القشيبي (الموالي للإخوان والاحمر) في موقعه يؤكد النظرية التي اشير اليها.. ومغزاه ابقاء بؤرة التوتر قائمة وممكنات تجدد المواجهات حاضرة في اي وقت.. ما يجعل المحافظ الجديد أمام اختبار صعب في الانتصار لهيبة الدولة وفرض القانون ومواجهة هذه التركة واحتواء الجنوح الحوثي نحو التوسع ،، وخلاصة القول أن تعيين محافظ عمران كان قراراً ذكياً أشرك تجمع الاصلاح وأولاد الاحمر والجنرال محسن في اتخاذه (خلافاً لما قالته صحيفة الاولى) .. بينما ابتلع المؤتمر الشعبي العام القرار بحسن نيه وطيب خاطر .. وقريباً جداً سيجد المؤتمر نفسه وجه لوجه مع الحوثيين.. ولن يكون أمامه من خيار الا الانتصار لمبادئه وثوابته.. التي هي امتداد للثوابت الوطنية ومسيرة التنظيم التي اختطها منذ انشاءه في الانتصار لقيم الثورة والجمهورية والوحدة .. ما قد يمهد لتحالفات جديدة بين خصوم 2011.. ويجعل البلاد كلها أمام مشهد جديد تفرضه حسابات كل الاطراف داخلياً وتطورات الاوضاع اقليمياً ودولياً. وسلامتكم عن صفحة الكاتب