لا يزال المشهد الإنساني في اليمن على حاله، فموجة الكوليرا لم تنحسر والضحايا في تزايد مضطرد، والعدوان الذي يشنه تحالف بقيادة السعودية مستمر بجرائم الحرب والابادة وحصار التجويع الذي يفرضه لم يُرفع، فيما المجتمع الدولي ومنظماته لم تتحرر من سطوة المال السعودي وقلب الحقائق واعتماد موازين مختلة تدين الضحية وتتجاهل المعتدين على بلد وشعب. ومع استمرار وباء الكوليرا في التفشّي، اعلنت منظمة الصحة العالمية في اخر احصائية لها يوم أمس الجمعة 16 يونيو/حزيران 2017، ارتفاع عدد الوفيات بالوباء إلى ألف و28 شخصا، منذ عودة انتشار المرض في 27 أبريل الماضي، موضحة في تقرير، أنها سجلت حتى امس، 146 ألف و75 حالة اشتباه بالمرض، بينها 1028 حالة وفاة، في 20 محافظة يمنية. وتصدرت "محافظة حجة" شمال غربي اليمن، المحافظات الأكثر تضررا بالوباء، حيث سجلت وفاة 163 شخصا، تليها "إب" وسط البلاد، بواقع 142 حالة وفاة، ثم "عمران" شمال البلاد، ب 113 حالة وفاة. و"الكوليرا" مرض يسبب إسهالاً حادًا يمكن أن يودي بحياة المريض خلال ساعات، إذا لم يخضع للعلاج، ويتعرّض الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية، وتقل أعمارهم عن 5 سنوات بشكل خاص لخطر الإصابة بالمرض. ويتعرض اليمن لعدوان تحالف 16 دولة بقيادة السعودية والامارات ودعم واسناد الولاياتالمتحدة وبريطانيا منذ اكثر من عامين حصد ارواح عشرات الالاف من المدنيين من رجال واطفال ونساء وشيوخ في جرائم حرب متلاحقة بمختلف انواع الاسلحة واستهدف بالتدمير الممنهج للبنى التحتية والمنشآت المدنية الحيوية والاقتصادية والخدمية بما فيها المستشفيات والمرافق الصحية مترافقا مع فرض حصار تجويع شامل برا وبحرا وجوا منعا لتدفقات الغذاء والوقود والدواء ما تسبب بكوارث انسانية ومعيشية وصحية عاصفة بملايين اليمنيين لاسيما في المحافظات الوسطى والشمالية والغربية، وانعكاساته في انهيار الوضع الصحي في البلاد. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة «الإنقاذ» في صنعاء عبد الحكيم الكحلاني، إن «المرض لا يزال ينتشر ويزداد اتساعاً»، محذراً من تعاظم الكارثة الإنسانية نتيجة الفجوة الكبيرة بين الاحتياجات على الأرض والمساعدات الإنسانية من المنظمات التي تجد صعوبة في إرسال شحنات أكبر في وقت أقل. ووفق الخبراء والأطباء، فإن السبب الرئيسي لموجة الكوليرا الحالية، وهي الثانية في أقل من عام بعدما سبقتها موجة أولى انحسرت في آذار الماضي وحصدت 103 أشخاص، هو العدوان السعودي، الذي إضافة إلى عمليات القصف المنهجي لأهداف غير عسكرية، وبالأخص المصادر الاحتياطية لتغذية مياه الشرب ومخازن معدات الحفر والتنقيب، يفرض حصاراً برياً وجوياً وبحرياً منذ آذار 2015. وكان المتحدث باسم منظمة «يونيسيف» في اليمن، محمد الأسعدي، قد أشار في تصريحات إلى أن «نصف حالات الإصابة بالكوليرا هي من الأطفال»، مؤكداً أن الكوليرا واحد من الأوبئة التي «يمكن تجنّبها»، لكنه في ظل الحرب والحصار يتسبّب في «موت طفل يمني دون الخامسة كل عشر دقائق». ورغم وجود علاج، من المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا بصورة كبيرة نتيجة تواصل الغارات الجوية للعدوان، إضافة إلى منع وصول المساعدات الإنسانية (ثلث المحافظاتاليمنية على شفير المجاعة). ووفق أحدث الإحصاءات الرسمية، تمّ تدمير أكثر من 307 خزانات وشبكة مياه بغارات التحالف الجوية، إضافة إلى مئات الآبار، الأمر الذي ترك أكثر من 85% من السكان يعانون من أجل الحصول على المياه للشرب والاستحمام، طبقاً للأمم المتحدة.