أقيمت الاثنين في تونس مراسم تأبين لستة عناصر من الامن التونسي قتلوا في هجوم هو الاعنف منذ سنتين، نفذه الاحد مسلحون قرب الحدود الجزائرية وتبنته "كتيبة عقبة ابن نافع" الجهادية، في حين توعد رئيس الحكومة يوسف الشاهد ب"الثأر". وجرى التأبين الجماعي في قاعدة الحرس الوطني بمنطقة العوينة في العاصمة تونس بحضور وزير الداخلية بالنيابة غازي الجريبي، ومسؤولين واقرباء، على ان تنقل الجثامين لاحقا الى اماكن سكن الضحايا. ولم يسمح لوسائل الاعلام بتغطية الحدث. وكان ستة عناصر من الأمن التونسي قتلوا الأحد في كمين نصبته "مجموعة إرهابية" في شمال غرب البلاد، بحسب ما أكدت السلطات. وجرى تشييع جنازة العنصر الامني الشاب العربي القيزاني في موكب تقدمه عناصر من الامن بسلاحهم، في منطقة دوار هيشر، الحي الشعبي القريب من العاصمة الذي شهد منذ سنوات عمليات توقيف جهاديين. وفي البيت الذي كان القيزاني بصدد بنائه وتجهيزه، انهارت والدته الارملة وهي تنتحب فوق النعش الذي لف بالعلم التونسي، بعد ان فقدت معيل العائلة الوحيد. وعقد اجتماع أمني الاثنين في قصر الحكومة بالقصبة برئاسة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وحضور وزيري الداخلية والدفاع الوطني، وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية "لمتابعة العمليات الجارية منذ يوم أمس لتعقب المجموعة الارهابية في المناطق الجبلية الحدودية اثر العملية الغادرة"، وفقا لبيان رئاسة الحكومة المنشور على صفحة الحكومة على موقع فيسبوك. وفي اول تعليق على العملية، قال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في بيان وصلت الى فرانس برس نسخة منه "سنثأر لابنائنا في اقرب وقت ولن يهدأ لنا بال حتى نقضي نهائيا على الارهابيين"، مضيفا "الحرب على الارهاب طويلة المدى، ربحنا فيها معارك مهمّة، وكسبنا جولات كبيرة، لكن بعض المجموعات اليائسة والمعزولة قامت اليوم بهذه العملية الغادرة". ونفذ العشرات من رجال الامن في محافظة سيدي بوزيد (وسط) وقفة احتجاجية وسط المدينة للتنديد بالهجوم مطالبين السلطات بتزويدهم بالمعدات، وفقا لمراسل فرانس برس. وقال الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني العقيد حسام الدين الجبابلي لفرانس برس إن ثلاثة جرحى من الامنيين نقلوا الى المستشفى العسكري في تونس و"حالتهم مستقرة"، مؤكدا ان عمليات التمشيط والبحث التي انطلقت الاحد كانت لا تزال مستمرة الاثنين. وأعلنت "كتيبة عقبة بن نافع" مسؤوليتها عن العملية. والكتيبة هي الجماعة الجهادية الرئيسية في تونس، وهي مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. - أزمة سياسية - ومن المحتمل ان يعمق الهجوم الازمة السياسية التي تمر بها البلاد، خصوصا ان رئيس الحكومة وجّه انتقادات سابقة شديدة لحزبه ولرئيسه حافظ قائد السبسي. ونددت احزاب تونسية ومنها حزبا "النهضة" و"نداء تونس" ومنظمات ونقابات بالهجوم. وقال حزب "نداء تونس" في بيانه الذي وقعه حافظ السبسي، نجل الرئيس التونسي، "معركة بلادنا ضد الإرهاب التي طالما أكدنا أنها معركة طويلة وشاقة تتطلب دعم المؤسسة الأمنية والعسكرية بعيدا عن كل التجاذبات السياسية والحسابات الفئوية الضيقة". بينما دعا حزب "النهضة" الى "التمسك بالوحدة الوطنية وتعزيزها". وكان الشاهد أقال مؤخرا وزير الداخلية وعشرات المسؤولين في الوزارة من دون أسباب معينة معلنة. وهي العملية الأولى التي تتعرض فيها القوى الأمنية لهذا الحجم من الخسائر منذ عامين، رغم المواجهات المتكررة في مناطق عدة بينها وبين مجموعات مسلحة مؤلفة عادة من إسلاميين متطرفين. ويأتي الهجوم بينما تستعد تونس لموسم سياحي تتوقع السلطات ان يسجل "نهوضا فعليا" للقطاع مع استقرار الاوضاع الامنية. مع العلم ان اعتداء الاحد حصل في منطقة نائية نسبيا وغير مقصودة من السياح. ويعود آخر اعتداء بهذا الحجم الى آذار/مارس 2016 ووقع في بن قردان (جنوب) عندما استهدف جهاديون مقارّ أمنية. وتسبب الاعتداء في حينه بمقتل 13 عنصرا من القوى الأمنية وسبعة مدنيين، فيما قتل 55 جهاديا على الاقل. ولا تزال حال الطوارئ سارية في تونس منذ الاعتداءات الدامية التي وقعت في 2015، عندما استهدفت اعتداءات متحف باردو في العاصمة، وفندقا في سوسة مخلّفة ستين قتيلا بينهم 59 سائحا اجنبيا. وتقول السلطات انه تم إضعاف الجماعات المسلحة من خلال عمليات "استباقية" بتوقيف وقتل افراد منهم. وسُجّل خلال السنتين الماضيتين تحسن في الوضع الامني في البلاد. وأفاد الباحث مات هيربيرت انه منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي في 2011 "قتل على الاقل 118 جنديا في شمال غرب (تونس) وجرح 200"، مبينا في تقرير نشره نهاية حزيران/يونيو الفائت "ان غالبية القتلى في صفوف القوات الامنية سقطوا في هذه المنطقة". وقال الباحث لفرانس برس "يكشف الهجوم الجديد انه لا تزال هناك مخابئ ولم تتم معالجة المشاكل الامنية"، مع تأكيده ان "غالبية (المناطق) في تونس آمنة".