استفاق اليمنيون على وقع عمليتين إرهابيتين انتحاريتين في العاصمة صنعاءوالمكلا بحضرمون ، حصدت أروح العشرات بغالبيتهم من مدنيين وأطفال، ليخيم الحزن على اليمن فيما وصف بالخميس الدامي ، في وقت لا يزال فيه الغموض السياسي قائما حول بدء مشاورات جديدة بين القوى السياسية والرئاسة اليمنية لاختيار رئيس للحكومة وفق اتفاق الشراكة واشتراطاته بعد نزع فتيل انفجار أزمة قرار الرئيس هادي بتسمية مدير مكتبه للمنصب ، بالتراجع عنه. وشهدت العاصمة صنعاء صباح الخميس ، قيام انتحاري يحمل حزام ناسف بتفجير نفسه في حشود تظاهرة سلمية دعت اليها جماعة أنصار الله "الحوثيين" بشعار رفض الوصاية الأجنبية ، في ميدان التحرير ، وراح ضحيته 47 شهيدا بينهم أطفال فضلا عن إصابة اكثر من 150 جريحاً . وبالتزامن شن انتحاري بسيارة مفخخة هجوما استهدف ثكنة للجيش في منطقة الغبر بلدة بروم على المدخل الغربي لمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت مما أدى إلى إستشهاد عشرين جنديا ، واصابة 13 اخرين، بالإضافة إلى تدمير دبابة وعربتين. ولم تعلن أي جهة حتى اللحظة مسئوليتها عن الهجومين الداميبن اللذين أثارا غضب الشارع اليمني ، مع دعوات موجهة لجميع الفرقاء السياسيين من جميع المكونات والاحزاب الي سرعة التوافق على شخصية رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة الجديدة بحسب المعايير التي تضمنها اتفاق السلم والشراكة الوطنية ولما فيه مصلحة البلاد. وفي حين إجمعت مواقف الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية على الادانة ، ذهبت تفسيرات إلى تأكيد تورط أطراف داخلية بإرتباطات خارجية في إطلاق يد عناصر الارهاب ودعم تحريك نشاطاتها وبقوة ، بمسعى إلى خلط الاوراق ونقل واقع الصراع السياسي الحالي في اليمن إلى صراع طائفي. وإذ اعتبر حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح في بيان ادانه مع حلفائه من احزاب التحالف الوطني الديمقراطي ، تلك الاعمال الارهابية إنما هو جزء من مخطط إطالة امد الازمة في اليمن ووضع مزيد من العراقيل امام الشعب المتطلع للخروج من هذه الازمة بانتهك السلم العام ، حمل بذات الوقت اللجنة الاجهزة المختصة المسؤولية الكاملة عما حدث من انفلات أمني سهل تحرك الانشطة الارهابية .. مطالبة بسرعة تعقب الجناة والقبض عليهم وتقديمهم الى العدالة ، مغتبرا أن الاعمال الارهابية المدروسة لن تثني الشعب اليمني عن مواصلة سيرة نحو اهدافه المشروعة في الامن والاستقرار والتنمية واعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة. وسارع إخوان اليمن -حزب التجمع اليمني للاصلاح -في بيان إدانة - إلى المطالبة بسرعة ملاحقة المتورطين في تلك الحوادث الارهابية وضبطهم وفتح تحقيق عاجل في تلك الجرائم التي قال أنها تستهدف الامن والسلم الاجتماعي واعلان النتائج للرأي العام، داعيا اليمنيين والقوى الوطنية الى ادانة ظاهرة العنف بكافة اشكاله المادية والمعنوية ورفض كل الاساليب التي تؤدي الى العنف وعزل كل من ينتهجها شعبيا ووطنيا، مشددا على ضرورة تعاون كافة القوى من اجل تنفيذ اتفاق السلم والشراكة وتفويت الفرصة على من يسعون لجر البلاد نحو المجهول. وعزز الحزب الاشتراكي اليمني في بيان له بالمطالبة بضرورة فتح تحقيق عاجل في تلك الجرائم الارهابية ومحاسبة المجرمين الذين قاموا بهذه العمليات وتقديمهم للعدالة واعلان النتائج للرأي العام. مجددا دعوته بضرورة السير الى الامام والاسراع بتشكيل الحكومة وتسمية رئيس رئيسها والبدء بوضع اليمن على طريق تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتحقيق الاستقرار، محذرا من أن الاعمال الاجرامية التي تؤدي الى قتل الابرياء, قد تنسف العملية السياسية برمتها ، وتجر البلاد الى مربع العنف. بدورها اعلنت جماعة انصار الله "الحوثيين" موقفها السياسي من المجزرة الإرهابية ، معتبرة ان "الاستباحة السافرة لدماء اليمنيين تضع كل القوى والنخب الفكرية والعلمائية والإعلامية والأكاديمي أمام مسؤولية تاريخية ووطنية كبيرة بتجاوز الإدانات والشجب الى التصدي بحزم لكل مشاريع الارتهان والعمالة وكل ما يتصل بها من مؤامرات ، والعمل كلا من موقعه على تعقب خيوطها وعناصرها التدميرية بما يحقق إجتثاثها واستئصال شأفتها ، ومحاسبة كل المقصرين والمتواطئين معها ". ونبه بيان أصدره المجلس السياسي للجماعة بما قال انها "مؤامرة خارجية تسعى للعب بالورقة الأمنية" ، وقال :"إن مثل هذه الممارسات العدوانية واللا إنسانية إنما تكشف عن الوجه القبيح لمشاريع العمالة والارتهان ممن يسوؤهم إصرار شعبنا على امتلاك قراره السياسي ، وحماية مكتسباته الثورية ، والنهوض بكافة الإستحقاقات الموصلة إلى بناء الدولة اليمنية العادلة ، وفي مقدمتها تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي باتت تمثل مهددا حقيقيا لتلك المشاريع التي لا تعيش إلا في ظل الفوضى وعلى حساب الدماء والأشلاء ".مشيرا إلى أن" هذه الجريمة تقدم نفسها كنوع من ردة الفعل تجاه حالة التهاوي والإنهيار التي تعيشها الأدوات العميلة كل يوم بفعل يقظة ووعي الشعب اليمني العظيم ". وشدد المجلس السياسي لأنصار الله على ضرورة أن يحرص الجميع "على السير نحو إنجاح العملية السياسية ، وامتلاك وتحصين القرار السياسي اليمني ، والإسراع في إنجاز تشكيل الحكومة والعمل بجدية على إسنادها وإنجاح أعمالها ومهامها بما يحفظ لليمنيين أمنهم واستقرارهم وسيادتهم وكرامتهم ".