تابعت على مدى ثلاثة ايام ردود الافعال اليمنية ومتابعي الشان اليمني حول الفيلم الذي عرضته قناة الجزيرة عن " كتائب ابو العباس" وعلى الرغم ان المتابع العربي من ادناه الى اقصاه اصبح يدرك ان السياسة التحريرية لقناة الجزيرة لم تعد بنفس عربي بل اصبحت اداة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في تدمير الوطن العربي وتماهت مؤخراً مع المشروع الفارسي في المنطقة، الا ان ردة الفعل اليمنية تجاه هذه القناة تجاوزت هذا المفهوم في ظل الوعي للمتابع اليمني والذي اصبح ينظر للقناة كمعول هدم في اليمن يتجاوز المصلحة الوطنية الى مصالح الجماعة واهدافها وصراعاتها في المنطقة. ردة الفعل هذه المرة لم تكن فقط من صفوف من كشفوا القناة في وقت مبكر وكنا يومها جزء من هذا الفريق الذي كشف نوايا الإخوان ومخططاتهم في اليمن، بل تجاوزت ردة الفعل لتصل الى اطراف اخرى كانت ذات يوم تدافع عنها او كانت شريكة في شهادات او استقصاء او اخراج وهو ما يعني ان حالة الوعي الجماعي والمجتمعي حول القناة وسياستها ومحرروها قاب قوسين او ادنى. وعلى الرغم من محاولة جمال المليكي وهو عضو بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين الخروج عبر حصاد الجزيرة او عبر صفحاته الشخصية لاحتواء ردة الفعل او تبرير عملة او شرح للتساؤلات والإنتقادات الا انه فشل في اقناع اصدقائه قبل خصومه. لم يستطع المليكي هذه المرة ان يخفي الحقائق التي ظهرت على بصمة العمل وحولت الفيلم الى مجرد سقوط اعلامي ومهني يتجاوز التوقعات و يحول الفيلم الى شهادة زور مسيسة رغبة لصراعات اقليمية. الحقائق الصادمة التي كشفها المتابع اليمني وكشفها شركاء العمل للمليكي كانت صادمة للقناة و للجمهور اليمني و للمليكي بذاته الذي حاول استخفاف المتابع فعجز امام وعي قادر على تمييز الخيط الابيض من الخيط الاسود. ردة الفعل المعاكسة للمليكي وطاقم القناة على ردة الفعل الشعبية كانت صادمة فالمليكي ادرك بعد اليوم انه لم يعد بمقدورة تقديم اي "بضاعة مزجاه " او كيل بعير من افلامه المفبركة والتي حاول تسويقها على حساب قضايا الوطن والمواطن ومقابل ثمن بخس ريالات معدودة. وبالعودة الى الحقائق لم يستطع المليكي اخفاء الوجه الإخواني في فلسفة الفيلم او رسائله اذ تعمد الى لغة خطاب تنطلق من حقيقة صراع بين توجهين اخواني وسلفي ولكنها لغة لم ترتقي الى واقع الهدنة المبرمة بين الطرفين ولم تنصف حقيقة الامتثال السلفي لتوجيهات الرئيس والمحافظ مقابل رفض اخواني واضح تنفيذاً لتوجيهات تركية قطرية لارباك المشهد وخدمة لاجندات ايران والحوثي في المحافظة، هذه اللغة الإخوانية الموجهه كانت محط استهجان واستنكار شعبي لدى معظم ناشطي ومثقفي تعز والذين عجز المليكي على مدار 3 ايام بالإجابة على تساؤلاتهم وفي مقابل ذلك فقد واجه ابو العباس والسلفيون الفيلم بصمت يتجاوز حالة النباح وتركوا الحديث للناس كشهود لا تستطيع الجزيرة او المليكي شراء ذممهم او شهاداتهم. بيد ان محاولة اخفاء طابع الصراع القطريالاماراتي لم تنجح هذه المره فقد شن المليكي على لسان قطر هجوما على الامارات والتحالف بقيادة السعودية وهو ما قوبل بردة فعل سلبية اذ ظهر المليكي والجزيرة في محاولة فاشلة استثمار الملف اليمني في صراعات المقاطعة الخليحية القطرية وهو امر يرفضة الشارع اليمني وذلك لمكانة التحالف العربي خصوصا السعودية والإمارات ودورهما الايجابي في مواجهة الانقلاب ودعم الحكومة وخطط الاستجابة مقابل وقوف قطر في الجهة الاخرى وتسخير امكاناتها لدعم الانقلاب والمشروع الايراني في المنطقة. وفي الحقيقة لسنا هنا في محظر الدفاع عن ابو العباس او التحالف او تبرئة احد ففي اي عمل او ظرف هناك ملاحظات على اي اداء لكنها يجب ان تكون ملاحظات بناء تحت سقف الوطن وثوابته في استعادة نظامه الجمهوري، ولكن دعونا نوصلها رسالة للجزيرة و كادرها اليمني الذي حسم خياره في مصالحه ومصالح قطر وتوحهاتها على حساب اليمن ومصالحه واهدافه التحريرية، لنقول لهم انه لم يعد هناك من خيارات للرمادية، هناك وطن يصارع الانقلاب مدعوم بتحالف عربي مزجت دماؤه بدماء ابنائنا و هناك مال قطري مدنس يستطيع شرائكم لدعم خططه وتجميل الانقلاب وتحقيق مآربه لكنه لن يستطيع شراء ذاكرة شعب او صمود وطن قدم ابنائه في جبالها وسهولها، في حين قدمتوا انفسكم كبضاعة رديئه بثمن بخس في ارصفة الدوحة ومبررين ذلك بسطور مظلمة من تاريخ الاخوان وسجلهم الاسود في خيانة الاوطان. وعلى كل حال فقد كان رد السلطة المحلية بتعز وصحيفة الجمهورية وبعض الشهود كممدوح الحميري كافيا" لان يظهر الوجه الحقيقي للقناة لمن كان لم يزال في شك من امرها، كما ان الضيافة التي حظي بها صدام الحريبي وهو مساهم في اخراج وانتاج الفيلم في ضيافة الحوثيين كشفت عن بعض من خيوط اللعبة والتماهي وتجعلنا نتجاوز عناء البحث او السرد او الشرح لتوقيت الاتصالات التي وردة في الفيلم او الوثائق او الهويات المزورة للاشخاص او الشهادات المقتطعة في سياق الفيلم. ولعل من يقرا "ويل للمصلين" للشاهد ممدوح الحميري الذي اقتطع المليكي شهادته وفقا" لتوجهه وتوجه القناة بالاضافة الى التضليل الممارس اثناء اعداد الشهادات وايهام الشهود بتسجيل شهادات حقوقية كاملة خول وضع تعز لمنظمات حقوقية ثم اقتطاع مايريدون للجانب الاعلامي سيدرك كم كان المليكي عاجزا" في الراي والراي الاخر وكم كان بارا" للريالات القطرية ومطيعا لها. واخيرا" وعلى الرغم من حالات الفشل وردة الفعل السلبية للفيلم فقد اضاف واقع الانشغال العالمي بجمال خاشقجي حالة فشل اخرى، وهكذا كان " لرب موسى مالم يرده السامري" .